نبيل نعوم يكتب: كيف تصبح مليونيرا - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:18 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل نعوم يكتب: كيف تصبح مليونيرا


نشر في: الجمعة 27 مايو 2022 - 11:07 م | آخر تحديث: الجمعة 27 مايو 2022 - 11:07 م

ظهر الإنسان الحديث منذ حوالى 200000 سنة، وما تعتبر بدايات الحضارات ترجع إلى حوالى 10000 سنة، والتكنولوجيا المتقدمة منذ حوالى 500 سنة، والثورة الصناعية تعود بداياتها إلى مطلع القرن التاسع عشر، وذلك مع انتشار وإحلال المكننة محل العمل اليدوى. ولكن، لماذا لم يتم التقدم الحضارى لما يقرب لحوالى 190000 سنة؟ وإحدى الإجابات المختصرة، هى أن كل تلك الحقبة التى تبلغ حوالى 190 ألف سنة تقريبًا كانت عصرًا جليديًا. فمنذ حوالى 11000 عام فقط، أصبح المناخ دافئًا بدرجة معقولة ومستقرًا بحيث أصبحت الزراعة وسيلة للحياة والعيش. ومع حياتنا العصرية السهلة، ننسى مدى كانت الحياة صعبة على أسلافنا. كان رجل الكهف الذى يعيش على أطراف العصر الجليدى فى أوروبا لا يزيد عمره عن 30 عاما إن بقى على قيد الحياة وحاول ذلك بجدية. وعموما لم يتمكن الإنسان من بناء فائض من الطعام إلا بعد أن بدأ الزراعة، مما سمح لأعداده بالزيادة، وبالتالى ظهور المجتمعات المعقدة التى أدت إلى ولادة الحضارات وخاصة من حول ضفاف الأنهار، ومن أشهر الأمثلة مصر القديمة (نهر النيل)، والهلال الخصيب (دجلة والفرات)، والصين القديمة (النهر الأصفر)، والهند القديمة (السند). وبالرجوع إلى عدد سكان العالم حاليا نجده حوالى 7.7 مليار نسمة، وقد يصل إلى 9.7 مليار مع حلول عام 2050، وإلى 11 مليارا مع حلول عام 2100. وبالنسبة لمصر التى يبلغ عدد سكانها حاليا حوالى 104 ملايين نسمة، فقد كان عدد السكان عام 1952 حوالى 22 مليون نسمة. وقد بلغت زيادة عدد السكان 45 مليون نسمة خلال 20 عاما فقط. وفى آخر بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 22 فبراير 2022، يبلغ متوسط الزيادة السكانية فى مصر مولود كل 14 ثانية.
والآن بالعودة إلى الثورة الصناعية فى بداية القرن التاسع عشر، والتى أدت إلى ارتفاع غير مسبوق فى معدل النمو السكانى، وكذلك أثرت فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية سواء فى أوروبا أو خارجها. ونجد مع بدايات الثورة الصناعية ظهور مصطلحات وقيم جديدة كالعمالة وقيمة الإنتاج ورأس المال المستمر واستغلال العمال والكفاح من أجل إنشاء النقابات والإضراب عن العمل، والتوحش الرأسمالى، واستغلال العمال، وغيرها.
ولكى تصبح مليونيرا، حسب عنوان المقال، يمكن الإشارة إلى جانب من تفكير الملياردير إيلون ماسك الرئيس التنفيذى لشركتى «تسلا» للسيارات الكهربية و«سبيس إكس لتصنيع الطيران» الذى صرح به أخيرا، والذى به أصبح أغنى رجل فى العالم؟ ففى حالته وحال بعض المليارديرات من ملوك الصناعة الآخرين، ومنهم من الصينيين أيضا، السبيل هو جعل العمال فى الصين يقضون ساعات عمل غير مقبولة وفقًا لمعايير العمل فى أماكن أخرى. فأخيرا، أشاد رئيس شركة «تسلا» بعمال المصانع الصينيين لعملهم ساعات طويلة أثناء النهار والليل. قال الملياردير: «هناك الكثير من العمال الموهوبين الذين يعملون بجد فى الصين ممن يؤمنون بقوة بالتصنيع، ولن يتوقفوا عند منتصف الليل، بل سيستمرون حتى الثالثة صباحًا، دون مغادرة المصنع، بينما فى أمريكا يحاول الناس تجنب الذهاب إلى العمل». يأتى تعليق ماسك فى الوقت الذى دفع فيه مصنع «تسلا الضخم» فى شنجهاى فى الصين عماله إلى الحد الأقصى لتحقيق أهداف الإنتاج، وفرضت الشركة فى شهر أبريل قيودًا على عمالها، ومنعتهم من مغادرة المصنع بموجب ما يسمى بنظام «الحلقة المغلقة» الذى طورته السلطات الصينية لاحتواء وحماية المشاركين فى أوليمبياد بكين. وأثناء حبسهم بالداخل، ورد أن العمال أُجبروا على العمل فى نوبات مدتها 12 ساعة، ستة أيام متتالية، والنوم على أرضيات المصنع. حتى فى الولايات المتحدة، يشتهر ماسك بتجاهل معايير العمل والتوازن بين العمل والحياة: فقد أعلن الملياردير التكنولوجى «لم يغير أحد العالم أبدًا بالعمل 40 ساعة فى الأسبوع»، وتفاخر بجعل موظفى تسلا الأمريكيين يعملون 100 ساعة فى الأسبوع، بينما ادعى أنه عمل هو نفسه لمدة 120 ساعة فى الأسبوع. تتوافق هذه الممارسات مع ثقافة العمل المتطرفة فى الصين، والمسماة بـ «996»؛ حيث من المتوقع أن يعمل العمال من الساعة 9 صباحًا حتى 9 مساءً، ستة أيام فى الأسبوع. كانت هذه الممارسة مصدر الاحتجاجات فى السنوات الأخيرة وتم وصفها كشكل من أشكال العبودية الحديثة.
ويقول إيلى فريدمان، خبير العمل الصينى وأستاذ مشارك فى العمل الدولى والمقارن فى جامعة كورنيل: «إن ملاحظة ماسك يجب أن تُفهم فى السياق الأوسع للشركات الأمريكية التى تستفيد ليس فقط من انخفاض تكلفة العمالة فى الصين، ولكن أيضًا من المرونة».
فبالنسبة إلى أصحاب الشركات العملاقة مثل ماسك، يقول الباحث: «هذه هى الميزة. لديك مئات الآلاف من العمال يمكنك حرفيا إيقاظهم فى منتصف الليل ووضعهم فى خط الإنتاج. وإن كان رسميًا، يفرض قانون العمل الصينى 40 ساعة عمل فى الأسبوع، مع السماح للموظفين بما يصل إلى 36 ساعة من العمل الإضافى فى الشهر ــ وهو ما يزيد قليلا عن 48 ساعة عمل فى الأسبوع. لكن هذا ليس ما يحدث فى الممارسة. فالعمل الإضافى المفرط هو نوع من سمات النموذج الكامل للتنمية الصناعية فى الصين. ساعات العمل الطويلة جدًا والعمل الإضافى الإلزامى، رغم أنها ليست قانونية، هى أيضًا القاعدة تمامًا. ويتم ذلك بانتظام بالتشاور مع الحكومات المحلية المكلفة أيضًا بتنفيذ قوانين العمل«. وهذا ما يحدث أيضا فى العديد من البلاد كبنجلاديش وغيرها من الدول النامية. وأشار فريدمان إلى أنه فى حين أن العديد من الشركات فى الصين لديها نقابات، فإن النقابات يتم تمويلها من قبل صاحب العمل، مما يجعلها عاجزة بشكل أساسى عن التفاوض ضد الإدارة. ولا يتوقف استغلال العمال من المليارديرات الأجانب فقط، ولكن أيضا من المليارديرات من الصين مثل «جاك ما» صاحب شركات على بابا الصينية الذى وصف نظام «996» بأنه «نعمة كبيرة».
والشىء اللافت للنظر أن الملياردير ماسك ظهر له شبيها يماثله تماما فى الصين واسمه يى لونج. وهذا يذكرنا بالفيلم الرائع «المليونير» من إخراج حلمى رفلة عام 1950، حيث مثل إسماعيل ياسين شخصية المليونير عاصم بك الإسترلينى وشبيهه الفقير جميز عسل.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك