رواية المرحوم.. لماذا يخاف الأحياء من الأموات؟ - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:10 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الروائى حسن كمال .. فى حضرة ميت حى

رواية المرحوم.. لماذا يخاف الأحياء من الأموات؟

غلاف الرواية
غلاف الرواية
كتبت ــ منى أبوالنصر:
نشر في: الجمعة 25 أكتوبر 2013 - 11:07 ص | آخر تحديث: الجمعة 25 أكتوبر 2013 - 11:07 ص

غالبا ما سيقتنصك غلاف أحمد مراد الذى تقمص روح «المرحوم» الفريد الذى عبر عنه حسن كمال فى روايته الجديدة.

تجده قد أشاح وجه المرحوم بكفنه الأبيض، وحرر له ذراعين ويدين يستعين بإحداها على أن ينفث بـ«حلاوة روح» دخان سيجارة مغمورة، وباليد الأخرى يمسك كوب شاى أوشك على الانتهاء.

تلتقط المشهد «الساخر» وتبدأ فى دخول عوالم «المرحوم» المتشابكة، التى لم يتوان مؤلفها الدكتور حسن كمال عن بذل كل نفيس من أجل توريطك فى الاشتباك فى عالم بطله «المرحوم»، وتحمل الكثير من الانطباعات والتساؤلات عن حقيقة عالم الأحياء الذى تعيش فيه وعالم الأموات الذى تخشاه.

يدخلك عبدالحى عامل المشرحة إلى عالمه الموارب بلا مقدمات، ترتبك قليلا فى البداية، تتساءل: هل هذا الصوت الراوى هو لحى يرزق أم لروح معلقة بين السماء والأرض.. قد يكون «عفريت» أحدهم؟!

منتصف

تستوضح الأمر رويدا.. هو رجل حى له سمات شديدة الغرابة، قدِّر له أن يكون أحد سكان المقابر وما أدراك ما المقابر بكل ما خلفته من موت داخل قلبه النابض، تجده يتحدث عن دور ما قُدر له أن يلعبه بعيدا عن صخب العيش، يساعد ظهور شخصية محمود سلمان طالب الطب والمسئول عن مجلة الكلية فى الكشف عن نقاب شخصية عبدالحى، يجتر كثيرا من بواطن نفسه وهو يحكى قصته للدكتور محمود الذى يجد نفسه مجذوبا فى عالم عامل المشرحة الذى يقول عن نفسه «أنا دائما في المنتصف، أنا روح معلقة فى منتصف الطريق بين الأرض والسماء، وجسد محشور فى وسط الطريق بين سطح الأرض وبطنها، كل شىء يؤكد لى ذلك.. أنا عالق فى المنتصف.. اسمى عبدالحى وكنيتى المرحوم، أعيش وأتحرك كالأحياء فى عالم الموتى من أول يوم فى عمرى».

ثأر

يستمر فى حالة البوح تلك مجترا ذكريات طفولة ومدرسة تفوق فيها، وكان ربما، بحساب المجاميع، تأهل ليكون ضابطا أو طبيبا ولكنه وحسب فلسفته الخاصة «لا أريد أن أكون طبيبا ولا ضابطا،لا أريد أن أجد نفسى مسئولا يوما عن إنقاذ جسد يموت أو عن طلقة أقتل به عدوا ولا لصا، أريد أن أحيا ولا أتعامل إلا مع الحياة».

جعل المؤلف حسن كمال لروايته الأحدث، الصادرة عن دار الشروق، راويين رئيسيين وهما بطله المرحوم ومحمود سلمان، الذى يتسلم راية المهام المقدسة التى أشركه فيها المرحوم، والتى أولها فى البداية بأنها نوع من الهلوسة المصحوبة باضطرابات عقلية حادة أو على حد تعبيره «Hyperstrange person إنسان فوق الغريب»، فهو عامل المشرحة الذى يحدثه عن مهام بعث من أجلها، وهى تحقيق آمال الموتى الذين لم يسعفهم عداد العمر من أجل تحقيقها، ليس فقط الآمال وإنما حتى «الثأر»، كان يقنعه بأنه يدخل روحه إلى جسد الأموات فى المشرحة ليتصرف بالنيابة عنهم، كذلك فعل فى جسد سميحة زوجته التى ماتت بسبب إهمال أحد الأطباء حتى نزفت موتا وهى تجهض طفلهما، فدخل جسدها وذهب لينتقم من هذا الطبيب الذى جرده من حبيبته التى باتت جثة فى مشرحة يعمل بها.

كابوس

تقرأ التفاصيل التى يغمرك بها حسن كمال وأنت معلق ما بين شك ويقين، هل يتخيل «المرحوم» كل هذا أم أنه مسخر من أجل تحقيق مصالح هؤلاء.. يحيلك إلى تساؤلات تسكن «المرحوم» عن الموت والحياة يتساءل يوميا بعد رؤيته لكابوس اللحود المعتاد الذى يفزع لرؤيته «لماذا يخاف الأحياء من الأموات؟ المفروض أن العكس أصح، أصحاب الحياة أقوى من أصحاب الموت، لماذا رمشة واحدة من ميت قد تخيف آلاف الأحياء رغم أنها تساوى شيئا؟»

رغم تورطك بالتبعية مع تلك التساؤلات التى سكنت المرحوم، إلا أن حسن كمال طرح من خلال الرواية أيضا عددا من القضايا شديدة الارتباط بعالم الأحياء الملتبس ومن بينها حقوق الأقباط والعملية التعليمية فى مصر، من خلال شخصيات ارتبطت بعالم بطله عبدالحى، بالإضافة إلى براعته فى تقديم وصف عامر التفاصيل لعالم المقابر، التى على الرغم من شدة بؤسها يتأملها عبدالحى بقوله «اكتشفت أن الحياة ميتا فى المقابر أفضل مائة مرة من الحياة فى الغابة»، التى يقصد بها الدنيا.

الدور الأعظم

يظل المرحوم على عهده بأنه «عون للأحياء والأموات» فى تفاصيل قد يفسد التصريح بها متعة متابعة الرواية، وما يؤدى له هذا العون، من وجهة نظره، إلى أن يرتبط مصيره بمصير طالب الطب محمود سلمان الذى لم يستطع الهروب من «المرحوم» رغم أنه بالنسبة له كان شخصا مركبا وغريبا ولكنه يقرر متابعة مغامراته لتحقيق آمال الموتى، رفاقه فى المشرحة، وهو الدور الذى ظل لنهاية الرواية يعتبره المرحوم «الدور الأعظم».

رواية حسن كمال «المرحوم» هى الأولى له بعد اقتران اسمه بالقصة القصيرة التى نال عنها العديد من الجوائز وعلى رأسها «كشرى مصر» التى حصلت على جائزة ساويرس فى الأدب، وقام الكاتب الكبير علاء الأسوانى بتقديم روايته الأولى تلك معتبرا أنها رواية تستحق القراءة.

وعلى الرغم من أنها روايته الأولى إلا انها احتلت قوائم الأفضل مبيعا فى المكتبات، وقام بحفل توقيع لروايته فى مكتبة الشروق بالزمالك أخيرا، أكد فيها أن «المرحوم» ليست لها أيه اسقاطات سياسية، حيث إنها كتبت قبل 30 يونيو، وحتى قبل 25 يناير.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك