الثأر فى الصعيد.. ميراث الجاهلية الأولى - بوابة الشروق
السبت 19 يوليه 2025 8:46 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمصير وسام أبو علي في المرحلة المقبلة؟

الثأر فى الصعيد.. ميراث الجاهلية الأولى

مصطفى أمير
نشر في: السبت 27 يوليه 2019 - 7:05 م | آخر تحديث: السبت 27 يوليه 2019 - 7:05 م

أمين بيت العائلة فى أسيوط: المعايرة سبب رئيسى فى انتشار جريمة الثأر.. والخصومات تؤثر على مناخ الاستثمار
خبير أمنى: رجال الشرطة يبذلون قصارى جهدهم فى الحد من النزاعات.. ونحتاج إلى تكاتف مجتمعى

 


على مدى قرون طويلة، سيطرت «عادة جاهلية» على عقول أبناء محافظات الصعيد، على الرغم من التقدم العلمى والإنسانى الذى صاحبوه، لكنهم ظلوا متمسكين بـ«عصبية الجاهلية الأولى»، مبتهجين بأخذهم للثأر دون الالتزام بضوابط دولة القانون بدعوى «رفع الرأس»، وتجنب المعايرة.
فى البداية، قال الشيخ سيد عبدالعزيز أمين بيت العائلة بأسيوط، إن قضايا الثأر فى الصعيد تجرى بين الناس كالإنجاب، بدافع الانتقام، وأن هذا نابع من المعايرة بين العائلات التى تتفاخر بالسيطرة والأخذ بالثأر، مشيرا إلى أن محافظة أسيوط أطلقت مبادرة للقضاء على الثأر بشكل نهائى منذ قضية ثأر مسجد القوصية فى فبراير الماضى، وأن توقيتها مهم لوقف الدماء بين العائلات والتصالح.
وأضاف لـ«الشروق»، أن لجنة مصالحات بيت العائلة نجحت فى إنهاء 220 خصومة ثأرية منذ عام 2016 حتى نهاية 2018، وأن أسيوط فقط بين محافظات الصعيد بها 450 خصومة ثأرية تقريبا، مطالبا بتكاتف مجتمعى فى الصعيد والأرياف لتغيير الثقافات السائدة وترك الأمر لدولة القانون.
وأوضح عبدالعزيز، أن الخصومات الثأرية تؤثر حتى على مناخ الاستثمار فى أى محافظة، لأنها دافع لعدم الاستقرار، مشيدا بدور رجال الأمن فى السعى باستمرار لحل النزاعات قبل تفاقمها، وإنهاء الخصومات فى القرى والنجوع.
ويرى الحاج على حجازى أحد كبار قرية «دكران» بمركز أبو تيج فى أسيوط، أن «المعايرة» بين العائلات تجبر أى شخص على الانتقام من خصمه، مؤكدا أن الثأر سلسال يصعب القضاء عليه بالصعيد؛ بسبب الطمع والأموال وحب التفاخر، ووجود مشكلات بين العائلات.
وأضاف حجازى أن كبار السن والسيدات ومن تربى على هذه العادات له دور كبير فى دافع الأخذ بالثأر، وأن العائلات تحب التفاخر بهذه الجريمة حتى يعلم الجميع أنهم لم يفرطوا فى حقهم على الرغم من وجود دولة القانون، منوها أن أخذ الثأر يكون من كبير العائلة أو أكثرها نجاحا أو شابا يأتى بدافع إلحاق الوجع والمرارة الأكبر بالنسبة للخصم فى المعارك.
أما اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق والذى شغل منصب مدير أمن المنيا وأشرف على عدد من إنهاء الخصومات الثأرية وقتها، يرى أن الثأر خصوصا فى الصعيد قضية معقدة بعض الشىء وتطلب تكاتفا مستمرا من مؤسسات الدولة الدينية والثقافية للحد من هذه الظاهرة التى تسبب الموت وخراب الديار.
وأوضح نور الدين أن رجال الشرطة يبذلون قصارى جهدهم فى الحد من النزاعات وإحباطها قبل التفاقم، وإنهاء مئات الخصومات الثأرية، لكن الأمر يحتاج إلى مساندة مجتمعية أيضا، لافتا إلى أن الأزهر والكنيسة وعلماء الدين ومؤلفى المسلسلات الدرامية والفن كل فئة على عاتقها دور ومسوؤلية كبيرة، لما يحتاجه المجتمع فى تغيير ثقافات كاملة عن هذه الجريمة، والثقة فى الدولة وتطبيق القانون بشكل عادل على كل من تورط فى القتل.
من جانبها، تقول أستاذ علم الاجتماع عزة البنا، إن الثأر نتيجة وليس سببا، حيث تكون هذه الجريمة الباعث على رد الفعل من أولياء دم القتيل بأخذ الثأر بدافع الرغبة فى الانتقام ولشفاء صدورهم، وغالبا ما تتم فى حالة انفعال وسيطرة لمشاعر الغضب على الإنسان، فيغيب العقل وتنعدم القدرة على التفكير.
ولفتت إلى أن الثأر قد يقتصر على قتل شخص واحد مقابل القتيل، وقد يتجاوز إلى قتل عدد أكبر كما هو الشائع فى معظم قضايا الثأر اليوم، وهذه الصورة تعد امتدادا لثقافة الثأر التى سادت المجتمع الجاهلى وارتبطت بشخصية الإنسان القائم على العصبية والتفاخر بالكثرة والانتقام بأعلى قدر من الشدة والقسوة.
وأضافت البنا، أن الإسلام دعا إلى تهذيب وإزالة الكثير من عادات وأعراف الجاهلية فإن ثقافة الثأر تظل أكثر قيم ثقافة الجاهلية حضورا وتأثيرا فى المجتمع العربى والإسلامى حتى يومنا هذا، وقد تستمر مستقبلا إن لم نتصد لها بطرق عقلانية.
وذكر مصدر أمنى أن وزارة الداخلية على مستوى الجمهورية تسعى دائما لإنهاء الخصومات الثأرية بين العائلات للحد من النزاعات، مشيرا إلى أن وجود تواصل باستمرار مع العائلات وبيت العائلة ولجان المصالحات والمؤسسات الدينية والمحافظين للسعى فى إنهاء كل الخصومات الثأرية.
ونوه المصدر إلى أن ما يتم تحقيقه من نجاحات فى هذه المسألة يلمسه جميع العائلات بالقرى والنجوع، مشيدا باستجابات العائلات لوقف بحور الدم والعيش فى سلام حتى لا تتعطل مسيرة بناء الوطن، وترك الأمر برمته إلى جهات تنفيذ القانون واعتبار القانون فقط هو الحاكم بين المواطنين والعائلات.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك