على هامش ثورة 1919 (23).. منتقدو الحجاب: ديننا الحنيف لا يتعارض مع المدنية الصحيحة - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:19 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على هامش ثورة 1919 (23).. منتقدو الحجاب: ديننا الحنيف لا يتعارض مع المدنية الصحيحة

حسام شورى:
نشر في: السبت 23 مارس 2019 - 12:37 م | آخر تحديث: السبت 23 مارس 2019 - 2:36 م

السفور تعرض صورة لمحجبة تركية باعتباره الحجاب المناسب وتقول:
أيها السادة الحجابيون الفارق بيننا وبينكم أنكم تتحمسون تحمسا صناعيا لعادات عتيقة خرجت من ايدكم ولم يبق لكم من سبيل إلى تجديدها
الحكمة والمصلحة يقضيان بالتماشي مع الزمن.. والوقوف في وجه التطور مستحيل
نعلم أن أمامنا معارضات قوية وألسنة حادة.. وسنشقى شقاء لا يهونه على المرء إلا وثوقه من صلاح ما يدعو إليه
التاريخ أثبت أن الحجاب لم يكن في أي عصر من العصور خاصا بالمسلمين
من يسعى إلى تحرير المرأة لديه من الأدلة والبراهين ما يثبت به للرأي العام حقيقة ما يدعو إليه


تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، إبراز مجموعة من الأخبار والموضوعات والطرائف واللطائف التي نشرتها الصحف المصرية في شهور فبراير ومارس وأبريل 1919، تزامنا مع اندلاع ثورة 1919، في محاولة استرجاع صورة للمجتمع المصري أيام الثورة، بعيدا عن السياسة، بالتركيز على الأنشطة والأحداث الاجتماعية والثقافية والفنية.

••••••


استعرضنا في الحلقة السابقة دعوات بعض الصحف المصرية، الصادرة في أوائل القرن الماضي، لتحرر المرأة المصرية ومهاجمة حجاب الرأس، وكيف كانت تقابل تلك الدعوات بالهجوم من قبل صحف أخرى، وعرضنا نموذجين من جريدة «السفور» كداعية لحرية المرأة وأهمية تعليمها، و«الكشكول» باعتبارها جريدة معارضة لذلك.


ثورة على «الملاءات المهلهلة والبراقع الشفافة»:
وكانت «السفور» معنية بالأساس بتلك الدعوات وجعلت منها هدفًا من أهداف الجريدة التي استمرت في الظهور حتى عام 1922، ونشرت في الصفحة الرئيسية في عددها الصادر يوم 4 يونيو 1920 صورة لشكل الحجاب الذي تدعو المرأة لارتدائه، وتراه مناسبًا لها (وهو يشبه الحجاب الذي ترتديه أغلب النساء والمتعارف عليه في وقتنا الحالي بشكل كبير)، وقالت الجريدة تحت الصورة: «يقدم السفور اليوم لقرائه صورة نموذج من الحجاب الذي ندعو إليه. وهو الحجاب الذي يتفق كله مع حكم الشرع الإسلامي، ويتفق أيضا مع أصول الآداب العامة والوقار والاحتشام».

 

 

ويضيف عبد الحميد حمدي، صاحب الجريدة، موجها حديثه لمن أسماهم «الحجابيين»: «هذا هو نوع الحجاب الذي ندعو إليه أيها السادة الحجابيون، جئناكم بصورته حتى لا تدّعوا علينا أننا نريد لنسائنا الخروج من حدود الآداب الشرعية، وتخطي أصول الآداب والاحتشام، فما هو حجابكم الذي تدافعون عنه؟ أهو هذه الملاءات المهلهلة والبراقع الشفافة، أم لديكم نموذج آخر من الحجاب نجهله؟ وإذا كان لديكم ذلك النموذج فأين هو؟ وماهي وسيلة الرجوع إليه؟».

وتشرح «السفور» الصورة ولماذا اختارتها لتكون نموذجا مثاليا لها عن الحجاب: «تمثل هذه الصورة إحدى كرائم السيدات المسلمات في الأستانة ولباسها هذا هو الشائع هناك منذ أكثر من عشر سنين. وقد رأيته في زيارتي للأستانة سنة 1912، فهل يرى الناس في هذا اللباس ما يدعو إلى النقد؟ وهل الذي يدعو إلى هذا اللباس يتحسق أن يقابل من بعض الناس هذه المقابلة التي لا تتم عن آداب عالية في المناقشة؟

 

الوقوف في وجه التطور مستحيل:
«أيها السادة الحجابيون إننا ندعوكم أن ترجعوا إلى ضمائركم وعقولكم فتحكموها فيما هو واقع بيينا وبينكم من خلاف، إنكم إذا فعلتم ذلك غير متأثرين بأوهام لا وجود لها إلا في مخيلاتكم المتحمسة لغير شيء أدركتم أنكم ظلمتونا وظلكتم أنفسكم أيضا.
«الفارق بيننا وبينكم، أنكم تتحمسون تحمسا صناعيا لعادات عتيقة خرجت من ايدكم ولم يبق لكم من سبيل إلى تجديدها؛ لإن إرادة الطبيعة فوق ارداتكم وقوتها أكبر من قوتكم. والطبيعة كل يوم في تطور مستمر، وليس في مقدور البشر أن يوقفوا حركة ذلك التطور مهما أتوا من قوة وسلطان.
«انكم كلما رأيتم ذلك التطور الطبيعي في حياتنا الاجتماعية هالكم الأمر وهيء اليكم أن زمام المرأة سيفلت من ايديكم، فصحتم صاخبين شاتمين الذين يحبذون ذلك التطور ويحاولون اتخاذ الحيطة لتوجيهه إلى ما فيه الخير للبلاد، ولكنكم جهلتم أن زمام الحياة ليس في أيدكم ولا في يدنا، وأن التطور يحدث على الرغم منا ومنكم، وأن الوقوف في وجهه مستحيل، فالحكمة والمصلحة يقضيان علينا بأن نماشي الزمن في تطوره محاولين توجيه الحوادث إلى ما يبقى مصلحة قومنا وكرامتهم، بدل أن تقف في وجهه محاولين صده فيجرفها جميعا إلى حيث لا يكون إلا الشقاء والتعاسة.

 


المخاطرة في سبيل التحرر:
«أما نحن، أيها السادة الحجابيون، فنألم ألما حقيقيا لما وصلت إليه حالتنا الاجتماعية من التدهور، نألم لذلك ألما يدفعنا إلى الخروج على العادات الفاسدة التي كانت السبب الأول في هذا التدهور، وثقوا أيها الإخوان، انما مثلكم يصعب علينا تغيير عاداتنا أو تحويرها، ونجد في سبيل ذلك من الجهد مالم نكن لنستطيع تحمله، لو لم ندرك ارداكا يقينيا النتيجة السيئة للعادات التي نحاربها.
«نحن لا نجهل خطر موقفنا أمام قومنا، ونعلم أن أمامنا معارضات قوية وألسنة حادة، واننا سنضحي كثير جدا في سبيل دعوتنا والسهر على تحقيقها وسنشقى في سبيل ذلك شقاء لا يهونه على المرء إلا وثوقه من صلاح ما يدعو إليه، وضرورته لانقاذ الأمة من الحال الفاسدة التي وقعت فيها. وسنبين في الأعداد القادمة السبب الذي يدعو إلى تغيير لباس نسائنا مع ما يرجى تغييره من العادات وأساليب الحياة».

 

حجج تاريخية:
وبالفعل تطرقت «السفور» للموضوع في أعداد لاحقة لها، فنجد في عدد 12 أكتوبر 1920 مقالا كتبه إبراهيم نجيب محمود، طالب بمدرسة الطب البيطري، بعنوان «المرأة والحجاب 1».
فيعتبر في مقاله أن التاريخ أثبت أن الحجاب لم يكن في أي عصر من العصور خاصا بالمسلمين، بل أنه كان موجودا في أغلب الأمم قبل الإسلام، ويشير إلى أن نساء العرب واليهود واليونان والروس وغيرها كن محجبات، «ولولا ما قامت به الدولة البيزانطية وأوروبا الحديثة وأمريكا من الجهود في سبيل تحرير المرأة لظلت هذه المخلوقة المسكينة في كل أطوار الهيئة الاجتماعية مهما تقدمت الحياة المدنية مصدرا لشقاء النوع الأنساني بأسره».

 

ويضيف إبراهيم محمود: «ومازلت نطالب بذلك الحق الشرعي الذي خولته إياها الطبيعة حتى وجدت لها بين الرجال أنصارا يؤيدون دعوتها ويسعون في تحريرها إلى أن وصلت إلى حالتها الحاضرة وقد ساوت الرجل في جميع الحقوق وخولت حرية القول والفعل والسير وحقها في التصويت والانتخاب، ولنا في ذلك الموضوع الخطير نظريتان عموميتان، نظرية دينية وأخرى اجتماعية، ويجدر بنا وغايتنا الاصلاح، أن لا ندع اليأس يتسرب إلى قلوبنا بأن تنظر إلى الأمور نظر السقيم وقد أنهكة السقم.
«ليعلم حضرات القراء أن كل من يسعى إلى تحرير المرأة وتمزيق ذلك الحجاب الممقوت يعتقد تمام الاعتقاد ان ديننا الحنيف لا يتعارض مطلقا مع المدنية الصحيحة ولديه من الأدلة والبراهين ما يثبت به للرأي العام حقيقة ما يدعو إليه».

وفي عدد 21 أكتوبر كتب نفس الكاتب مقال «المرأة والحجاب 2» وساق من الحجج ما يراها صحيحا ومناسبا لوجهة نظره.

 

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك