التهاب الزائدة الدودية أحد الحالات الطبية الحرجة التى تستدعى تدخلا جراحيا عاجلا. إذ إن علاجها الوحيد هو استئصالها. المحير فى الأمر هو تشخيصها، فكثيرا ما يحدث أن يستدعى الجراح للجراحة العاجلة ويفاجأ فى عملية الاستكشاف بعد فتح البطن أن الزائدة الدودية ترقد وديعة خاملة فى مكانها وأن للألم سببا آخر وأن الاشتباه فى غير موضعه وأن الاتهام لم يصادف أهله.
قد تكون تسميتها هى أصدق وصفا لها. فهى زائدة عن حاجة الأمعاء الغليظة التى تخرج منها. لا أحد يعلم حتى الآن إذا ما كانت لها وظيفة فعلية أم أنها مجرد زائدة لا يزيد طولها عن ثلاثة سنتيمترات ونصف من النسيج الليمفاوى. ترقد كامنة بين طيات الأمعاء فى تجويف البطن. لكن المؤكد فيما نعرفه عنها أنه يمكننا العيش بدونها دون أى تداعيات تذكر.
قد ينقضى عمر الإنسان فلا تبدى الزائدة الدودية حراكا لكنها فى حالات كثيرة تلعب دورها الوحيد الذى يؤدى للتخلص منها على الفور إذا لم تخدع الإنسان قبل أن يتنبه لها.
تشريحيا: الزائدة الدودية أنبوب مفتوح من ناحية الأمعاء مسدود من الطرف الآخر. إصابة الزائدة بأى عدوى ميكروبية يحولها لجيب ملئ بالخطر يبدأ بالالتهاب الذى يعلن عن نفسه بألم داهم ينتاب الإنسان فى موضعها أسفل الجانب الأيمن من البطن. إذا استشرت العدوى قبل استئصال الزائدة فإنها إما تنفجر أو تنثقب لتقذف بكل ما فيها فى تجويف البطن الأمر الذى يشعل النار فى الهشيم إذ تنتشر العدوى بسرعة إلى الأمعاء بكاملها والغشاء البريتونى الذى يحتويها الأمر الذى قد يودى بحياة الإنسان إثر تلك الصدمة المباغتة.
وقد تحتوى الزائدة العدوى ومعركة الميكروبات داخلها فتتحول إلى حويصلة مليئة بالصديد أو خراج. وفى كلتا الحالتين فالأمر يحتاج لجراحة عاجلة تدرأ خطرا سببه مستصغر الشرر.
لماذا تلتهب الزائدة الدودية؟
التهاب الزائدة الدودية يمكن أن يحدث فى كل الأعمار لكنه لا يحدث قبل السنة الثانية من عمر الطفل كما يندر عند كبار السن. ويرى كثيرا بين سن العاشرة إلى سن الثلاثين فى معدل متساو بين الرجال النساء.
تلتهب الزائدة الدودية حينما يحدث ما يتسبب فى انسدادها. ربما بجسم غريب فى الأمعاء ينحشر فيها، أو كتلة جافة من نتاج الهضم «البراز»، أو نشاط سرطانى. هناك العامل الغالب أيضا: العدوى نظرا لأن نسيجها فى الأصل نسيج لمفاوى فإن العدوى تسبب التهابه وانتفاخه الأمر الذى يتسبب فى إغلاق طرفها المفتوح تدريجيا وانسداده.
أعراض التهاب الزائدة الدودية
ـ العرض الأول هو الألم الذى يبدأ عادة فى صورة مبهمة حول السرة فى البطن ثم يبدأ فى التحول إلى ألم حاد واضح ينحدر إلى الجهة اليمنى فى الجزء الأسفل من البطن.
ـ يصاحب الألم غثيان وربما قئ، الإعراض عن الطعام والرغبة فيه، ارتفاع فى درجة الحرارة وقد يتفاوت الأمر بين نوبات إسهال وإمساك.
ـ قد تظهر بعض الأعراض التى لا تنتمى فى الظاهر لالتهاب الزائدة مثل آلام متفرقة لا يمكن تحديد مكانها بدقة فى البطن والظهر، قد يكون التبول مؤلما بلا سبب آخر واضح وقد يستمر القئ بلاتوقف.
متى يجب أن تستدعى الطبيب
التهاب الزائدة الدودية أمر يعد خطيرا، لذا يجب عند الشك فيه استدعاء الطبيب فورا أو اللجوء للمستشفى دون التفكير فى استخدام أى أدوية قبل الكشف الطبى كأدوية الألم وعلاج الإسهال ومضادات الحموضة الأمر الذى قد يساعد على انفجار الزائدة وما يتبعه من تداعيات خطيرة.
هل يمكن أن تواتيك الآلام بعد استئصال الزائدة؟
قد تفاجئك آلام تشبه ألم الزائدة الدودية وقد سبق استئصالها: إنها فى تلك الأحوال نتيجة لأى التهابات فى الحوض، الإصابة بسرطان القولون أو المستقيم، مشكلات القولون بأنواعها، التهاب الأمعاء والمعدة، وقد يكون حملا خارج الرحم لدى السيدات.
كيف يمكن تشخيص التهاب الزائدة الدودية
تشخيص التهاب الزائدة الدودية هو أحد حالات السهل الممتنع التى يعانى منها المرضى والأطباء فى آن واحد. آلام الزائدة وأعراضها كثيرا ما تتشابه مع عدد من الحالات الأخرى مثل التهابات المثانة أو إصابتها بالعدوى، مشاكل القولون، مرض كراون، التهابات وقرحة المعدة والأمعاء، أمراض ومشاكل المبيض لدى السيدات.
ـ لذا فالكشف الطبى الدقيق والشكوى المحددة هى بداية الخيط للتشخيص.
ـ إضافة لفحص الحالة فإن صورة الدم التى تشير إلى وجود التهاب ما فى الجسم تعد أيضا وسيلة مساعدة للتشخيص «ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء».
ـ التصوير بالصدى الصوتى والأشعة المقطعية وسائل متاحة فى الطب الحديث للتأكد من صحة التشخيص.
علاج التهاب الزائدة الدودية
ـ استئصال الزائدة الدودية جراحيا أو من خلال منظار هو العلاج الأوحد لعلاج التهابها. الجراحة التقليدية تتيح للجراح استكشاف الأمر بوضوح أكبر يمكنه من إجراء كل ما يمنع انتشار العدوى وإن كان ما يتركه الجراح من ندبة قد يقلق البعض خاصة السيدات.
ـ العناية بالجرح فى المنزل والحفاظ على نظافته أمر يضمن سلامة المريض بعد الجراحة. دهان الموضع بفيتامين هـ يساعد على التئام الجراح وزوال الجزء الأكبر من أثره فى الجلد.
ـ يظل للزائدة الدودية فرصة للقيام بدور ما إذا أجادته هددت حياة الإنسان وإذا فشلت فيه قضى عليها وتسبب فى استئصالها.