قطوف من الفكر الإسلامي.. سنة حرية الرأي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:49 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قطوف من الفكر الإسلامي.. سنة حرية الرأي

سارة النواوي
نشر في: الجمعة 22 مايو 2020 - 12:34 ص | آخر تحديث: الجمعة 22 مايو 2020 - 12:34 ص

يحمل الإسلام فى أطوائه كل عناصر بقائه، ويتضمن طرق استنباط الأحكام الجديدة من القواعد الأصلية، وهكذا يتمكن المسلمون مهما يختلف بهم الزمان والمكان من أن يواجهوا ما تطالعهم به الحياة المتجددة أبدا من مسائل ومشكلات.
لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم معلما عظيما فلم تعرف الإنسانية نظيرا له بين المعلمين العظام، ما كان أبا أحد من رجال قريش، ولكنه كان رسولا نبيا للإنسانية كافة، أوحى إليه أن يهدى الناس إلى صراط مستقيم.
جاء بالقرآن الكريم، فيه تفصيل كل شىء، ومع ذلك فقد علم الناس أن يفكروا، وألا يحملوا الكتاب وما أنزل إليه كالحمار يحمل أسفارا
لقد أوحى إليه أن الله خلق الإنسان فى أحسن تقويم وأنه تعالى أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم أول إنسان، فسجدوا وأنه جل شأنه جعل الإنسان خليفة له فى الأرض، وعلمه الأسماء كلها، أوحى إليه أن يأمر الناس بأن يتدبروا فى خلق السماوات والأرض، وفيما حولهم وأن يفكروا وأن يواجهوا الرسول بآرائهم وأفكارهم.
لقد جاء الرسول من عند الله يهديهم إلى صراط مستقيم هذا حق، ولكن أمرهم شورى بينهم والرسول مأمور بأن يشاورهم فى الأمر.
وهكذا يعلم الرسول كل الناس من حوله ومن بعده، أن سياسة الحكم هى ثمرة الحوار بين الحاكم والمحكوم، وأن أمر الناس لا يمكن أن يكون لرجل واحد ولو أوتى الكتاب والحكمة، وكان رسولا نبيا.
ويؤكد محمد ص هذا المعنى فينبه الناس إلى أنه بشر، وأنه ليس إلا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة، فليس له حق إلهى على الناس، إن هو إلا بشر يوحى إليه، وهو قد لا يجد كل شىء فى الكتاب المنزل، فيجتهد رأيه، وإنه ليقول: «أنا أقضى بينكم بالرأى فيما لم ينزل الوحى»، ولكنه ينبه الناس إلى أن الخطأ يجوز عليه هو النبى المرسل. وهو من أجل ذلك يحذر أصحاب الباطل من أن يخدعوه ببريق الأكاذيب فيخطئ فى الحكم، إنه ليقول: «إنما أحكم بالظاهر وإنكم لتختصمون إلىَّ، ولعل أحدكم ألحن بحجته من بعض؛ فمن قضيت له بشىء من مال أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار».
لقد حكم بالرأى فى كثير مما واجهه، بعد أن شاور فى الأمر، ومن هذه الأحكام ما عدل هو نفسه بعد أن تبينت له فى الأمر، ومن هذه الأحكام ما عاتبه الله عليه، ونزلت فيه آيات منها: « عفا الله عنك لم أذنت لهم»، «ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض».
وشجاعة النبى فى مواجهة الخطأ درس لكل حاكم وحكيم بعده، لقد كان يحض عماله على أن يفكروا ويحكموا برأيهم إن لم يجدوا الحكم فى الكتاب أو السنة، وهذا هو منطلق الرأى الحر، وإذن فاتباع السنة ليس فى تنفيذ ما قاله النبى أو فى محاكاة أفعاله وسلوكه فحسب، ولكنها فى الاجتهاد بالرأى؛ لأنه (ص) استنبط أحكاما جديدة قياسا على ما أوحى إليه فى القرآن من أحكام، وهو (ص) شرع للمسلم أن يجتهد برأيه وأن يعدل عن الخطأ إلى الصواب إذا اكتشف أنه أخطأ، وهذا هو أساس حرية الفكر فى الإسلام، سئل عليه السلام ما الحزم؟، فقال: «تستشير ذا الرأى ثم تمضى إلى ما أمرك الله به، وهو القائل: «ما شقى عبد بمشورة ولا سعد عيد استغنى برأيه».
من هذا الموقف الفكرى تتفجر فى مبادئ الإسلام طاقاتها المتجددة فلا تتجمد فلا تتجمد النصوص، ولا يتحول الإسلام إلى كلمات أو طقوس بل يصير إلى حركة ذائبة مبدعة تدفع تيار الحياة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك