بين «المفتون المُبدع» و«السادي الضائع».. كيف استقبل كُتاب الخمسينيات شعر نزار قباني؟ - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:02 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين «المفتون المُبدع» و«السادي الضائع».. كيف استقبل كُتاب الخمسينيات شعر نزار قباني؟

الشيماء أحمد فاروق
نشر في: السبت 21 مارس 2020 - 11:44 م | آخر تحديث: السبت 21 مارس 2020 - 11:44 م

في مثل هذا اليوم 21 مارس، وُلد الشاعر العربي الشهير نزار قباني، في عام 1923 بمدينة دمشق السورية، وبدأ مسيرته في عالم الشعر بمنتصف الأربعينيات، حيث كان أول ديوان شعري له بعنوان "قالت لي السمراء"، وأحدثت قصائد هذا الديوان جدلا في المجتمع السوري، وبين عامي 1948-1950 نشر نزار ثلاثة دواوين جديدة هي "طفولة نهد"، و"سامبا" و"أنت لي".

وكانت فترة الخمسينيات مرحلة التقييم الأولى للشاعر الناشئ والذي قوبل بكثير من الأراء المختلفة، التي حاولت النظر لشعره المختلف، وفي ذكرى ميلاده، نلقي نظرة على بعض الكتابات التي استقبلت الشاعر الحديث في الخمسينيات من القرن الماضي.

في مجلة الآداب عام 1957 بعددها رقم 6، كتب الشاعر إبراهيم العريض، وهو أحد أهم الشعراء في البحرين وأحد قادة الحركة الأدبية البحرينية في القرن العشرين، كتب تحت عنوان "النتاج الجديد: مقال عن الشاعر نزار قباني".

وبدأ الكاتب حديثه عن مفهوم الجمال في الشعر، واختلاف النقاد حوله، وكيفية تحديد ما هو جميل وما هو قبيح في الشعر، ولكنه يعاود القول: "على أن هناك ميزانا واحدا لا يخطئ أبدا فالأثر الجميل يصيبك بالروعة، لابد من ذلك ولأول وهلة، ويدفعك إلى أن تعاود قراءته لتجدد عهدك بتلك الروعة".

وسحب العريض هذا القياس الذي حدده على الشاعر نزال قباني، وقال: "ومن بين شعرائنا الذين يتسم شعرهم بهذه الصفة في الجمال نزار قباني الشاعر المفتون الذي أخذ على نفسه أن يستوحي المرأة سر فتونها وتحت كل سماء... هذا من ناحية الموضوع وأما من ناحية الصياغة فكأنما قدر له ألا يترك بابا لتجديد والإبداع إلا وطرقه".

وأكمل: "داعب نزار في شعره القافية مداعبة العاشق لمن يعشق ولكن أصالة هذا الشاعر تتجاوز القافية إلى الكلمة إلى الحرف إلى الصدى".

وفي ذات المجلة بعددها الحادي عشر، كتبت الناقدة والمترجمة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي مقالاً بعنوان " وثيقة اجتماعية هامة"، ولخصت الكاتبة في مقدمة مقالها ما تتناوله عن الشاعر مثير الجدل، فقالت: "إن دراستي اليوم عن الشاعر نزار قباني ليست دراسة كاملة لشعره، بل حاولت أن أعالج فيها ثلاث نقاط فقط، وتتعلق بالنقاش الخالد عنه الخاص بموضوع المرأة، والثانية عن ازدواجية شخصيته الفنية، والثالثة تبحث عن القيمة الاجتماعية في شعره".

ووصفت الكاتبة نزار بأنه شاعر المرأة الذي لا يحبها، فقالت: "لا يحبها إنه يرغب بها ولكن الرغبة وحدها ليست حبا تفانيا ولا عطاءً، وإن عبادته لجمالها فإنها وسيلة لغاية هي حبه الوحيد الشعر.. وهو في ذلك مضطر إلى السعي وراء الوجه الجديد في سبيل إبداع جديد وتصوير متلون".

وأما عن شخصيته الفنية فقد وصفته بالازدواجية، فقالت: "إن داخل نزار ازدواج هام، فإن الرسام والشاعر يتزاحمان جنبا إلى جنب، إن لنزار نظرة الرسام وذوقه ما جعله يعامل الشعر أحيانا كما لو كان فن الرسم، فله قصائد كثيرة لا تعني إلا بالمظهر الخارجي للوحة أي الصورة المادية".

وأكملت: "وعلى ذلك فإن نزار يملك نوعين مختلفين من الشعر، الأول هو مجموعة صوره الجمالية الملونة والثانية هو ذلك النوع من الشعر الذي يعبر عن تجارب الشاعر وصورة نفسية لإنسان في حالة معينة".

أما عن المجتمع في شعر نزار قالت: "فلنعرف جزءا من مجتمعنا من خلال شعر نزار قباني إنني أراه وثيقة اجتماعية هامة، والمرأة النزارية بطلة دواوينه التي تسيطر عليها التفاهة والدلال، كانت لسنين قليلة خلت مطمح أنظار طالبي الزواج، وكانت الفكرة أن المتعلمة خطرة...".

وفي مقال نُشر عام 1957 بعنوان "الضياع في شعر نزار قباني"، كتب الناقد والمناضل السياسي ناجي علوش عن نظرته لنزار ولأشعاره، وفي البداية تحدث الكاتب عن الثورات في الوطن العربي ومفهوم الضياع والاستقرار، وعن رحلة بحثه عن تلك المعاني في نقاد شعر نزار، فلم يجدها، ووصفهم أنهم لم يبحثوا فيه شعره بل كانت مجرد انطباعات.

وقال الكاتب: "نزار لا شك شاعرة قمة، ولكنه شاعر مأساة الضياع والتمزق والحيرة والنرجسية، نزار إنسان عربي ضائع لم يحدد له الواقع هوية، إنه إنسان يبحث عن الطريق فلا يهتدي فيصرخ، وهكذا يعرف نزار المرأة بلا تأريخ بلا مصير بلا هوية وعلاقته بها عابرة تنتهي كما يرريد".

ووصفه في سطوره التالية بعد أن قام بتحليل بعض أبياته: "نستطيع أن نحدد ملامح نزار إنه سفاح للجمال، ممزق للبراءة، يعاني بعد كل حادثة مرارة الاختبار، ونزار لهذا سادي يحب أن يرى المرأة تتعذب وتتمزق كل نسائه مغدورات... إن إنسان الهوة الضائع الممزق يتمثل أكثر ما يتمثل في المرأة ولذلك فقد كانت المرأة كل شعر نزار".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك