كيف تسببت «جثة» في خداع قوات هتلر وتحويل مسار الحرب العالمية الثانية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:45 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف تسببت «جثة» في خداع قوات هتلر وتحويل مسار الحرب العالمية الثانية

إنجي عبدالوهاب
نشر في: الأربعاء 26 يونيو 2019 - 7:46 م | آخر تحديث: الأربعاء 26 يونيو 2019 - 7:46 م

هل يمكن لجثمان شخص ميت أن يحول مسار التاريخ، ويقلب موازين القوى العالمية رأسًا على عقب عبر "خدعة" ! .. أجل هذا ما فعلته الاستخبارات البريطانية بالتعاون مع دول الحلفاء للتخلص من تسلط القوات النازية المحتلة لبلادهم.

بدأت قصة الخدعة الاستخباراتية الأشهر في التاريخ الحديث والأنجح إبان الحرب العالمية الثانية والملقبة بـ«Mincemeat»، في صباح أول أبريل من عام 1943، بعدما اكتشف أحد الصيادين قبالة ساحل«هيولفا» الإسباني، جثمان يفترض أنه لأحد ضباط البحرية الملكية البريطانية، طفا على ساحل البحر في تلك الرقعة المتعاطفة مع النازية.

عثر الصياد الإسباني على هذا الجثمان بعدما زودته الاستخبارات البريطانية ببطاقة هوية تشير إلى أنه لضابط الاستخبارات البريطاني، ألميجور ويليام مارتن، وأوراق أخرى تفيد بأنه فى مهمة سرية إلى قادة الحلفاء في شمال أفريقيا، حاملًا وثائقًا سرية توحي بأن الغزو البرمائي الكبير الذي تعتزمه دول التحالف بقيادة بريطانيا ضد ألمانيا لن يقع في صقلية، إنما في اليونان وسردينيا، وكما كان مخططًا بالضبط دفعت الأمواج الجثمان الذي تحرك من لندن عبر خطة محكمة إلى شاطئ هيلوفا الإسباني ليكتشفه ضباط البحرية الألمانية، ليترتب على ذلك أرسال الألمان بقواتهم البرية والبحرية إلى اليونان وسردينيا، وحولوا اهتمامهم عن صقلية التي وقعت على إثر ذلك كفريسة سهلة في يد دول الحلفاء.

 

 

ففي عام 1943 كانت قوات الحلفاء وأهمها بريطانيا وفرنسا والصين وبولندا، قد سيطروا على شمال إفريقيا واستعدوا لغزو أوروبا التي تحتلها قوات النازي عبر إقليم صقلية الإيطالي الذي يعد أنسب مكان لهذا الغزو آنذاك، ولوعيهم بأن الألمان سوف يستميتون فى الدفاع عن صقلية نظرًا للأهميتها الاستراتيجية كان يتعين عليهم خداع الاستخبارات الألمانية وإيهامها بأن أساطيل الحلفاء سترسوا فى مكان آخر.

وبناءًا عليه وجد جهاز الاستخبارات البريطاني طريقه للخدعة الأمثل بعدما تحطمت طائرة بريطانية تدعى «كاتالينا» قبالة ساحل قادس الإسباني ومقتل جميع من كانوا على متنها في 25 سبتمبرعام 1943، ليقرر على الفور استغلال الحادث، واستخدام أحد جثامين ضحاياها المجهولة لخداع القوات النازية.

 

 

ألبست الاستخبارات البريطانية الجثمان المجهول زي أحد ضباط البحرية الملكية البريطانية وألقوا به محملًا ببعض الأوراق من قبو بدون نوافذ أسفل ساحل «وايتهول» في لندن داخل غواصة ليسافر من العاصمة البريطانية لندن إلى اسكتلندا وصولًا إلى إسبانيا التي تعج بالمتعاطفين مع النازية لينتهي المطاف بهذا الجثمان على مكتب هتلر بألمانيا الأمر الذي ترتب عليه تحويل اهتمام القوات النازية عن صقلية لتقع فريسة سهلة لغزو دول الحلفاء.

أطلق على هذه العملية التي كان بطلها جثمان مجهول استخدمته الاستخبارات البريطانية كعميل سري وحيد لعمليتها اسم مينيسميت «Mincemeat».

 

 

كانت هذه الخطة العبقرية التي لم تكلف جهاز الاستخبارات البريطاني سوى جثمان لشخص مات مسبقًا من بنات أفكار ضابط سلاح الجو الملكي البريطاني الملازم تشارلز كولومونديلي، إذ قدمها أثناء عمله كسكرتير لأحد لجان الاستخبارات البريطانية في 30 أكتوبر 1942 كان يترأسها، جون ماسترمان، الجنرال غريب الأطوار الملقب بحصان طروادة الاستخبارات البريطانية آنذاك.

أسهمت الخطة الاستخباراتية مينيسمت «Mincemeat» في تحويل مسارالحرب العالمية الثانية والتاريخ بتغييرها موازين القوى العالمية، إذ كان الاستيلاء على صقلية هو المفتاح الأمثل لتغلب دول التحالف على ألمانيا النازية، وساهم غزوها في تأمين البحر الأبيض المتوسط كما مهد الطريق أمام قوات التحالف للهجوم على البر الرئيسي لإيطاليا لاحقًا والتغلب على دول المحور بزعامة ألمانيا، لتنطلق بعد ذلك سلسلة من الأحداث التي غيرت مسار الحرب العالمية الثانية والتاريخ.

 

 

اللافت في مسيرة هذه الخدعة الاستخباراتية الأغرب في التاريخ الحديث ليس اعتمادها على جثمان ميت فحسب بل أنها انتقلت من درب الخيال لتصبح أحد أشهر وأغرب القصص الواقعية على الإطلاق؛ فهي مستوحاة من عمل أدبي خيالي، وهو رواية "غموض قبعة ملنر" «The Milliner's Hat Mystery»، التي صدرت للروائي، باسل تومسون عام 1937.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك