حتى بعد بناء أضخم وأكبر الكباري والجسور باستخدام أحدث التكنولوجيا، لايزال سكان منطقة كوسكو في بيرو يستخدمون العشب في بناء جسورهم، حيث قاموا مؤخرًا بتشييد جسر جديد عبر نهر أبوريماك، مستخدمين فيه القوة البشرية ومواد من الطبيعة فقط دون أي أدوات حديثة؛ وذلك حسبما جاء في الـ"بي بي سي".
ويعد بناء الجسر كل عام تقليدا تتوارثه الأجيال من قبائل الأنكا جيلا بعد جيل؛ من أجل إحياء الربط بين ضفتي المعبر، ويتولى الإشراف على تنفيذه أكبر الأشخاص سنا في القبيلة، حيث تنص التقاليد القبلية على أن الرجال وحدهم لهم الحق في المشاركة في بناء الجسر، بينما تعمل النساء في نسج الحبال التي يصنع منها الجسر.
ويمر بناء الجسر بعدة خطوات: أولها: تجمع الرجال حول الجسر القديم لنسج الحبال الأصغر وتضفيرها لتصنع 6 حبال كبيرة من 3 طبقات، تمثل الهيكل الرئيسي للجسر، الذي يضم 120 حبلا من الحبال الصغيرة، قبل تضفيرها.
وتتولى كل أسرة أمر نسج مقطع من حبلين يدويًا باستخدام نوع من العشب القوي المعروف محليًا باسم (كويا أكيو)، الذي يمر بعدة مراحل لمعالجته، أولها: الضرب عليه بحجر مستدير، ومن ثم نقعه في المياه؛ ليكون أكثر مرونة وليونة وقدرة على التشكل أثناء نسجه وبرمه، وبعد الانتهاء من صناعة الحبال الـ6 المكونة للجسر، يستخدم 4 منها كأرضيات له، والحبلين الباقيين يعملان بمثابة مسندا أو جدارا للجسر الذي يتم اختباره وصلاحيته للسير وقدرته على تحمل المرور عليه.
تستمر عملية صناعة الجسر 3 أيام، يقوم فيها على إطعام العاملين في الجسر مجموعة مخصوصة لهذه المناسبة، حيث تتولى إعداد أكثر الأطباق شيوعا من الدجاج وسمك السلمون والبطاطس المزروعة محليا.
يذكر أن منظمة اليونسكو أعلنت موقع الجسر من ضمن التراث العالمي عام 2013.