أبولو 11.. كيف وحدت رحلتها للهبوط على القمر البشرية جمعاء - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:18 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أبولو 11.. كيف وحدت رحلتها للهبوط على القمر البشرية جمعاء


نشر في: الأحد 21 يوليه 2019 - 6:03 ص | آخر تحديث: الأحد 21 يوليه 2019 - 6:03 ص

كأنه مضاء بقبس من نور سماوي، هكذا ظهر الصاروخ ساتورن 5 لامعا على منصة الإطلاق 39A في قاعدة كيب كانافيرال، فلوريدا.

بدا الصاروخ، الذي كان مزخرفا بالنجوم والأشرطة والعلامات ومغطى بالألوان الذهبي والقرمزي، مستقرا على قاعدته في وقت مبكر من الفجر، أشبه برمز له مكانة النشيد الوطني بالنسبة للأمريكيين.

وانطلق ثلاثة رواد فضاء مرتدين بدلاتهم الفضائية البيضاء، في مهمة من شأنها أن تنقلهم والبشرية جمعاء إلى عصر جديد.

وانتهت هذه المحاولة، التي ولدت من رحم صراع دولي لغزو الفضاء والوصول إلى القمر، إلى توحيد العالم بأسره، حتى ولو للحظة واحدة على الأقل.

بدأ سباق الفضاء للوصول إلى القمر في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1957،عندما أرسل الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي إلى مدار حول الأرض. وأثار هذا القمر (سبوتنيك 1) الرعب في الولايات المتحدة.

تمثل الرعب الكبير في أن يستخدم الاتحاد السوفيّتي، عدو أمريكا في الحرب الباردة، هذا القمر الصناعي لاستهداف الأراضي الأمريكية بقنابل ذرية من الفضاء.

تهديد وجودي

وعندما أرسل السوفيّت أول إنسان إلى الفضاء، يوري غاغارين، وأكمل أول دورة حول الأرض بمركبة مؤهلة بالبشر وكذلك قام بأول سير في الفضاء، خشيت الإدارة الأمريكية أن يعد هذا التفوق التكنولوجي للكتلة الشيوعية دليلا على تفوقها الإيديولوجي.

وقد واجهت أمريكا تهديدا لأسلوب حياتها.

وجاء الرد الأمريكي سريعا، ليعلن الرئيس جون كينيدي، في عام 1961، عن خططه لإرسال رواد فضاء إلى القمر، وليس فقط للدوران حول الأرض مثل السوفيّت.

وبعد عام فقط، وقف كينيدي في جامعة رايس في هيوستن، بأناقة وإشراق ، ليحض الشعب الأمريكي على الموافقة على مشروع الوصول إلى القمر،مترسما إله الشمس في الميثولوجيا الإغريقية الذي سمي المشروع لاحقا باسمه.

وقال كينيدي للجمهور: "نختار الذهاب إلى القمر في هذا العقد والقيام بالأشياء الأخرى، ليس لأن الأمر سهلا، ولكن لأنه صعب، لأن هذا الهدف سوف يساعد في اختبار وتنظيم أفضل طاقاتنا ومهاراتنا، وهذا هو التحدي".

وأضاف: "نحن على استعداد لقبوله (التحدي)، ونحن غير مستعدين للتأجيل، ونعتزم الفوز به، وكذلك يريد الآخرون".

بعد سبع سنوات فقط، كان الطاقم المكون من قائد الرحلة نيل أرمسترونغ، ومعه إدوين "باز" ألدرين ومايك كولينز، في طريقه إلى القمر.

بدأ هدير محركات الصاروخ ساتورن 5 في الهواء، حيث انتصب شامخا في السماء في يوم صيفي مثالي.

استخدم الرائد ألدرين كاميرا فيديو ملونة لتصوير الأرض التي بدت زرقاء اللون من نافذة المركبة الفضائية وهي تبتعد عنها شيئا فشيئا.

وعندما أدار الكاميرا باتجاه الطاقم، نرى نيل أرمسترونغ سعيدا ينقلب رأسا على عقب وسط حالة انعدام الجاذبية التي وجد نفسه فيها.

بعد أربعة أيام، وصل رواد الفضاء إلى الجزء الأكثر خطورة من المهمة، وهو الهبوط على القمر.

صخور خطرة
وسط ظهور مشاكل في الكمبيوتر على متن المركبة الفضائية، نظم نيل أرمسترونغ يدويا عمل مركبة الهبوط على القمر، والتي كانت تسمى (النسر)، حيث كان يقودها بهدوء بعيدا عن الصخور الخطرة والحفر الكبيرة على سطح القمر.

نطق باز ألدرين، أول كلمات يطلقها إنسان في عالم آخر بعيدا عن الأرض، وقال: "ضوء الاتصال. حسنا، توقف المحرك ..."

وأكد أرمسترونغ على ما كان ينتظره بلهفة مراقبو وموجهو المهمة على الأرض :

"هيوستن ، هنا قاعدة ( بحرالهدوء). لقد هبط النسر".

ومع اختلاف التوقيتات والمناطق الزمنية، فقد شاهد الناس في جميع أنحاء العالم ما يجري في الفضاء في رهبة. وتابع 600 مليون شخص الصور المظلمة غير الواضحة على التلفزيون.

في بريطانيا، استيقظ الأطفال النائمون على ظهور نيل أرمسترونغ وهو يخرج من مركبة الهبوط القمري في الساعات الأولى من الصباح. بعد ما بدا أنه زمن طويل، هبط على سطح القمر، ناطقا بالكلمات التي ستتردد عبر التاريخ إلى الأبد.

"هذه خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة هائلة للبشرية".

قام رواد الفضاء بنصب سارية العلم الأمريكي. ولكن كما قرأ نيل أرمسترونغ، من لوحة وضعها على سطح القمر، أصبح من الواضح أن هذا إنجاز للبشرية جمعاء.

"لقد جئنا بسلام للبشرية جمعاء".
يثه إلى طاقم أبولو 11 من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض.

وقال: "في هذه اللحظة التي لا تقدر بثمن في تاريخ البشر، فإن جميع الناس على هذه الأرض هم حقا واحد: واحد في فخرهم بما قمتم به، وواحد في صلواتنا بأنكم ستعودون بأمان إلى الأرض".

لقد ظل خطاب الرئيس كينيدي حيا، لكن كلمات ريتشارد نيكسون سرعان ما نسيت. وأصبح مشاهدو التلفزيون يشعرون بملل من الهبوط على سطح القمر، وألغي برنامج أبولو، مع أخر عملية إطلاق عام 1972.

في ذلك الوقت، كان الرئيس نيكسون يخطط لبدء حملة قصف عشوائي ضخمة في فيتنام الشمالية وإدارته متورطة في اقتحام مكاتب اللجنة الوطنية الديمقراطية في مجمع ووترغيت. وكانت الولايات المتحدة مازالت ممزقة بالصراع والاحتجاج.

عودة إلى الظلام

كانت مهمة أبولو النهائية هي أول ليلة إطلاق صاروخ ساتورن 5 القوي. كما لو أنه كان يعكس 10 سنوات من عصر أبولو في بضع دقائق قصيرة، تحول الليل إلى نهار عندما أضاءت نيران الصاروخ من محركات F-1 القوية ليل كيب كانافيرال. وبعد أن ارتفعت مركبة أبولو 17 إلى الأعلى مثل ملاك ناري أضاء ما حوله، لكن الظلام عاد بعد اختفائه في الفضاء.

كان عصر أبولو هو الوقت الذي بدا فيه كل شيء ممكنا، حتى النجوم ذاتها بدت في متناول أيدينا.

يعتقد مؤرخ الفضاء البروفيسور كريس رايلي، من جامعة برونيل، أن هبوط الإنسان على القمر أدى إلى تحول ثقافي للبشر سيظل معنا طويلا.

في كتابه "حيث وقفنا ذات مرة"، الذي يشرح مهام أبولو للأطفال الأكبر سنا والمراهقين، يقول إن روح أبولو مناسبة لنا الآن مثلما كانت في أي وقت مضى.

ويضيف: "إنه أمر ملهم بشكل أبدي لما يمكن للبشرية أن تفعله عندما يتعين علينا النهوض لمواجهة تحدٍ كبير. وفي الوقت الحالي، يبدو أن الحد من مساوئ الزيادة المطردة في التغير المناخي أمرا مستحيلا، بيد أن هناك خيارات لحلها علميا لكنها تتطلب جهدا عالميا متضافرا. ورسالة أبولو هي أنه يمكن تحقيق هذا الجهد تماما".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك