دار الخلافة (3).. كيف أسس أبو بكر الصديق دولة إسلامية على المبادئ الحديثة؟ - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:43 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دار الخلافة (3).. كيف أسس أبو بكر الصديق دولة إسلامية على المبادئ الحديثة؟

محمد حسين
نشر في: السبت 25 مارس 2023 - 12:21 م | آخر تحديث: السبت 25 مارس 2023 - 12:21 م

بعد وفاة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وإكماله لرسالته وأدائه الأمانة التي وكل بها لأمته، بدأ التاريخ الإسلامي حقبة جديدة بمفردات وأبعاد متعددة، فرضها الجانب السياسي على المشهد في المجتمع الإسلامي، وبفعل الاختلاط بثقافات مترادفات وأفكار مجتمعات مختلفة، مع مد الفتوحات واتساع رقعة الدولة، وتشكل من بعدها عصر الخلافة بعدما مضى عهد النبوة.

وعلى مدار ما يزيد على ألف عام، حكم الدولة الإسلامية العشرات من الخلفاء والحكام، بتتابع الدول الأموية والعباسية والمملوكية نهاية بالعثمانية.

واختلفت مشارب ومآرب كل من تلك الدول وحكامها، ومن المراجع التاريخية وكتابات المفكرين، وتحت عنوان: "دار الخلافة"، نتناول ملامح من سيرة الخلفاء ومواقفهم وفلسفتهم في حلقات مسلسلة على أيام شهر رمضان المبارك.

* الحلقة الثالثة...

تناولنا في الحلقة السابقة، بيعة أبي بكر الصديق في سقيفة بني ساعدة، في أحد أبرز الأحداث في التاريخ الإسلامي، فقد تمت البيعة في جو مشحون بين المهاجرين والأنصار إلى حد كبير، إلى أن وفق أبي عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب في إدارة الموقف واحتواء الغضب، وعرض أسباب أحقية أبي بكر في الخلافة؛ حيث إنه صاحب النبي -صلى- في الغار أثناء الهجرة، وأقرب صحابته له، وتوكيله بإمامة المسلمين في الصلاة خلال مرض النبي.

ومثلت بيعة أبي بكر، وقاية للإسلام الناشئ من فتنة ليس يعلم إلا الله ما كان يحدث فيها، ومهدت للقضاء على كل خلاف بين المسلمين، وللسياسة التي رسمها الرسول -صل- أن تنجح النجاح الذي مهد للإمبراطورية الإسلامية من بعد، بحسب ما ذكر المفكر الكبير محمد حسين هيكل بكتابه "الصديق أبو بكر".

* ديمقراطية الصديق

مع ثبات الأمر واستقراره، وبداية الحكم الفعلي لأبي بكر، جاء تحليل وتقييم ولايته من وجهات فكرية وسياسية، وهو ما تعرض له الكاتب عباس العقاد في كتابه "عبقرية الصديق".

وقال العقاد: "الصديق كان أول خليفة قام بالحكم الإسلامي بعد عهد النبوة فمن الطبيعي أن نسأل عن نوع الحكم الذي توصف به حكومته وحكومة الخلفاء من بعده، وأن نعرف وجه المشابهة بين تلك الحكومة وحكومات العصر التي قامت على المبادئ الدستورية الحديثة".

ويتفق الدكتور محمد حسين هيكل، حيث يقول في كتابه "الصديق أبو بكر"، عن بيعة أي بكر، بأنها بيعة أنشأتها الشورى، فليس انتخاب رئيس الجمهورية في فرنسا، ولا في أمريكا، بأكثر حرية منها، فلما تولى أبو بكر الحكم كانت أول خطبة له موطدة أسس الشورى، مثبتة قواعدها ألم يقل للناس إثر بيعته العامة: «لقد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني».

* حكم رشيد

وأوضح العقاد، أن للديمقراطية أشكالا تختلف في العصر الواحد بين أمة وأمة، ولها قواعد دستورية ومقدمات تاريخية من العسير أن نوحد بينها وبين قواعد الخلافة ومقدماتها، ومن السهل جدا أن نصدف عن هذا التوحيد دون أن نغض من نوع الحكومة في صدر الإسلام؛ لذا ليس من المحقق أن حكومة الإسلام يومئذ توصف بالديمقراطية على المعنى الذي نفهمه من هذه الكلمة في هذه الأيام، ولكن من المحقق أن الحكومة الإسلامية بعيدة كل البعد من جميع أنواع الحكومة المعيبة.

فإذا كانت حكومة الخلافة لم تقرر الديمقراطية على أساسها العصري المعروف بيننا فهي — بلا ريب — قد أبعدت مبادئ الأوتوقراطية، ومبادئ الثيوقراطية، ومبادئ الأليجاركية، ومبادئ حكومة الغوغاء، وسائر المبادئ التي لا تستقيم مع حرية الفرد ومع الفطرة السليمة.

فالأوتوقراطية، وهي حكومة الفرد المستبد وممنوعة في الإسلام؛ لأن القرآن الكريم يأمر النبي -صل- أن يشاورهم في الأمر، وينص على أن: وأمرهم شورىٰ بينهم [الشورى: ٣٨].

وإذا كان النبي الذي يتلقى الوحي الإلهي لا يجل عن مشاورة أتباعه والرجوع إلى رأيهم في سياسته، فغيره من ولاة الأمر أولى أن يتقيد بالشورى، ويتجنب حكومة الطغيان.

* ليست سلطة دينية

وأكمل العقاد، أن الدولة في عهد أبي بكر، لا تصنف بأنها دولة ثيوقراطية أي الحكومة التي يدعي فيها الحاكمون صفة إلهية ممنوعة كذلك في الإسلام؛ لأن القرآن الكريم يعلم المسلمين أن النبي -صل- بشر مثلهم ويبطل الكهانة والوساطة بين الإنسان وربه، وقد نهى النبي -صل- ولاته وأمراء جيشه أن يبرموا العهود باسم الله أو باسم رسوله، فكان يقول لمن ولاه: «… لا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله»،
ولما قيل للصديق: "يا خليفة الله"، أنكر ذلك وقال: "إنما أنا خليفة رسول الله، وسأل الناس أن يقوموه ويرشدوه".

اقرا أيضا: دار الخلافة (2).. مشاهد من بيعة أبي بكر بسقيفة بني ساعدة

وغدا نلتقي في حلقة جديدة...



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك