جولة في «المراسلات السرية بين سعد زغلول وعبدالرحمن فهمي» (12): 6 أمراء يصدرون بيانا لتأييد الحركة الوطنية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:16 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جولة في «المراسلات السرية بين سعد زغلول وعبدالرحمن فهمي» (12): 6 أمراء يصدرون بيانا لتأييد الحركة الوطنية

دراسات في وثائق ثورة 1919.. المراسلات السرية بين سعد زغلول وعبد الرحمن فهمي
دراسات في وثائق ثورة 1919.. المراسلات السرية بين سعد زغلول وعبد الرحمن فهمي
حسام شورى:
نشر في: الثلاثاء 19 مارس 2019 - 12:54 م | آخر تحديث: الثلاثاء 19 مارس 2019 - 12:55 م

- اعتبر الإنجليز أن لولاهم لكنس أحمد عرابي أسرة محمد علي من مصر
- أرسل سعد زغلول خطابا للأمراء يشكرهم فيه على موقفهم.. لكنه كان قلقا وغاضبا من حركتهم
- زغلول: الأمة أجمعت أمرها قبل دخول الأمراء.. فدخولهم في الحركة أن لم يكن لصالح يبذلونه أو توكيل يعطونه فما تكون الفائدة من انضمامهم الآن؟
- زغلول: الرئاسة لا تهمني في شيء ولكن يهمني أن تبقى في الأمة هذه الروح التي أدهشت العالم بجلالها وكمالها.. لا أن تخرج من رق الممالك إلى رق الأمراء
- فهمي: محمد سعيد بصدد توجيه ضربة إلى الوفد بدعوى أنه قد قبل المفاوضة قبل إعلان إنجلترا استقلال مصر التام


تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس عرض مجموعة من الكتب، الحديثة والقديمة، التي تروي جوانب مختلفة لتأريخ وتوثيق أحداث ثورة 1919 من الأسباب إلى المآلات.
وثاني كتاب نتجول بين صفحاته هو «دراسات في وثائق ثورة 1919»..«المراسلات السرية بين سعد زغلول وعبد الرحمن فهمي»، الذي يزيح الستار عن جانب خفي من نضال الوفد، ومن شخصية الزعيم سعد زغلول، وسكرتير اللجنة المركزية للوفد عبد الرحمن فهمي، وهو الجانب الذي لم يكن معروفًا حتى عثر الأستاذ الدكتور محمد أنيس على هذه المراسلات التي مكَن نشرها الباحثين من تركيب صورة تاريخية لثورة 1919 كان من المستحيل التوصل إليها من دون الاستعانة بهذه الوثائق.
بلغ عدد المراسلات السرية (مكتوبة بالحبر السري) المرسلة من سعد زغلول إلى عبد الرحمن فهمي 30 رسالة، من 23 يونيو 1919 إلى 28 أبريل 1920، كما بلغ عدد التي أرسلها فهمي لسعد 29 تقريرًا بدأت من 23 يوليو 1919 وحتى مايو 1920.
تناولت تلك المراسلات قضايا مهمة مثل (خروج إسماعيل صدقي ومحمود أبو النصر من الوفد، ومقاطعة لجنة ملنر، وحركة الأمراء، ووحدة عنصر الأمة والتكتل الأرستقراطي)؛ فكل تقرير كان يشمل مسائل متعددة.
وتقارير عبد الرحمن فهمي تشمل عرضا لأهم الأحداث العلنية والسرية التي كانت تدور في مصر؛ وكان يعطي من خلالها للوفد في باريس صورة عن الموقف في مصر، بينما كان سعد يعطي لعبد الرحمن فهمي رأي الوفد في كثير من المسائل التي تجري في مصر لتسير اللجنة المركزية للوفد على هديها.
الكتاب صدرت طبعته الأولى في عام 1963 للدكتور محمد أنيس (1921-1986) أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، ومؤسس مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر (1967- 1975)، والرئيس الأول له، وهو المركز الذي قام تحت إشرافه بجمع شتات العديد من الوثائق المهمة، وأعادت دار الشروق نشر هذا الكتاب في 2019 ، ويقع في 242 صفحة، من القطع المتوسط.

••••••••


وقع إبان وجود لجنة ملنر في مصر حادثان ساعدا على عزلة هذه اللجنة عزلة تامة، أولهما، كما ذكرنا في الحلقة السابقة، اعتداء الجنود البريطانيين على الأزهر الشريف يوم 11 ديسمبر 1919، بعد وصول اللجنة بأربعة أيام، والحادث الآخر كان البيان الذي أصدره ستة أمراء من أسرة محمد علي، على رأسهم عمر طوسون في 7 يناير 1920.

 

كيف رأى الإنجليز حركة الأمراء؟
أعلن الأمراء في هذا البيان أنهم يطالبون باستقلال مصر استقلالا تاما بلا قيد أو شرط كما أرسلوا إلى ملنر خطابا بهذا المعنى نفسه. وقد اعتبر الإنجليز إصدار مثل هذا البيان من أمراء أسرة محمد علي، وهم الذين لولا بريطانيا العظمي لكنسهم عرابي كنسا من مصر، كما يقول فلنتين شيرول في كتابه «المسألة المصرية»، إنما هو اتهام للسلطان فؤاد نفسه بخيانة قضية الأمة المصرية.
ويقول الدكتور محمد أنيس في ذلك إن دور عمر طوسون في الحركة الوطنية من الأمور التي تستوجب النظر والتأمل؛ فعمر طوسون يمثل حركة الأمراء الواعية، التي لا تريد أن تعزل نفسها عن الحركة الوطنية، فتحترق أسرة محمد علي برمتها أمام الشعب المصري وهي تريد أن تفرض وصايتها على الحركة الوطنية، وتنتزع زعامة هذه الحركة من ممثلي الشعب، وبذلك تصبح الحركة الوطنية، حركة أمراء لا حركة شعبية.

 

الأمراء والوفد:
ويضيف أنيس: ذلك أنه مما تجدر ملاحظته من بيان الأمراء أنه خلا من أية إشارة إلى وكالة الوفد المصري، ولقد أرسل سعد زغلول إثر هذا البيان خطابا إلى كل من الأمراء الستة يشكرهم فيه على موقفهم.

ولكن سعد كان قلقا أشد القلق، غاضبا أشد الغضب من حركة الأمراء، فأرسل إلى عبد الرحمن فهمي في 27 يناير 1920 رسالة تحمل قلقه وغضبه؛ قال: «سرنا أن ظهر من علياء الشأن في الميدان، بعد أن بقوا في الخفاء كثيرا من الزمان بل بعد أن عاكس الحركة بعضهم، بأقواله وأمواله.

«أظهرنا سرورنا بدخولهم فيما أرسلناه لكم ونشرتموه في الجرائد، ولكننا وجدنا تصريحهم خاليا من ذكر الوفد، ولم يتصل بنا أنهم تكرموا عليه بشيء من أموالهم، وبلغنا أن انقعد اجتماع عند بعضهم في الإسكندرية، تقرر فيه اسناد الزعامة إليه، أن دخل الوفد في المفاوضة مع لجنة ملنر.

«إن الأمة أجمعت أمرها قبل دخولهم، على طلب الاستقلال التام وسارت في الطريق شوطا بعيدا بدونهم كأنهم لم يكونوا موجودين، فدخولهم في الحركة بعد ذلك، أن لم يكن لصالح يبذلونه، أو توكيل يعطونه، فما تكون الفائدة من انضمامهم الآن؟ وهل يستنتج من ذلك أنهم أرادوا المنازعة في الزعامة لتكون الرياسة لهم؟ وهل يكون دخولهم على هذه النية في صالح القضية أو يكون بعدهم عنها أفيد لها.

 

شكوك سعد زغلول:
«ربما كان لسعيد باشا (رئيس الوزراء السابق حينها) يد في هذه الحركة كما يرشح ذلك بما كتبته جريدة الأهالي لسان حاله يوما بيوم عن الوفد، وموقف الأمراء ودخولهم في الحركة، فهل أنتم مترقبون لهذه الأحوال، واقفون على أسرارها، وعاملون على اتخاذ الوسائل لمنع أضرارها. إن الرياسة لا تهمني في شيء، ولكن يهمني أن تبقى في الأمة هذه الروح التي أدهشت العالم بجلالها وكمالها وأن تبقى الحركة حركة قومية ترمي إلى تحرير البلاد من رق الاستعباد، وأن تتمتع بالحرية الحقيقية لا أن تخرج من رق الممالك إلى رق الأمراء».

ثم عاد في 26 مارس ليكرر سعد زغلول نفس المعنى مبديا شكوكه قائلا: «ورد لي خطاب من الأمير عمر طوسون وتدل عبارته على بعد تصرف سعيد باشا بأمره، بل يظهر أنه يشتغل بنقود الإنجليز تحت اسم الأمير؛ زيادة في التضليل وحسن السبك، ورابطة سعيد بالإنجليز معروفة لكم ويؤيدها أن ملنر كان اقترح أن تحصل المفاوضة بلجنة تتألف بأمر سلطاني يكون محمد سعيد من أعضائها مع بعض رجال الوزارة الحالية والوزارء السابقين، فأسلفت نظركم إلى هذه النقطة لتبحثوا عن حقيقتها».

 

تفسير عبد الرحمن فهمي لحركة الأمراء:
واجتهد عبد الرحمن فهمي، ثم فهم الموقف على النحو التالي: «أموال عمر طوسون تنفق على يد محمد سعيد باشا الذي يشكل مع الأمير والحزب الوطني تكتلا معاديا للوفد، وفهم أيضا أن محمد سعيد بصدد توجيه ضربة إلى الوفد؛ بدعوى أن الوفد قد قبل المفاوضة قبل إعلان إنجلترا استقلال مصر التام، وأن محمد سعيد قد اتخذ من الإسكندرية مكانا لتوجيه هذه الضربة (وكانت الإسكندرية مركزا من أهم مراكز الحزب الوطني) وأن علامة البداية حملة عنيفة على الوفد تقوم بها جريدة الأهالي.

وفي 18 فبراير 1920 أرسل إلى سعد زغلول تقريرا عما حدث، فقال: «كنا مراقبين من قبل حركات وسكنات سعيد باشا، فأعددنا له العدة منتظرين أن يبدأ حملاته التي رتبها في طي الخفاء، مع بعض رجال الحزب الوطني وجريدة الأهالي، وبمجرد أن ظهر بالجريدة مبدأ هذه الحملة أرسلنا جنودنا إلى مدينة الإسكندرية، بعد أن سهلنا لهم الطريق، وحملوا عليه حملة صادقة عقب صلاة الجمعة في جميع مساجد الإسكندرية الشهيرة، وبدأ الخطباء قولهم بتفهيم العامة حقيقة أعمال الوفد وما وصلت إليه القضية بمجهوداته، وما يريد الأفاكون الآن من الحط بقيمة هذه المجهودات، والخطر الذي يتناول القضية برمتها، فيما إذا صغت الأمة لأقوال الأفاكين ثم بين الخطباء أن هذه اليد الأثيمة، التي تعمل في الخفاء هي يد سعيد ولسانه الذي ينطق وجريدة الأهالي.

«واستنزلوا اللعنات عليه وعلى الذين يحذوا حذوه وأسقطوهم من كل مقام ومقال ثم خرجت بعض المظاهرات من الجوامع القريبة من إدارة جريدة الأهالي، ونادت بالسقوط والموت، ولقد عاهد الخطباء كل الموجودين في الجوامع بأن يقاطعوا جريدة الأهالي.

«ومن ذلك التاريخ ثابت الأهالي إلى رشدها، وانقطعت حتى عن الغمز واللمز اللذين اعتدتهما دائما عندما تيشر إلى عمل يتعلق بالوفد، وكنا نظن أن الحالة تحتاج إلى تكرار هذه الحملات ولكن لله الحمد، أمتتهم الحملة الأولى.
«أما الحزب الوطني، وبتفسير أصح (زعانف الحزب الوطني)، الذي يريدون الشوشرة على أعمال الوفد، واستأجروا لذلك جريدة المحروسة فها نحن نستعد للقضاء عليهم أيضا عندما يبدو منهم ما يستحق ذلك».

 

الهتاف لعباس حلمي:
ولم يكن نشاط كل أسرة محمد علي لعرقلة الحركة الوطنية، فقد كتب عبد الرحمن فهمي في 2 أبريل 1920 إلى سعد زغلول: «بأنه قد ظهرت في الأيام الأخيرة حركة غريبة جدا، وهي الهتاف للخديو عباس (وكان قد عزل في 1914)، وبالبحث علم أن من بين المشجعين عليها الحزب الوطني، ولا أعلم إن كانت يد الإنجليز هي المحركة من بعيد لهذه الحركة المضادة لمصلحتنا العامة وتلبس كل يوم ثوبا جديدا، ونحن نخشى اتساع هذه الخروق التي تعملها يد الدسائس، ونقد الأعداء، فنرجوا التعجيل بتوفير المبالغ اللازمة للأعمال السرية، حتى يمكن مكافحة هذه الحركات الجديدة والقضاء عليها».
ثم عاد يكتب إلى سعد في 28 أبريل قائلا: «وبحثت عن سبب المناداة بحياة عباس، فوجدت أنها دسيسة آتية من سعيد باشا باتفاقه مع أعضاء الحزب الوطني، فحاربتها محاربة شديدة، إلى أن زال أثرها».

وغدا حلقة جديدة...



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك