بشعر طويل متشابك وثياب بالية، ظل سنوات يجول الشوارع، يجمع القمامة، وبين يديه كتب تاريخية وفلسفية، يروي منها قصص القدماء والحكم التي تداولوها عبر تاريخهم، وأخرى متخصصة في مجال الموسيقى يشرح عبرها، مدارس الموسيقى الكلاسيكية للمارة.
"ثقافة أثارت فضول المارة"
لفتت ثقافة المشرد المثقف ذو الحكمة البالغة، أنظار المارة، فأثار فضولهم، حتى ظلوا يتحدثوا عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عل أحدًا يتعرف إليه، متسائلين عن هوية ذلك المثقف المجهول الذي اختار إحدى محطات المترو مستقرًا يوميًا له، بعد الانتهاء من جولاته التثقيفية.
"مواقع التواصل تجيب"
سجل أحد مواطني مدينة شنجهاي، فيديو لذلك الشاب المثير للجدل، وهو يشرح كلاسيكيات الموسيقى الصينية، لأحد المارة، راج الفيديو ومن ثم تزايدت شهرته عبر مواقع التواصل، وتزايدت معها التساؤلات، حتى أوجدت مواقع التواصل إجابة شافية عن هوية المشرد المجهول، بعدما تعرف إليه مديره السابق في العمل.
ترك المواطن الصيني، شين وي، عمله بعدما منحه مديره إجازة مفتوحة؛ جراء إصابته بالخرف، قبل 26 عامًا، لكنه ظل يتردد على محطة مترو بمدينة شنجهاي الصينية منذ 7 سنوات.
"نصف خرف.. ونصف مثقف"
لم يدر أحدًا ما الذي أدى بهذا الرجل إلى مرض الخراف؛ حتى يقبل بثياب متسخة، ومظهر لا يليق بذلك الجزء الذي ظل مستنيرًا من عقله رغم إصابته بالخراف؛ فهو يدرك أهمية القراءة والموسيقى، كما يلقبه المترددين على محطة لمترو بـ«الحكيم والمثقف المجهول»؛ إذ ظل يقضي جل وقته مع الكتب، فضلًا عن كونه ذا أذن موسيقية.
"قصة غامضة"
ولم يدر أحدًا أين أمضى شين وي 19 عامًا قبل أن يستقر به الحال لدى محطة المترو، لكنه كان غريب الأطوار، يجمع القمامة، ويبيعها، ويرفض تلقي مساعدات مادية كالمال أو الطعام، وظل يبيع الصفائح والقطع المعدنية التي يجمعها من القمامة، ثم يشتري بثمنها كتب في التاريخ والفلسفة والموسيقه، وينصح المارة بالقراءة بدلًا من التقاط الصور معه، حتى أن شبكات التلفزيون المحلية، نقلت قصته، بحسبما أوردته صحيفة «China Daily».
لدى هذا الحكيم والمثقف المجهول شين وي، حساب مصرفي به نحو مائة ألف يوان، فضلًا عن المدخرات التي تركها له والده ولم يتلقها بعد، وبحسب مديره الذي طلب منه مغادرة العمل حتى تتحسن حالته، ظل راتبه ساريًا.
"لقاءات تلفزيونية.. وجنوح للعزلة"
أجرت شبكات التلفزيون لقاءات عديدة مع هذا المشرد الغامض، بعدما ذاع صيته عبر شبكات التواصل، فذلك الملقب بـ«نصف خرف ونصف حكيم» تمكن من محاورة شبكات التلفزيون التي تكالبت عليه، حتى أنه طلب الاعتزال، والكف عن التقاط الصور معه حتى يتمكن للتفرغ للقراءة، ناصحًا مذيعو البرامج التلفزيونية بتكريس هذا الوقت للقراءة بدلًا من إهداره معه.
"يلقي أشعار للوطن ويحكي عن قدامى أبطاله"
حكى شين وي أمام شاشات التلفاز قصص أبطال الوطن القدامي، كما ألقى أشعار «دو فو»، أحد أشهر شهراء سلالة «تانج» التي ترجع للقرن التاسع الميلادي، إبان العصور الوسطى، فهو يعي تمامًا المراحل التاريخية للصين ويحكي أبرز محطاتها، فيما