اللواء عبدالمنعم خليل يتذكر مع «الشروق» يومياته فى حرب 1948 - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:54 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللواء عبدالمنعم خليل يتذكر مع «الشروق» يومياته فى حرب 1948

اللواء عبد المنعم خليل  تصوير_روجيه أنيس
اللواء عبد المنعم خليل تصوير_روجيه أنيس
أعد الملف- خالد أبو بكر
نشر في: الإثنين 20 مايو 2013 - 1:09 م | آخر تحديث: الإثنين 20 مايو 2013 - 1:11 م

•أول حرب تُكسِب قواتنا خبرة قتال حقيقية

•قواتنا اندفعت إلى الأراضى الفلسطينية من خلال تأجير سيارات من متعهد فلسطينى اسمه «بامية»

•حضرت الحرب وأنا ملازم أول وكنت أعمل فى معسكر إمداد الجبهة بالرجال

•بعد الحرب حصلنا على نوط الجدارة الذهبى

•أول مهمة قمت بها توصيل 1000 خريطة للقوات عند دير سنيد.. وجمال سالم قال: «مش عايزنها»

•جمال عبدالناصر أول من أبلغنى بترقيتى إلى رتبة يوزباشى قبل حصار الفالوجا بيوم واحد


اللواء عبدالمنعم خليل، ضابط مشاة مصرى مرموق، خاض حروب مصر المعاصرة جميعها، بداية من الأعمال التى أسندت للجيش المصرى فى الحرب العالمية الثانية، مرورا بحرب فلسطين 1948، وصولا إلى حرب أكتوبر 1973، من موقع قائد الجيش الثانى الميدانى اعتبارا من يوم 16 أكتوبر، بعد مرض اللواء سعد مأمون.

 

توجهت إلى هذا القائد الكبير لاسترجاع يومياته على جبهات القتال فى حرب فلسطين، فوجدته كما هو.. هادئ الطباع.. قائدا يتمتع بأعصاب حديدية حتى فى أحلك اللحظات، كما وصفه المشير أحمد إسماعيل، القائد العام فى حرب أكتوبر، وذلك عندما كان الموقف على الجبهة غير مطمئن بعد نجاح العدو فى اختراق خطوطنا عند منطقة الدفرسوار.

 

اللواء خليل، المولود فى المنيا عام 1921، بدأ استرجاع يومياته فى المواجهة الأولى للجيش المصرى مع إسرائيل بقوله «بداية اهتمام الضباط المصريين بقضية فلسطين تعود إلى عام 1947، خصوصا بعد صدور قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، أذكر بعدها أننا سمعنا عن فتح باب التطوع للقتال فى فلسطين دفاعا عن أرضها وحقوق أبنائها.. وأذكر أن البكباشى (المقدم) أحمد عبدالعزيز، قاد قوة من المتطوعين ــ وكان من بينهم عدد من الإخوان المسلمين وبعض الضباط ــ وتوجه لدعم المجاهدين الفلسطينيين ضد العصابات الصهيونية».

 

«فى 15 مايو 1948 اندلع القتال، ودخل الجيش المصرى الأراضى الفلسطينية.. كنت وقتها أدرس فى معهد المشاة برتبة ملازم أول، وطلب من قيادتها تعيين قوات تكون مهمتها فتح معسكر اسمه معسكر (الإمداد بالرجال)، وكان فى العريش، وانضممت إلى قوات هذا المعسكر، الذى كانت مهمته استقبال الضباط والجنود المصريين، وتوصيلهم إلى خطوط القتال التى تنتشر عليها قواتنا.. وصلنا العريش يوم 18 مايو، وفتحنا معسكرنا، وهذه المهمة جعلتنى أزور كل جبهات القتال لمدها بالرجال، وهو ما جعل منى شاهد عيان على معارك رئيسية فى هذه الحرب، سواء ما رأيته بنفسى أو ما قصه لى الضباط على خطوط النار». يقول اللواء خليل.

 

ويواصل قائلا: «مع يوم 19 مايو فوجئنا فى المعسكر بإشارة من قائد القوات فى فلسطين اللواء أحمد على المواوى يطلب فيها خرائط لفلسطين، وكنا يومئذ تحت الاحتلال الإنجليزى وكانت له قوات بالعريش ولها مخازن، وعن طريق التنسيق بين القيادة بالقاهرة والقوات الإنجليزية توجهت إلى معسكرات الإنجليز بالعريش وطلبت الخرائط فسلمونى نحو 1000 خريطة، فأخذت سيارة لورى وأخذت مجموعة من الجنود وبعض ضباط الصف وذهبنا إلى غزة وهناك وجدت القوات قد تحركت فى اتجاه دير سنيد، وهى مستعمرة يهودية شمال غزة، هاجمتها القوات المصرية صباح يوم 19 مايو».

 

«وصلت دير سنيد ــ يقول اللواء خليل ثانى أيام القتال فى هذه المستعمرة، وتلقيت خبرا محزنا بالنسبة لى وهو نبأ استشهاد الملازم أول مصطفى كمال عثمان، صديقى ودفعتى أثناء محاولة اقتحام هذه المستعمرة، حيث إننا تخرجنا معا فى 28 مايو 1942. ظللت أبحث عن أى شخص أعطيه الخرائط فلم أجد، حتى خرج على الصاغ صلاح سالم، فقال لى من الذى قال لك أننا نريد خرائط رجعها، فشعرت بالضيق ولم اقتنع بهذا الكلام، وتوجهت إلى المستعمرة، ثم انتظرت حتى يخرج أحد ويأخذ منى الخرائط لكن أحدا لم يأت فاضطررت إلى النوم بالسيارة حتى جاء الصباح وتسلموا أخيرا الخرائط منى، علما بأنها لم تكن تتسم بالدقة، حيث إن بعض البلدات والمستعمرات لم تكن موقعة عليها».

 

ويؤكد اللواء خليل أنه عاد للعريش بعد ذلك، لكن صدرت الأوامر بانتقال المعسكر إلى غزة «فانتقلنا إليها عن طريق القطار، وهناك قابلنا بعضا من زملائنا الضباط، وحكوا لنا عن كيفية دخولهم فلسطين فقالوا لى إنهم لم يجدوا سيارات وقاموا بتأجير سيارات لهم من متعهد فلسيطينى اسمه «بامية»، وكان اسم الرجل مجالا لضحك جميع الضباط فى فلسطين».

 

بعد أسبوع من القتال بدأت الوحدات المقاتلة تطلب رجال لاستعواض خسائرها، وهنا تتاح الفرصة للملازم أول خليل لزيارة مواقع كثيرة لقواتنا «توجهت ومعى عدد من الضباط والجنود إلى مدينة المجدل، وكانت مدينة جميلة جدا، وأوصلنا رجال كذلك إلى «عراق المنشية» و«الفالوجة» وذهبت إلى الخليل وغيرها.

 

ويواصل اللواء خليل ذكرياته قائلا إنه «بعد فترة من القتال كلفتنى قيادتى بأخذ 300 جندى محملين فى 10 لوارى بالإضافة إلى 100 بندقية من بنادق التدريب، غير الصالحة للقتال، للقيام بما قالوا إنها مظاهرة عسكرية عند الفالوجا، وأخذت معى ضابطين، واتجهنا إلى المجدل، بعدها انتقلنا إلى ميت سليم، وهى مستعمرة استولت عليها القوات المصرية، بعدها توجهت إلى عراق المنشية ومنها إلى الفالوجا، وهناك هاجمتنى طائرة للعدو فانتشرت بقواتى وقاية من ضرباتها، وسألت على القائد المصرى الموجود هناك فدلنى الجنود على مكانه، وذهبت إليه فوجدته جمال عبدالناصر، قدمت له نفسى، فقال إنه يعرف بأمرى، وقال إنك ستشارك فى الحرب، من خلال دعم قواتى التى ستغير على منطقة أسمها «الكوبيبة»، فقلت له ليس معى سوى 300 جندى وبنادق غير صالحة للحرب، فقال لى هذا هجوم خداعى لن تصطدم فيه بالعدو، وستصلك أسلحة تعمل بكفاءة وأمرنى باستطلاع مسرح العمليات، فأخذت ضابط من قوتى وركبنا عربة مدرعة لاستطلاع هذه المنطقة، لكننا تعرضنا لهجوم من العدو وعدنا مرة أخرى إلى عبدالناصر، فوجدت أن الأسلحة قد أتت إلينا، لكن الأوامر صدرت ببقاء جزء من قواتى وعودة الباقى، وأثناء عودتى فى اليوم التالى مررت على جمال عبدالناصر فقال لى: مبروك.. لقد صدرت نشرة وأنت ترقيت وأصبحت يوزباشى»، بعد خروجنا بيوم من الفالوجا حوصرت هذه المنطقة وبداخلها جمال عبدالناصر وزكريا محيى الدين وعدد من القادة المصريين الذين قاموا بثورة 23 يوليو 1952.

 

مع مرور الأيام ــ يقول اللواء خليل ــ «بدأنا نشعر بشىء من الضيق من ضعف القيادة، بقيادة المواوى، بسبب كثرة التردد والتضارب فى إعطاء الأوامر.. فكان يعطى أمرا باحتلال محور ثم يعيد القوات لأوضاعها قبل الاحتلال، ثم يعطى أمرا بالهجوم على نقطة ثم أمرا آخر بالانسحاب، ولما أقيل فرحنا جدا، بتعيين القائد الجديد أحمد فؤاد صادق، وكان رجل أسمر وشخصيته قوية، وكان معروفا بهيبته وشخصيته».

 

ويضيف القائد الكبير أنه فى أواخر ايام الحرب خاصة فى يناير 1949، نجحت القوات الإسرائيلية فى دخول سيناء، وكلفت أنا بقيادة سرية مشاة كانت مهمتها حماية شريط السكة الحديد رفح ــ العريش، ووزعت الجنود على طول هذا الخط، وكان معى ضابط احتياط، اسمه أحمد البهنسى.

 

وينهى اللواء خليل ذكرياته قائلا: «بتوقيع اتفاقية رودس انتهت المعركة وعادت القوات المحاصرة فى الفالوجا، وتجمعت القوات فى رفح، وكان الضباط متذمرين لأن أوامر صدرت بعدم عودة قوات الفالوجا إلى القاهرة، ولكن وزير الحربية حيدر باشا سارع بالمجىء إلينا، ومنحنا جميعا «نوط الجدارة الذهبى»، وهو شفوى ليس له مخصصات ولا علامة مميزة، وهو إلى الآن ما زال شفويا».

 

أهم الدروس المستفادة من حرب فلسطين ــ بحسب اللواء خليل ــ أن الجيش المصرى رغم هزيمته فإنه اكتسب خبرة قتال حقيقية، فضلا عن أنها كانت مناسبة ممتازة للتعرف على أسلوب قتال اليهود، فمثلا هم يجيدون الاختراق من مفصل القوات التى تواجههم، ومن سخرية القدر أنى حضرت الاختراق الإسرائيلى للقوات المصرية ليلة 16 أكتوبر 1948 جنوب فلسطين، واختراق هذه القوات يوم 16 أكتوبر 1973 عند منطقة الدفرسوار.

 

ويضيف اللواء خليل نقطة مهمة وهى أن جيله من العسكريين المصريين الذين تخرجوا فى الكلية الحربية فى مطلع أربعينيات القرن الماضى، ظلوا يواجهون نظراءهم الإسرائيليين منذ أن كانوا قادة فصائل حتى وصلوا إلى الجلوس فى مقاعد القيادة العامة، وحدث ذلك مع الفريق سعد الشاذلى واللواء عبدالمنعم واصل والمشير الجمسى والفريق كمال حسن على وغيرهم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك