«نعيش في جزيرة وسط المحيط فماذا أمامك لتسلي به فراغك؟».. الهيروين يضرب جزر سيشيل - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«نعيش في جزيرة وسط المحيط فماذا أمامك لتسلي به فراغك؟».. الهيروين يضرب جزر سيشيل

أدهم السيد
نشر في: السبت 22 فبراير 2020 - 11:37 ص | آخر تحديث: السبت 22 فبراير 2020 - 11:37 ص

يصطف العشرات من السكان المحليين، فى شارع خلفى بعيدا عن الفنادق الفاخرة، لا لشئ سوى تناول الجرعة اليومية من الهيروين فى مشهد اعتيادى لمن يعيشون فى جزر سيشيل.

ووفقا لفرانس 24، فسوق الأرخبيل الواقع بالمحيط الهندى، يشهد أعلى معدلات عالمية من تناول الهيروين، بحوالي 5000 شخص، يشكلون 10% من القوة العاملة للدولة، وذلك بحسب الإحصائيات الرسمية.

ويذكر أن نسبة متعاطى الهيروين حول العالم، تبلغ 0.4% نصفهم فى قارة آسيا، بينما تتصدر أفغانستان وسيشيل قائمة الدول المصدرة للهيروين.

ولا تفرق طفرة تعاطى الهيروين السيشيلية، بين شباب وشيوخ، ولا بين جميع الطبقات الاقتصادية، لأن الكل يقفون في نفس الطابور لتعاطي نفس الجرعة.

ففى الطابور القائم بمدينة ليس مالميس، والذى يرغب من فيه بتناول عقار الميثادون المعوض عن غياب الهيروين، يوجد والدين مع طفلهما، وعجوز يتكئ على عكازه، وسائق تاكسى يستغل فراغه بعد انتهاء مناوبته.

ويصف والد الطفلين (جريام، وموستاش) حجم الكارثة على الأسر السيشيلية، بقوله "لدي أختين و4 إخوة ذكور وجميعنا أدمنا الهيروين بنفس الوقت تقريبا".

ويضيف بينما يمسح بكفه على أثر الحقن فى ذراعه "دخلت السجن مرتين وهجرتنى أمى بعدما يئست من حل معى".

ويوضح "أنا لا أجد ما أشترى به قوت يومى، ولكن حينما يكون لدى بعض المال، وأخير بين الهيروين والطعام أختار الهيروين".

ويعد تنامى ظاهرة تجارة المخدرات بدول شرق إفريقيا القريبة، وزيادة هجرة سكانها لسيشيل، تزامنا مع ثراء أهلها بمتوسط مرتبات 420 دولار شهريا خلال الـ10 سنوات الماضية، كانوا الأسباب الرئيسية، وراء إغراق سوق الأرخبيل بالهيروين.

ومنذ مطلع عام 2011، كان عدد المدمنين بالأرخبيل، وصل إلى 1200 شخص، الأمر الذي جعل الحكومة تعلن الحرب على الإدمان ولم تفرق بين مهرب ومتعاطى، فكانت النتائج كارثية، كما يقول باتريك هيرمينى مدير المصحة الحكومية لعلاج الإدمان.

وخلال 6 سنوات من التاريخ المذكور، كان عدد المدمنين تضاعف 4 مرات لتصبح سيشيل أكثر دولة يعتمد سكانها على الهيروين.

وبعدما أفاقت الحكومة متأخرا للخطأ الذى وقعت به، اتجهت بدلا من الحملة الأمنية، إلى رفع حالة الطوارئ، وتفتح المصحات النفسية، وتمول بالمال إذ بلغ حجم الإنفاق الحكومى عليها عام 2020 نحو 5 ملايين دولار ب10 أضعاف مثيلتها من النفقات منذ 6 أعوام.

وكذلك رفعت مصحة الإدمان الحكومية، من عدد العاملين لديها 4 أضعاف لمجابهة الأزمة.

وكخطوة إضافية لحرب الهيروين، دشنت الدولة برنامج توفير للعقار البديل ميثيدون لمساعدة المتعاطين للتخلى عن الهيروين، إذ أقبل 2500 ما يعادل نصف متعاطي الهيروين على الميثيدون، وبعد التعافى التام يظل فريق من البرنامج الحكومى يتابع حالة المدمن السابق لضمان عدم حدوث إنتكاسة له مرة أخرى.

والعيب الوحيد لبرنامج توفير الميثيدون، هو أن كثرة الميثيدون جعلت تجار الهيروين يخفضون سعره ما ينبئ بمزيد من الإقبال عليه.

ويقول موستاش ذات الشخص الواقف بطابور الميثيدون الذى يوفره فريق طبى فى حافلة بيضاء، إنه تعافى من الهيروين خلال سنة، وأخيرا تم السماح له برؤية طفليه بعدما حصل على مهنة كصياد سمك.

ولم ينجح جميع المدمنون من تخطى المحنة بعد بمساعدة الميثيدون، مثل الثلاثينية الهزيلة جيسول مامو، التى تلهث بشدة فى انتظار فنجال صغير من الميثيدون بينما تقول "ساعدنى الميثيدون كثيرا ولكن من الصعب علي ترك الهيروين تماما".

وللقضاء على الداء مبكرا، بدأت المدارس السيشيلية تعليم الأطفال عن خطورة الهيروين على سبورات الفصول، بينما تقول نولى جونثير مديرة إحدى المنظمات التطوعية لإنجاز تلك المهمة، إنه من الصعب توعية الأطفال بخطر الهيروين وهم يرون والديهم يتعاطونه باستمرار كشيئ طبيعى، لدرجة أصبح بعض الأطفال فى رياض المدارس يقلدون حركة حقن أذرعهم كما يفعل والديهم المدمنين.

وفى مدينة مثل ماهى، على سفوح الجبال، وبينما تكسوها الغابات الجميلة ويعمها الهدوء بعيدا عن صخب المدينة وبالقرب من الشاطئ هنا يتخفى الفقر تحت تلك الصورة الخلابة، فرغم ثراء نصف المجتمع السيشيلى فإن 40% منه يعانى الفقر الذى هو بحسب بعض المسؤولين قد يحول بينهم وبين توفير حياة سعيدة ولكنه ليس بالشدة التى تعوقهم عن شراء الهيروين وتعاطيه.

والصورة المشرقة فى الموضوع، هو بعدما تحولت الحكومة للسياسة العلاجية بدلا من الأمنية، بدأت حالات إدمان الهيروين بالانخفاض، بينما نزل معدل الجريمة للنصف ونزلت معدلات الإصابة بفايروس الكبد الوبائى سى الذى كان بسبب الحقن الملوثة بنسبة 60%.

وأما معدلات البطالة فبعد السياسات الحكومية الجديدة فقد انخفضت من 6.5% ل2.1%.

وتبقى نظرة متشائمة ضئيلة ظاهرة بين أفراد طابور الميثيدون يبديها سائق تاكسى متعافى يقول "المشكلة إنك تعيش فى جزيرة وسط المحيط فماذا أمامك لتسلى به فراغك غير أن تتعاطى الهيروين".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك