بحارة بنجلاديشيون ينعون أنهارا قتلتها سدود الهند والتلوث: كانت بيتنا - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:04 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بحارة بنجلاديشيون ينعون أنهارا قتلتها سدود الهند والتلوث: كانت بيتنا

أدهم السيد:
نشر في: الخميس 23 يناير 2020 - 4:46 م | آخر تحديث: الخميس 23 يناير 2020 - 4:46 م

يشير "موسانا روبي" إلى ساق من الخشب يصل لخصره؛ ليعبر كم كان طوله حين بدأ البحارة عبر النهر منذ كان طفلا مع والده ولكن الرجل النحيل أصبح أطول قامة مع تقدمه بالعمر، ولكن على النقيض كان عمق النهر ينحسر في تلك الفترة؛ لذا وجد الرجل نفسه وكأن النهر استغنى عن خدماته، فتوقف عن الإبحار وعمل بدلا من ذلك إسكافيا في سوق القرية.

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، تقطع الأراضي البنجالية 700 نهر، ولكن بسبب تغير المناخ والتلوث كان مصير معظمها الزوال، لدرجة أن المحكمة العليا حاولت تدارك الأمر يوليو الماضي، باعتبار الأنهار مصدرا حيويا يتعرض من يضر بها للعقاب.

ولكن بالنسبة لمجتمعات الصيادين والبحارة المعتمدة على الأنهار، كان ذلك القانون "متأخرا للغاية".

يقول روبي: "كان أحب شيء إلى قلبي، أن أجدف بقاربي وأكون في النهر، ولكن الآن لم يعد النهر بذلك العمق، كما انحسرت الكثير من مياهه فتحولت معظم أجزائه إلى مجرد حقول زراعية".

ومن الملاحظ أنه بمجرد مرور شهر على انتهاء موسم الأمطار في بنجلاديش، وبدأت شبكة أنهار سيرما المارة عبر الدولة نابعة من الهند، في الانحسار لأقل من النصف، ما لم يكن يحدث سابقا.

وروبي من مجتمع صغير يدين بالهندوسية في مقاطعة سلهوت الشمالية المحاذية للحدود الهندية، ومعظم أهلها يعتمد على الأنهار.

ويقول الصياد ليلان تشيندرا: "النهر هو بيتنا، كنا ننزل إليه دائما ونفعل ما يحلو لنا، ولكن الآن لم يعد الأمر مطمئنا، فأنا لدي قاربي وشبكتي، ولكني أذهب كل مرة غير متيقن بأني سأملأ شبكتي بشيء، على عكس أيام الماضي".

وعلى مدار السنوات، كانت الأنهار البنجالية طرق سفر وتجارة شهيرة؛ لذلك قامت على ضفافها المجتمعات وانتشرت حولها الأسواق، كما لا تزال حتى الآن بعض الأسواق العائمة قائمة وسط النهر، وأبرزها لمجتمع تشونيتي المعروفين بصناعة العجينة المضغية من قواقع الحلزونات التي توجد في النهر.

ويقول شيك روكان، مؤسس شبكة شعب النهر البيئية: "الخاسر الأكبر هم الصيادون بعد خراب مئات مجتمعات الصيد، يليهم البحارة"، مضيفا أن أنشطة التعدين والصناعات الملوثة للمياه وتغير المناخ يقفون وراء موت معظم الأنهار البنجالية، متابعا أن السبب الرئيسي في انحسار الأنهار هو "السدود الصناعية التي تقيمها جيران بنجلاديش على الأنهار، وتحديدا الهند".

ونظرا لتشارك الهند وجارتها الجنوبية بنجلاديش في العديد من الأنهار التي تقيم الهند سدودا عليها، فإن الشكاوى من قلة المياه في مواسم الجفاف والفيضانات لم تتوقف على الجانب البنجالي، وكان آخرها أن صرحت وكالة الأنباء البنجالية بأن 78 ألف شخص تأثروا سلبا في أكتوبر الماضي بفيضان نجم عن فتح الهند لسد "فراكا براج" الذي يبعد 20 كيلومترا عن الحدود.

ومن الواضح أن بنجلاديش تدفع ضريبة تقدمها، فرغم أن الدولة منذ استقلالها عن باكستان عام 1971 وتطويرها للطرق وتعميرها للمدن، لدرجة جعلتها تستغنى عن الطرق المائية القديمة، إلا أن ذلك بدأ في التأثير على مواردها المائية.

ورغم تزايد عدد سكان العاصمة داكار بنحو نصف مليون سنويا، فإن ثلثي المياه العذبة هناك قد ضاعت، كما أكد ناشطون تلوث النهر الرئيسي في العاصمة بشكل كبير.

ويقول روكان، إن هناك نحو 38 نهرا بنجاليا تعرض للتلوث الشديد، بينما يعاني 80 آخرين من التدمير؛ بسبب أنشطة تعدين الرمال التي اعتبرها روكان خلال حديثه "وحشا يلتهم الأنهار".

ورغم أن أنشطة تعدين الرمال تعود بالنفع على عمليات التعمير؛ إذ تستخدم تلك الرمال والأحجار في تشييد الشوارع، ولكنها أفسدت معظم أنهار مقاطعة سلهوت مثلا، وفقا لهيئة التشجير الحكومية.

وفي محاولة لإنعاش حياة المجتمعات المحلية، أعدت إدارة إحدى المدن بمقاطعة سلهوت، خطة لتحويل مسار النهر؛ بغية إعادة الحياة له، ما يرى فيه الصياد تشاندريا فرصة جيدة، وكذلك قررت إدارة المدينة دعم فكرة المواصلات النهرية الرخيصة في فرصة للبحار روبي للعودة لمهنته السابقة، ولكن بالرغم من ذلك لم تضف الخطط المقترحة شيئا من الأمل لروبي الذي قرر الاستمرار في كونه "إسكافيا" فقط.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك