خالد أبو بكر يروي حواديت ثورة 1919: 100 عام من التبرعات «الرمضانية» للفقراء وأبناء السبيل - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:07 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خالد أبو بكر يروي حواديت ثورة 1919: 100 عام من التبرعات «الرمضانية» للفقراء وأبناء السبيل


نشر في: السبت 25 مايو 2019 - 10:37 ص | آخر تحديث: السبت 25 مايو 2019 - 10:37 ص

يبدو أن نشاط حملات جمع التبرعات خلال شهر رمضان، ليست وليدة العصر الحديد، وأن لها جذور فى التاريخ المصرى، وهو ما يرصده الكاتب الصحفى خالد أبوبكر فى كتابه «رمضان والثورة»، الصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
فمن القضايا التى شغلت الرأى العام المصرى بعد سفر الوفد المصرى إلى باريس وهدوء الأوضاع نسبيا بعد مواجهات الثوار مع سلطة الاحتلال البريطانى، مسألة إنشاء «ملجأ الحرية»، ذلك المشروع الذى كان يستهدف «تربية الأيتام وأبناء الشوارع ليكونوا رجالا عاملين لسعادة مصر الحرة‏»، على حد تعبير صاحب الدعوة إلى إنشائه.
د. يونان لبيب رزق، المؤرخ المصرى المعروف، فى عمله البديع والقيم «الأهرام ديوان الحياة المعاصرة»، التقط بعين المؤرخ الحصيف قصة «ملجأ الحرية»، وحكاها من خلال ما نشر فى «الأهرام»، وأستأذن فى استعراض هذه القصة كما رواها أستاذنا د. رزق بأسلوبه السهل الممتنع والشيق فى آن واحد، فضلا عن عرضه العميق للسياق الذى جاءت فيه الدعوة لهذا الملجأ من خلال جريدة «الأهرام».
وقبل أن نعيش مع ما كتبه د. رزق عن «ملجأ الحرية»، أنوه إلى أننا سنعود بعد الانتهاء منه لنعرض حالة الجدل الحادة التى كانت مثارة حول هذا الملجأ المنشود خلال شهر رمضان الأول بعد ثورة 1919، بعد عدم تشجع الأغنياء لفكرة الملجأ، والتى وضحت من خلال عدم الإقدام على التبرع لإتمامه، مع التذكير بأن عرضنا سيكون من خلال جريدة أخرى غير «الأهرام» هى «المنبر»، التى لم يكن يمر يوم من دون احتوائها على مقال أو خبر عن ذلك الملجأ، علما بأن جريدة «مصر»، هى الأخرى كانت تنشر يوميا برقيات شكر لمن تبرع لهذا الملجأ، ذاكرة اسمه ووظفته، لتشجيع المواطنين على التبرع. والآن إلى مقال د. رزق:
«المعلوم أن (الأهرام) قد انحازت خلال الأعمال الثورية التى تفجرت فى ربيع عام ‏1919‏ لجماعات الأفندية التى ظلت تحتكر العمل السياسى طوال السنوات السابقة على قيام الثورة‏,، وقد اعتقد محرروها أن أكثر ما يسىء لهذا العمل الوطنى الكبير اشتراك من أسمتهم بالرعاع واللصوص من أبناء الأحياء الشعبية‏، الذين ارتأت أنهم وراء أعمال النهب والسلب التى عرفتها المظاهرات‏، وأنهم بمثل تلك الأعمال يشوهون شكل الحركة الوطنية ويؤخرون الاستجابة لمطالبها‏.‏
ونحن لا نوافق القائمين على تحرير (الأهرام) آنئذ على ذلك‏,، لأن معناه ببساطة تجريد الثورة من عمقها الشعبى الذى كان من أهم أسباب قوتها‏، وتحولها إلى مجرد شكل من أشكال النضال الحزبى الذى عرفته مصر ضد الاحتلال قبل الحرب العالمية الأولى عام 1914 لذى لم يؤت بثمرة كبيرة‏.‏
رغم ذلك ولأننا لا نملك تغيير التاريخ فإننا نتفهم الموقف الذى تبنته جريدتنا بعد ذلك بالدعوة لرعاية أبناء الشوارع‏، باعتبارهم المنبع الذى يأتى منه الرعاع‏، ونتفهم أيضا ترحيبها بالدعوة التى أطلقها د. عبدالعزيز نظمي‏، وكان من أكثر النشطين فى حركة العمل الأهلي‏، والتى جاءت فى مقال طويل له نشرته (الأهرام) يوم ‏9‏ إبريل عام ‏1919‏ تحت عنوان ملجأ الحرية‏..‏ قال‏:‏
ليس فى إمكان إنسان مهما كانت بلاغته أن يصف مقدار الفرح العظيم الذى شمل قلوب المصريين بأجمعهم حيث حصلنا بفضل اتحادنا على بعض مطالبنا وأصبحنا نترقب بفروغ صبر اليوم السعيد الذى نحصل فيه على الحرية التامة التى هى من حقوق كل إنسان وكل شعب‏.‏
بعد هذه المقدمة التى جاءت تعبيرا عن شعور عام ساد المصريين بعد الإفراج عن سعد زغلول وصحبه من مالطة وتوجههم إلى باريس لرفع المطالب المصرية لمؤتمر الصلح‏، قدم الدكتور نظمى اقتراحا محددا لأبناء وطنه العزيز‏، على حد وصفه‏، وكان الهدف منه النظر فى شئون الرعاع أو أبناء الشوارع‏، فيما جاء فى قوله بالحرف الواحد ابتهالا بهذا السرور العظيم أقترح على أبناء وطنى العزيز أن يكتتب كل واحد منهم بقدر ما تسمح به نفسه ولو بقرش واحد لنشيد ‏(‏ملجأ الحرية‏)‏ لتربية الأيتام وأبناء الشوارع ليكونوا رجالا عاملين لسعادة مصر الحرة‏.‏
تبع ذلك أن أعلن الرجل افتتاحه لهذا الاكتتاب بتبرعه بألف قرش كاملة‏ (!)‏ وذكر أنه قد اختار (الأهرام) الجريدة المصرية التى برهنت بأجلى بيان على صدق ولائها لمصر والمصريين ليرسل إليها المكتتبون بتبرعاتهم‏، وكان من الطبيعى أن ترحب صحيفتنا بهذا التكليف‏، وبدأت منذئذ تفرد للمشروع مساحات غير قليلة منها سواء على شكل مقالات كتبها د. نظمى لشرح مقاصد مشروعه‏، أو وضعها المسئولون عن الجريدة أنفسهم والذين تحمسوا للمشروع‏، أو بعث بها قراؤها على شكل رسائل يبينون فيها مزاياه‏، أو على شكل قوائم المكتتبين التى بدأت طويلة ومتتالية‏، غير أنه كلما مر الوقت كانت تقصر وتتباعد‏!‏



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك