«المويسكا» تعود للحياة مجددا في كولومبيا رغم شائعات اندثارها - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:16 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«المويسكا» تعود للحياة مجددا في كولومبيا رغم شائعات اندثارها

د ب أ
نشر في: الأحد 31 مايو 2020 - 4:07 م | آخر تحديث: الأحد 31 مايو 2020 - 4:07 م

أجواء تراثية قديمة يتخللها قرع الطبول وصوت كالرياح يندفع من آلة الناي، يدوي صداها تحت سقف قماشي حيث تستقر أسفله على الأرض شمعات مضاءة وإناء ماء.

يكتمل المشهد برجل كولومبي ينتمي للسكان الأصليين، في رداء بونشو أبيض وقبعة مخروطية الشكل، يخاطب نحو مئة شخص بلغة مويسكا القديمة.

ويقف المشاركون ويستديرون ليواجهوا الاتجاهات الأربعة، رافعين أياديهم لطلب الإذن من الأرض لكي يستهلون اجتماعهم.

لم يتم الاجتماع المخصص لمناقشة شؤون جماعة المويسكا في واحدة من مئات المحميات القروية للسكان الأصليين في كولومبيا، سوى في منطقة سوبا بالعاصمة الصاخبة بوجوتا.

وينتمي المشاركون إلى قبيلة مويسكا العرقية التي كانت تتمتع بنفوذ يوما ما والتي كان يعتقد اندثار سلالتها على نطاق واسع. لكن الواقع أنها عادت إلى الظهور مجددا في شكل حضري لاستعادة حقها في تراثها الثقافي.

حينما بلغ الغزاة الإسبان بقيادة جونزالو خيمينيز دي كيسادا شواطئ ما يعرف حاليا بكولومبيا خلال ثلاثينيات القرن السادس عشر، واجهوا شعب المويسكا الذي كان يستوطن مناطق تفوق مساحة سويسرا، في شمال ووسط المنطقة.

ويعتبر المويسكا أنفسهم أحفاد إلهة الماء "باشوا" بحسب معتقداتهم. كما أنهم مشهورون بأسطورة إل دورادو، التي تقول أشهر قصة عنها إن قبيلة المويسكا كانت تلقي أغراضا ذهبية كقرابين للأرواح في بحيرة جواتافيتا شمال شرقي بوجوتا.

والآن يجري عرض الأعمال الفنية الذهبية للمويسكا في متحف الذهب ببوجوتا. كما خلف المويسكا وراءهم تقويما قمريا ممثلا في الموقع الأثري المعروف بـ"إل إنفيرنيتو".

ويعتقد كثير من سكان كولومبيا أن المويسكا، الذين بلغ تعدادهم الملايين يوما ما، أبيدوا بسبب أعمال العنف والأمراض التي جلبها الغزاة معهم.

وقضى حظر فرض على لغة المويسكا في عام 1770، كما فقدوا معظم أراضيهم- بسبب الغش أو العنف، حبسما يرددون- لصالح المستعمرين أو مستوطني حقبة ما بعد الاستقلال، أو الشركات العقارية أو النازحين جراء الصراع المسلح في كولومبيا.
لكن أحفاد المويسكا يحتفظون بكثير من تقاليدهم، كشراب الشعير المعروف بـ"تشيتشا" وعادات مضغ نبات الكوكا المقدس، وتشارُك العائلات المنازل.

ويقول إيفان نيفياو رئيس مجتمع المويسكا في منطقة سوبا إن المويسكا بدأوا تنظيم أنفسهم في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي لاستعادة حقهم في الأرض والثقافة.

وحين تبنت كولوميا دستورا يعترف بالحقوق الأساسية للسكان الأصليين في عام 1991 ، أصبح مجتمع المويسكا في سوبا أول تجمع للسكان الأصليين يتم الاعتراف به رسميا في إحدى المدن.

والآن تحظي مجموعات المويسكا بالاعتراف الرسمي في مدن بوسا وسيسكيله وكوتا وتشيا، ليبلغ تعدادهم في نطاق العاصمة بوجوتا نحو 22 ألف نسمة، وفقا لممثلين عنهم، ولكن الإحصاءات الرسمية تقدر تعدادهم بحوالي 14 ألف نسمة.

وفي سوبا، يقع مركز السلطة التقليدي للسكان الأصليين والمسمى بـ"كابيلدو" في الميدان الرئيسي للمنطقة، بين مقهى وبنك.

ويفتقد كثير من أحفاد المويسكا الملامح الشكلية المعروفة عن السكان الأصليين.

وللانضمام إلى مجموعات المويسكا، يتعين على من يطلب ذلك إثبات أصوله بالاعتماد على لقب العائلة وشجرتها، وشهادات السكان المحليين.

وتطالب مجموعات المويسكا –جزئيا من خلال القنوات القانونية والإدارية– باسترداد ما يعتبرونه أراضي أجدادهم، من أجل ممارسة أسلوب حياتهم التقليدي.

وتقول أنجيلا تشيجواسوكه، رئيسة مجموعة المويسكا في بوسا، وبرفقتها خوسيه ريجوبيرتو، وهو ممارس للطب التقليدي، إن المويسكا أعادوا إحياء الطب التقليدي في المدينة بمساعدة مجموعات أخرى من السكان الأصليين ممن مازالوا يمارسونه.

أما في سيسكيليه، فإن مجتمع المويسكا أعاد إحياء طقوس العبور للبنين والبنات إلى جانب الاحتفالات السنوية على بحيرة جواتافيتا.

وخلال تفشي الجائحة، أوقفت مجموعات المويسكا مؤقتا الكثير من أنشطتها بينما قام البعض منهم بخدمات توصيل المساعدات والدعم الطبي لأفرادها.

وفي غضون هذا، يتعمق علماء اللغة في دراسة وثائق تعود لقرون ماضية كتبتها البعثات الإسبانية التي تعلمت المويسكا، وذلك بهدف إعادة إحياء اللغة. وتقول نيكول توريس، التي تدرس اللغة في فصل به 20 طالبا في سوبا، إنه رغم ذلك لا يفتخر كل أحفاد المويسكا بتراثهم.

وتضيف: "البعض يفضل التحدث بالإسبانية عن لغة المويسكا. الاستعمار لم ينته بعد، لأن بعض أفراد المويسكا ما زالوا يريدون التشبه بذوي البشرة البيضاء."



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك