نهاية ديسمبر وبداية يناير - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نهاية ديسمبر وبداية يناير

نشر فى : الإثنين 1 يناير 2018 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 1 يناير 2018 - 10:00 م
ما هو الفرق بين يوم ٣١ ديسمبر ٢٠١٧، ويوم الأول من يناير ٢٠١٨؟!

وربما يمكن طرح السؤال بطريقة أخرى وهى: هل ستختلف أحوالنا فى ٢٠١٨ عن ٢٠١٧؟!.
هذا ما يعتقده بعض الناس، مراهنا على حدوث تغيرات جوهرية بين السنة الجديدة والمنقضية. 
والسؤال بطريقة ثالثة: هل الاختلاف متعلق بالزمن أى بالأيام والشهور والسنوات، أم مرتبط فقط بما نفعله وبما نتخذه من قرارات وما نمر به من ظروف؟!.

بعض البسطاء يتفنن فى تصوير أن السنة الماضية كانت الأسوأ، معتقدا أن السنة المقبلة هى الأفضل. يحدث ذلك مع كثير منا كل عام، وبمجرد أن يكتب أحدنا متسائلا على الفيسبوك: متى تنتهى هذه السنة الكبيسة؟! يدخل الجميع ليباركوا ويؤكدوا ويبدوا الإعجاب مصحوبا بالتعليقات المؤيدة!!!.

لا أحد يسأل نفسه أبدا: ولماذا ستختلف السنة الماضية عن الحالية، طالما أن الظروف والأسباب لم تتغير.

يبدو أننا نحاول إيهام أنفسنا بأن أول يوم من السنة الجديدة سيكون أفضل من سابقه فى السنة القديمة، رغم أن ذلك لا يبدو منطقيا بالمرة!.

هذه حيلة نقنع بها أنفسنا، حتى نجعل الأيام تسير للأمام، أو ربما لأنه لا يمكن للحياة أن تستمر من دون حد أدنى من الأمل فى الغد والمقبل من الأيام. لا نفعل ذلك بمفردنا فى مصر، لكنها ظاهرة موجودة فى كل بلدان العالم، مثلها مثل من يؤمن بأن «باب الحظ» المكتوب فى بعض الصحف، سوف يتحقق!.

أيام الإنسان، لا تتأثر بنهاية سنة أو ببداية أخرى. هى تتأثر بالطريقة التى نفكر بها، والأشخاص الذين نعرفهم ونتأثر بهم، والحياة التى نعيشها فى بيوتنا والمدارس التى نلتحق بها والمناهج التى ندرسها، والصحف التى نقرأها والفضائيات والأفلام والمسلسلات والبرامج والمباريات التى نشهدها.

كل ذلك يؤثر على القرارات التى نتخذها، ناهيك عن نوعية وشكل البيوت التى نعيش فيها، والشوارع التى نمشى بها وعوامل أخرى كثيرة، هى التى تصيغ شكل أيامنا وعمرنا وزمننا، وليس نهاية عام أو مطلع عام جديد.

إذا صح ما سبق فإننى أخشى أن أصدم كثيرا من الناس بأن عام ٢٠١٨، لن يفرق كثيرا عن عام ٢٠١٧، لأن أدوات القياس والظروف والأسباب لم تتغير، ولن تتغير بسهولة، إلا إذا حدثت أشياء دراماتيكية.

على سبيل المثال يحلم كثير من الناس بأن تنخفض أسعار السلع والخدمات، وهو أمر لن يحدث للأسف بسهولة، لأن سبب ارتفاعها كان قرار تعويم الجنيه فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦، إضافة إلى رفع أسعار الطاقة مرتين خلال عام واحد. هذه الإجراءات كانت حتمية من أجل الإصلاح الاقتصادى، لكن طريقة تنفيذها وتطبيقها لم توزع أعباءها بصورة عادلة على سائر الطبقات. وبالتالى، فلن تنخفض الأسعار، إلا إذا حدثت معجزة اقتصادية، تحتاج بدورها إلى كفاءات إدارية وفنية، حتى يزيد الإنتاج والصادرات والاستثمارات، وتقل الواردات وعجز الموازنة.

يحلم البعض بأن تتحرر القدس وفلسطين عام ٢٠١٨، ونتمنى أن يحدث ذلك، لكنه للأسف لن يتحقق، إلا إذا حدثت معجزة توحد الفلسطنيين أولا، ثم العرب والمسلمين، وهو أمر بعيد المنال للأسف، حيث خططت إسرائيل ودوائر غربية كثيرة منذ سنوات طويلة حتى نصل إلى هذه الحالة، بمساعدة بعض حكوماتنا العربية!!.

يحلم البعض بأن ينتهى الإرهاب من مصر والمنطقة العربية وهو حلم قابل للتحقيق، لكن شرط القضاء على الأسباب التى تخلق التطرف والمتطرفين، ولكى يحدث ذلك، نحتاج إلى جهد تبذله جهات كثيرة ليس فقط فى مصر، ولكن فى كل المنطقة العربية، خصوصا منطقة الخليج التى كانت بيئة خصبة لنمو التطرف لسنوات طويلة.

ختاما، لا أريد أن أبدو متشائما، لكن من المهم أن نفكر بصورة هادئة ومتزنة وعقلية، حتى لا نخدع أنفسنا ونخدع بقية الناس.

ورغم ذلك ندعو الله ونبتهل إليه، أن تحدث معجزة تجعل من العام الجديد بداية للخروج من عنق الزجاجة الذى انحشرنا فيه منذ عشرات السنين!.

وكل عام والمصريون والعرب وسائر الشرفاء فى العالم بألف تريليون صحة وعافية وسعادة وستر وراحة بال.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي