وإذا لم يكن السيسى مرشحًا؟ - حمدى قنديل - بوابة الشروق
الإثنين 3 يونيو 2024 3:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وإذا لم يكن السيسى مرشحًا؟

نشر فى : الأربعاء 1 يناير 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 يناير 2014 - 8:05 ص

كان من حظى أن أشارك فى الحوار الذى عقده الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور فى الأسبوع الماضى مع مجموعة من السياسيين والمثقفين للتشاور حول أمرين، أولهما أسبقية انتخابات الرئاسة على الانتخابات البرلمانية أو العكس، أما الأمر الثانى فكان المفاضلة فى إجراء انتخابات البرلمان بالنظام الفردى أو بالقوائم.. عندما دعانى الرئيس للحديث قلت إننى أفضل إجراء الانتخابات الرئاسية أولا، ولكننى طالبت بأن يسبق هذه الانتخابات توافق على مرشح يمثل ثورة 25 يناير وامتدادها فى 30 يونيو، حتى لا يتكرر مشهد انتخابات الرئاسة فى العام الماضى وتنقسم أصوات المرشحين الثوريين، فيتسلل إلى كرسى الرئاسة واحد من مرشحى المصادفة.. كذلك طالبت بأن يتقدم لنا المرشحون ببرامج ورؤى واضحة، وبقائمة معاونيهم الذين سيتصدرون المشهد السياسى، وألا يستثنى الفريق السيسى من ذلك إذا ما قرر اقتحام الانتخابات..

أما فيما يتعلق بنظام الانتخابات فقد فضلت أن يكون خليطا من القوائم والفردى بأى نسبة كانت، شريطة أن يضمن الرئيس، بخبرته القانونية، ألا يتم حل مجلس النواب القادم إذا قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بنود فى القانون الذى سينتخب المجلس على أساسه.. عندئذ قال المستشار عدلى منصور: «ذلك ما كنا ننتويه.. سوف أصدر قانونا أحصن فيه المجلس من الطعون، على أن يقتصر ذلك على دور انعقاده الأول ليس أكثر، حتى نوفر الاستقرار للبلاد فى المرحلة التالية للفترة الانتقالية».. عندها تعالت بعض الأصوات فى القاعة تعترض على مبدأ التحصين باعتباره مخالفا لمبادئ الديموقراطية.. وبغض النظر عما إذا كانت هذه الأصوات تمثل غالبية المجتمعين، فقد سارع المستشار عدلى منصور إلى التنازل عن فكرته..

أظن أن كل من شاركوا فى الاجتماع ارتاحوا أن رئيسهم لا يحمل دكتوراه فى العناد، ولاحظوا بوضوح أنه أدار النقاش بمهارة، وبرغبة صادقة فى الإنصات إلى الآراء المختلفة، أما هؤلاء منا الذين شاركوا من قبل فى «الحوارات» التى كان يعقدها الرئيس المعزول فقد أدركوا الفرق الهائل بينه وبين محمد مرسى الذى كان يدون طوال الوقت ما يقوله المجتمعون، ولكنه لم يكن حريصا على التجاوب معهم قدر حرصه على أن يؤمهم فى صلاة العصر التى كانت الاجتماعات تنتهى بها عادة..

عندما انتهى اجتماعنا ذهبت إلى المستشار عدلى منصور مصافحا، وقلت: «يا سيادة الرئيس، أرجو ألا تستنتج من تفضيلنا للبدء بالانتخابات الرئاسية أننا نتعجل رحيلك.. لو كان الأمر بيدنا لطالبناك بالبقاء لمزيد من الوقت».. لم أقل هذا بقصد المجاملة، بل إننى أعترف أنه عندما واجهت لجنة الخمسين بعض العثرات وهى تعد تعديلاتها الدستورية، قلت لبعض المقربين من دوائر صنع القرار إنه لا مانع من مد عمل اللجنة أسابيع أخرى رغم مخالفة ذلك لخريطة الطريق، وما يمكن أن يكون لذلك من آثار سلبية.. كنت واثقا فى الطريقة التى يدير بها الرئيس المؤقت شئون البلاد، ومطمئنا إلى التناغم بينه وبين الفريق السيسى الذى فوضه الشعب فى 30 يونيو لإنقاذه من براثن الإخوان، ولم يكن لدى أى تحفظ على استمرار هذه التركيبة فى الحكم لمدة أطول..

حتى يومنا هذا ليست لدى فى المجمل ملاحظات سلبية على الحكم إلا فيما يتعلق بحكومة الدكتور الببلاوى، وأظن أن الرئيس قد قرأ فى الصحف واستمع من آخرين إلى ملاحظات عديدة فى هذا الشأن، إلا أنه لم يتبق فى عمر المرحلة الانتقالية من الوقت ما يسمح بتغييرها أو بإدخال تعديلات جذرية عليها.. لكننى لا أريد أن أقسو على الببلاوى وحكومته على النحو الذى أصبح «موضة» فى وسائل الإعلام مؤخرا، فأنا أعرف الرجل منذ ما يزيد على 35 سنة، وأشهد أنه من أنقى وأخلص العناصر الوطنية، وإن كنت أعارض الفلسفة الاقتصادية التى يؤمن بها، وأحسب أنها منافية تماما لكل ما ثرنا من أجله فى يناير.. وأشهد أيضا أننى أتردد كثيرا قبل أن أوجه انتقادا إلى حكومة فيها وزراء مثل ابراهيم محلب وحسام عيسى وكمال أبوعيطة وآخرون غيرهم.. لكنه رغم جهد الحكومة المشهود فى ظل ظروف بالغة الصعوبة لم تشهدها حكومة فى تاريخ مصر الحديث من قبل، إلا أننا لا يمكن أن نتجاهل أن هذه الحكومة فشلت فى بناء الثقة بينها وبين الجماهير، وبناء الصلة مع القوى الثورية التى تزعم أنها وضعت مطالبها نصب الأعين.. لقد سقطت الحكومة، ومعها السلطة بكاملها فى النهاية فى امتحان العلاقات العامة والإعلام، رغم ما لديها من وزراء ومستشارين ومتحدثين يقال إنهم نبغوا فى فنون التواصل..

فى كل الأحوال، الأحرى بنا الآن أن نتطلع إلى المستقبل.. أن نعد أنفسنا لبناء الدولة الجديدة باجتياز الاستفتاء على الدستور أولا، ثم التحضير للانتخابات الرئاسية.. أعرف أن الأمر سيكون سهلا إذا ما تقدم الفريق السيسى للترشح.. سيفوز الفريق رغم سلبيات الحملات التى تؤيد ترشيحه مثل ائتلافات «الجبهة الوطنية» و«مصر بلدى» وغيرها، والشكوك التى تثيرها عضوية هذه الحملات.. أما إذا لم يترشح، فلا شك أن قوى يناير ويونيو عليها التوافق حول رجل الدولة الذى يقدم برنامجا عمليا يعبر عن طموحها بحيث نتفادى عثرات الانتخابات الماضية، ونقصى المتسلقين على كرسى الرئاسة ــ عسكريين كانوا أم مدنيين ــ إلى غير رجعة.

حمدى قنديل  الإعلامى و الكاتب الصحفى
التعليقات