قد يبدو أن عملية القبض على أحد المطلوبين بالشارع روتينية وتتكرر كل يوم، لكن الواقعة التي حدثت الاثنين الماضي في أحد شوارع مدينة مينيابوليس الأمريكية، أثارت صدى لدى العالم كله؛ إذ تم تصوير مقطع فيديو أظهر شرطي وهو يعيق أحد المواطنين السود، يدعى "جورج فلويد"، وذلك من خلال وضع ركبته فوق عنق الرجل؛ مما دعاه للصراخ: "أرجوك لا تقتلني.. لا أستطيع التنفس"، وذلك وفق وسائل إعلام أمريكية.

وبعد أن لقى الرجل مصرعه نتيجة تلك الواقعة، بدأ سيل من التغريدات الغاضبة وتعليقات من كبار السياسيين، فمثلا علق الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بأن الأمر يجب ألا يمر بشكل عادي، وقدم المرشح الديموقراطي جو بايدن تعازيه لأسرة فلويد.

كذلك جاء رد مماثل من الرئيس ترامب -حسبما نقلت عنه شبكة "سي إن إن" الأمريكية، الجمعة- "عن عمق تعازيه وتعاطفه الكامل مع عائلة جورج فلويد".

وأضاف: "لقد كان شيئا بشعا للغاية"، لافتًا إلى أنه أصدر أوامره لوزارة العدل لفتح تحقيق في الواقعة.

وبالفعل تم القبض على المشاركين في الجريمة، وتقديمهم للتحقيق.

وبالرغم من ذلك لم تستقر الأوضاع، إذ اشتعلت المظاهرات العنيفة بشوارع مدينة مينيابوليس، التي وقع بها حادث القتل، واشتبك المتظاهرون مع الشرطة وقاموا بحرق مقر الشرطة بالمدينة وعدد من أعمال العنف، وذلك كما أشارت وكالة الأنباء الفرنسية.

ومع موجات التصعيد، أصدر حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، قراراً بنشر 1700 جندي من الحرس الوطني في المدينة لإعادة الهدوء إليها، وفرض تطبيق حظر التجوال.

ولم يقتصر الوضع على المدينة التي حدثت بها الواقع، لتتسع الدائرة وتضم عددا أكبر من المدن الأمريكية وتثار عدداً من المواجهات، في مشهد أشبه بالـ"الثورة ضد العنصرية"، وفيما يلي نستعرض أبرز مراكز التظاهرات الأمريكية بالخريطة التفاعلية

…

• واشنطن.. تحت سمع ونظر الرئيس ترامب

أحد أهم أركان التظاهرات كانت واشنطن، حيث البيت الأبيض، وتجمع مئات المتظاهرين، مساء الجمعة، خارج البيت الأبيض؛ تعبيرا عن غضبهم بعد مقتل المواطن جورج فلويد، خلال قيام الشرطة بتوقيفه واستخدامها العنف الذي أدى لمقتله، وخلال تجمّعهم أمام البيت الأبيض، طالب المتظاهرون بـ"العدالة لجورج فلويد"، مرددين هتافات: "توقّفوا عن قتلِنا"، و"حياة السود مهمّة"؛ وفق ما ذكرت "دويتشه فيله" الألمانية.

وردا على تلك التجمعات، أغلقت أبواب البيت الأبيض لساعات قليلة، ويعاد فتحه من جديد، بعد انصراف المتظاهرين وتحركهم إلى مبنى الكابيتول.

• أتلانتا.. تحطيم مبنى الـ"سي إن إن"

على بعد نحو 1000 كيلومتر من تظاهرات العاصمة واشنطن أمام البيت الأبيض، كان تجمع المتظاهرون بمدينة أتلانتا التابعة لولاية جورجيا، واختاروا أحد المواقع الهامة بالمدينة؛ إذ تجمعوا أمام مبنى شبكة "سي إن إن"، متعدين على أفراد من طاقمها، ورددوا هتافات معادية للإعلام، وذلك وفق ما أشارت الشبكة ووسائل أخرى.

ومن جهتها، رفضت عمدة أتلانتا، كيشا لانس بوتومز، الاعتداء على طاقم "سي إن إن"، وقالت في مؤتمر صحفي، ووصفته بأنه "يسئ لذكرى فلويد"، وأن الاعتداء على وسيلة إعلامية يعيق تغطية الاحتجاجات وإيصال المعلومة للعالم، وذلك كما نقلت عنها صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.

ومع تصاعد الوضع، أعلن حاكم ولاية جورجيا الأمريكية بريان كيمب، حالة الطوارئ في مقاطعة فولتون بالولاية، وتحريك 500 من أفراد قوات الحرس الوطني، في مواجهة الاحتجاجات.

• لويزفيل.. حادث فلويد يعيد للذاكرة واقعة مشابهة

تعد مدينة لويزفيل بولاية كنتاكي، من أبرز أماكن تجمعات المتظاهرين، ومن اللافت أن المتظاهرين -إضافة لتعاطفهم مع قضية فلويد- عادت لأذهانهم واقعة مشابهة حدثت بالمدينة في مارس الماضي، وأضافوا في هتافاتهم المطالبة بالعدالة لبريونا تايلور وهي امرأة سوداء قتلتها الشرطة داخل شقّتها، وذلك عند مداهمة عناصر الشرطة شقتها، بناء على مذكرة بتهم تتعلق بالمخدرات، حسبما ذكرت "بي بي سي".

• نيويورك.. مواجهة واعتقال متظاهرين

وصلت التظاهرات أيضا مدينة نيويورك، أحد أشهر مدن الولايات المتحدة الأمريكية، ونقلت وسائل إعلام أمريكية، أن أهم تجمعات المتظاهرين كانت عند مركز باركليز في نيويورك وأخرى بمنطقة بروكلين، ووصفت تلك الاحتجاجات بأنها كانت عنيفة استخدم فيها أساليب من الاعتداء على رجال الشرطة، كما جاء في مؤتمر عقد أمس السبت، قال فيه ديرموت شي قائد شرطة نيويورك إن العديد من الضباط أصيبوا، وتشمل إصابتهم نزيف الأنف والأسنان وإصابات أخرى.

وعن طبيعة التظاهرات، قال شي: "شارك في الاحتجاجات التي جرت خلال اليومين الماضيين، وخاصة أمس في بروكلين، نحو 3 آلاف شخص، ونفذنا أكثر من 200 اعتقال".