كيف تعاملت رضوى عاشور مع الشعور بالوحدة؟ - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:23 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف تعاملت رضوى عاشور مع الشعور بالوحدة؟

الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الثلاثاء 26 مايو 2020 - 11:05 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 26 مايو 2020 - 11:05 ص

يأتي عيد الفطر هذا العام والكثير من الناس جالسين في منازلهم، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي تسببت في تعطيل اغلب الأنشطة والعادات المرتبطة بالعيد، خاصة المتعلقة بالترفيه والتسلية.

يفضل الكثير الإطلاع على الكتب أو قراءة السير الذاتية كنوع من تخفيف الضغوط والابتعاد عن الواقع قليلاً، خاصة في لحظات الأزمات الشديدة أو القلق والتوتر، وربما يكون الكتاب هو العالم الأفضل للهروب له أثناء الجلوس في المنزل، وفي ضوء ذلك تأذنا السطور القادمة مع الكاتبة رضوى عاشور، التي يصادف اليوم ذكرى ميلادها، في أحد محطات حياتها، وهي أمريكا.

في كتابها "الرحلة.. أيام طالبة مصرية في أمريكا"، تروي رضوى في أسلوب أدبي منذ اللحظة الأولى لها في المطار، عام 1973، أثناء توجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لدراسة جانب جديد من الأدب المرتبط بحركات النضال، وتحكي في أسلوب سردي روائي بخفة ظل ومواقف مرت بها هناك منذ لحظات وصولها الأولى.

بعين مندهشة تراقب كل شيء وتلاحظه بشدة، نتيجة لاختلافها عن حياتها التي اعتادتها، أخذت رضوى تحكي التفاصيل، وتعبر عن خوفها من الغربة، وترددها تجاه دراستها الجديدة، التي شعرت بالقلق تجاهها، خوفاً من أن تكون غير مفيدة لها.

وقالت: "إنني بدأت اشعر بالخوف وإنني قد أغالب غربتي وأستمر وقد أحزم أمتعتي وأذهب لا أدري قلت إنني أريد دراسة الأدب الأفرو أمريكي كجزء من انشغالي بعلاقة الأدب بواقع النضال الشعبي وإنني أدرس في قسم الأدب الإنجليزي ولكنمي لا أريد التورط في بذل سنوات من العمر والجهد في دراسة لا تدحل نطاق همومي الملحمة والقضايا الأكثر إلحاحاً لواقعنا الثقافي"، كانت رضوى حينها فتاة ناضجة وحاصلة على الماجستير، إلا أن هذا الموقف يعبر عن مدى قلق الانسان مهما بلغت درجته العلمية، وخوفه من الغربة والتردد مع أول لحظاتها.

لم تترك رضوى الطبيعة دون أن تحكي لنا عنها، وسط سطور حكايتها، فقد حرصت على نقل مشاعرها نحو الحياة الجديدة التي تراها، فقالت: "ثم تجاوزنا أمهرست- مدينة في ولاية أوهايو- ورحنا نصعد إلى التلال الواقعة إلى شمال البلدة عبر سكك جبلية ملتوية بين أشجار ساقمة تحجب بأفرعها المتشابكة الكثيفة الخضراء ضوء الشمس، وبدا لي المكان وسط الخضرة الغائمة في الغس الوشيك جميلاً ومختلفاً وهذا السكون الذي أنصت له وأستجيب غريب على كأنه خلق جديد".

ولم تنس رضوى أن تحكي عن أول يوم في الجامعة، بذات العين المندهشة لكل ما تراه قالت: "حين وصلت الجامعة لم تكن الدراسة قد بدأت بعد وكان معظم الطلاب لا يلبسون إلا الشورت والطالبات يضفن له بلوزة قطيفة لا يتجاوز عرضها الشبر تترك البطن والظهر عاريين للشمس ويسيرون أحياناً حفاة في المكان يتبادلون قبلات العشق علناً، ورغم طرافة المشهد الذي لم يكن يسيء لأي معتقد لدي فقد كان يؤكد أنن بعيدة بل بعيدة جداً عن كل ما عرفت وألفت وأنني وحدي"، وغلب عليها في السطور الأولى من مذكرات هذه المرحلة الشعور بالوحدة والاغتراب الشديد رغم تأكيدها على اتقانها للغة الإنجليزية ومحاولتها كسر المخاوف والتواصل مع الآخرين.

وأما في غرفتها الخاصة أخذتنا رضوى إلى تفاصيلها، وشريكتها في السكن التي كانت تنحدر من أصول ملكية برتغالية، لذلك كانت تتعامل معها بحذر وتحافظ على المسافات في الحديث، مما دفع رضوى بمزيد من الشعور بالندم على خطوتها التي أوصلت بها إلى هذه الحالة، وقالت: "زاد وجود لوزي معي في الغرفة من إحساسي بأنني وحدي أقول لنفسي أحيانا هل فقدت عقلي لكي أستبدل بيتي في القاهرة ورفقة مريد بهذه الجنوبية البيضاء ودبها القطني".

واستكملت رضوى حديثها عن كل تفاصيل العالم الجديد الذي اختارته والدراسة التي قررت أن تكون جزءً من مسيرتها العلمية، وحرصت على أن تنقل في كل فصل من فصوله تفاصيل دقيقة عن الحياة في ولايات أمريكا، ومظاهر الحياة فيها والأشخاص الذي تلتقيهم، وكان انتظار الخطابات من القاهرة هو ملجأها عندما تشعر بمزيد من الوحدة، فالانتظار كان الحل كما وصفت.

أما الحل الآخر الذي اتبعته في وحدتها، هو قراءة الخطابات القليلة التي تصل كل حين وآخر، فهي تشعرها بالدفيء، وتعود بها إلى الذكريات، وتصف شعورها في هذه اللحظة قائلة: "تأتيني كلمات مريد كقبلة على الجبين تباركني"، وهنا زاوية أخرى في التعامل مع الوحدة وهي الاستئناس بالأحباب والمقربين حتى وإن ابتعدت المسافات بين الشخص وأحبابه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك