لم تسلم كرة القدم في فلسطين، من ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي أقدمت على منع افتتاح دوري العائلات المقدسية، الأحد - 18 أغسطس في نسخته الثالثة، الذي يقام على ملاعب جمعية برج اللقلق في مدينة القدس المحتلة.

فمنذ عامين، والعائلات المقدسية تشارك في فعالية اجتماعية رياضية، تعمل على إحياء البلدة القديمة في القدس، وتعزيز الترابط بين العائلات في العاصمة المحتلة، التي طالتها محاولات تهويد كبيرة، نالت من الهوية العربية والإسلامية للمدينة، وهو الهدف الذي تسعى إليه جمعية برج اللقلق "إحياء ليالي القدس من كل الجوانب الاقتصادية والدينية والرياضية"، كما يقول علاء جمجوم منسق الأنشطة الرياضية في جمعية برج اللقلق لـ«الشروق».

كان جمجوم رفقه مسؤولي جمعية برج اللقلق، يضعون اللمسات الأخيرة لافتتاح الدوري، إذ فوجيء بقوات الاحتلال تقتحم مبنى الجمعية، يوم الأحد - 18 أغسطس، وتسلمهم قرار وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، بمنع دوري العائلات المقدسية، بدعوى تمويله من السلطة الفلسطينة، بما يخالف القانون.

اتخذت جمعية برج اللقلق مسارها القانوني أمام المحاكم الإسرائيلية لاستئناف دوري العائلات المقدسية، والتأكيد أن الفعالية ليست لها علاقة بالسلطة الفلسطينية "فهي مدعومة من السيد منير الكالوتي وهو رجل مقدسي ليس له علاقة بالسلطة أو الجوانب السياسية"، حسبما يقول جمجموم، لكن هناك مسارا آخرا اتخذته العائلات المقدسية ضد قررا منع دوري العائلات.

إذ انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لشبان فلسطينيين يلعبون كرة القدم، وهو يرتدون الأقنعة، والأطقم الرياضية، كان هدف العائلات والشباب الذين لعبوا بالأقتعة توصيل رسالة "إنه الرياضة محرومين نلعبها، وصار نسأل نلعب مقنعين يعني! احنا بدنا نلعب الكرة فقط، وبسبب الحكم إللي طلع جديد، راح نلعب مقنعين مش أكثر، عشان نحافظ على حالنا وأنفسنا"، حسبما يقول جمجوم.

كان هذا هو المسار الآخر الذي اتخذته العائلات المقدسية "أنا بدي ألعب وهو منعني فأنا بغطي وجهي"، وهو رفض نهائي كما يقول جمجوم لقرارات سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدم الامتثال لها.

نحو 3 سنوات، ودوري العائلات المقدسية يقام في مدينة القدس، وهو دوري يقام بنظام العائلات، إذ يسمى كل فريق على اسم عائلته، ويحضره نحو 1500 مشجع يوميًا، ويقام بنظام الملاعب الخماسية، بواقع 5 مباريات في اليوم الواحد، إذ تقسم المباراة على شوطين، كل شوط 10 دقائق.

ويضم الدوري في نسخته الحالية 159 عائلة، بعدد 2844 لاعب مشارك في البطولة، 365 مدرب كرة القدم إضافة إلى مساعد المدرب، والجمهور والإداريين المنتفعين من هذه البطولة، حسب بيان صادر من جمعية برج اللقلق.

خلال الـ3 سنوات، حقق نشاط دوري العائلات قصص نجاح كثيرة على صعيد العائلات كما يقول جمجوم: "كانت في عائلات متخاصمة من 12 سنة ولاد عام وخال، بهذا الدوري تصالحوا مع بعض ورجعت علاقتهم خلال مباريات كرة القدم، وتم عمل صلح عشائري بينهم".

حسب جمجوم لا يتطلع الدوري إلى مسألة الفوز والخسارة، لكنه يهدف إلى التشبيك وتقوية علاقات العائلات المقدسية التي تبعادت بفعل ممارسات سلطات الاحتلال في القدس "في حال أوقعت القرعة عائلتين مع بعض، نتطلع إلى تشبيك العلاقات مش مسالة فوز وخسارة، بالإضافة إلى أنه بعد كل مباراة هناك وجبة عشاء للفريقين مع بعض الفائز مع الخاسر".

ولأن كرة القدم نابعة من طبيعة المجتمع ذاته، فقد خرجت فكرة دوري العائلات المقدسية، من سجون سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدًا من الأسير نهاد الصغير، الذي يقبع في السجون الإسرائيلة منذ عامين، ويتبقى له عام واحد على انقضاء مدته، وفقًا لجمجوم.

وجمعية برج اللقلق كما تعرف نفسها، جمعية تنموية غير ربحية تعمل لتحسين الواقع الاجتماعي، الثقافي، والرياضي في البلدة القديمة من مدينة القدس، أسست عام 1991، ولها نشاطات متعددة منها كرة القدم، السلة، التايكوندو وغيرها، ومساحتها هي ثان أكبر مساحة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة بعد مساحة المسجد الأقصى وتبلغ 9 دونمات (9 آلاف متر مربع).