المرأة الأخرى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 7:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المرأة الأخرى

نشر فى : الأحد 1 يونيو 2014 - 1:00 م | آخر تحديث : الأحد 1 يونيو 2014 - 1:00 م

سواء فى مصر أو الخارج، حقق «المرأة الأخرى» نجاحا تجاريا أدى إلى ارتفاع عائداته فى شباك التذاكر، متفوقا على غيره من الأفلام الكبيرة، ذات الميزانيات الضخمة، مما دفع بشركات الإنتاج نحو صنع أفلام على غراره، تلبى مزاج جمهور سئم متابعة المطاردات الدامية والمواجهات القاتلة، وأصبح أميل للترويح عن النفس بمشاهدة الكوميديات ذات الطابع المرح، التى تشيع جوا من البهجة فى وقت عز فيه الفرح.

«المرأة الأخرى» فيلم نسائى بحق، معظم أبطاله من النجمات المتألقات فى سماء هوليوود: الراسخة كاميرون دياز، وشعلة النشاط الانفعالى ليزلى مان، والصاعدة نحو القمة كيت إبتون.. الثلاث فى كفة، والممثل الدانماركى الأنيق، نيكولاى كوستر، فى الكفة المقابلة. الصراع يندلع ويحتدم بين الجبهتين، تصوغه كاتبة السيناريو ميليسيا ستاك، معتمدة على «المقالب»، والتحول من حال لحال، واكتشاف الحقائق، وتصفية الحساب، وانهيار الطرف المخادع، مع دفع فاتورة مساوئه، فضلا عن سلسلة جميلة من مفاجآت لم تخطر على بال الأبطال

نيكولاى كوستر، يؤدى دور الرجل المحترم، المهذب، الناجح فى عمله، الباعث على الثقة، حنون وعاقل.. لكن خلف مظهر «الجنتلمان»، وتحت قناع الصدق، يكمن «دون جوان»، بأخلاقيات الذئب المراوغ. يبدو شغوفا، مخلصا، لزوجته المحبة، ليزلى مان، التى يطرق بابها ذات صباح. تفتحه. ترى، لأول مرة، دياز، فى هيئة منظفات المنازل.. دياز، المرتبكة، تسأل عن اسم صاحب الفيلا، تضطرب عندما تعرف أن ليزلى زوجته. تزعم أنها تبحث عن مسكن رجل أعزب، وبالتأكيد، أخطأت العنوان. تتراجع للخلف، وفى لمسة كوميدية يصدم ظهرها بزهرية ورد ضخمة. تقع وتتهشم. دياز، المرتبكة، تترك رقم تليفونها للزوجة، وتتعهد بدفع ثمن ترميم الزهرية.

الشكوك تنتاب ليزلى مان. تلتقى دياز، وتعلم أنها محامية، وبنزاهة، تعترف لها بعلاقتها مع زوجها، الممتدة منذ سنوات، حيث ادعى الرجل الكاذب بأن ليس له زوجة، وتؤكد العشيقة أنها كانت من المستحيل أن تستجيب لعلاقة مع رجل متزوج.. عندئذ تنهض صداقة بين المرأتين المخدوعتين. تقرران الثأر من الرجل الخائن، الدمث الرقيق مظهرا، الوغد جوهرا.

كاتبة السيناريو، المدربة فى استوديوهات هوليوود، التى تعرف أسرار صناعتها تضيف شحنة درامية، كوميدية، جديدة، حين تعلم المرأتان بعلاقة الرجل بامرأة ثالثة، تقرران التعرف عليها، يتعقبانه، وعلى شاطئ بحر يلتقيانها.. المسافة واسعة بين المرأتين والعشيقة الجديدة: إنهما يدخلان فى العقد الخامس، وهى، بنضارتها، وعنفوانها، وجسمها الفائر، بالكاد تودع العشرين من عمرها.. هذا التباين فى الأعمار والأشكال والطباع، يمنح الفيلم قدرا غير قليل من الحيوية، وإذا كانت معظم مشاهد «المرأة الأخرى» تدور فى أماكن مغلقة، فإن المخرج نيك كازافيتس، اعتمد على قوة أداء بطلاته، وردود الأفعال المتناقضة عندهن: الزوجة، العصبية المزاج، ملتهبة المشاعر، ليزلى مان.. العشيقة الأولى، المحامية العاقلة، التى تؤمن أن صحن الانتقام يؤكل باردا، صاحبة العقل المدرب، كاميرون دياز.. ثم الثالثة، الأقرب للطفلة الطيبة، ذات الجمال اللافت للنظر، كيت إبتون، التى تخطرهما أن الرجل قال له إنه فى سبيله للتحرر، بالطلاق، من زوجته التى أثبت أنها تخونه بانتظام، ومنذ فترة طويلة.. لك أن تتخيل أثر الأكذوبة الفظيعة على المرأتين.

تنتقم النساء انتقاما متواليا، ومركبا.. يبتعد تماما عن العنف والدم، ولكنه، أشد إيلاما، ويصيب فى مقتل.. يبدأ معنونا. يضعن فى كوب الماء مساحيق ثنائية المفعول: تزيد هرومونات الأنوثة، وتؤدى إلى إسهال مزمن، وها هو «الدون جوان» مذعورا، حين يفاجأ بتساقط شعر صدره ونفور الحلمتين.. ثم، فى حفل، يهرع إلى المرحاض.. لا يتمالك نفسه، يفعلها.. من وراء الباب يطلب من العامل إحضار أى بنطال.. وها هو الأنيق، الوجيه، يطالعنا بخجل، وقد ارتدى بنطال بيجامة حمراء.

أخيرا، يأتى العقاب الأشد وطأة، فالزوجة، بمساعدة العشيقة المحامية، وبمؤازرة الثالثة التى تراه وهو يلقى شباكه على رابعة، تسحب أمواله المشبوهة من بنك فى جزر الكنارى، يطيش صوابه حين يعلم بالأمر. يثور، تنتابه هيستيريا. يندفع فى ممر ولا ينتبه لجدار من زجاج. يصطدم به، يقع. يقف، يكاد يجن.. وإذا كان «دون جوان»، فى العديد من الأعمال، ينتهى حريقا، فإنه، فى الفيلم النسائى النزعة، ينتهى به هائما على وجهه، فى شوارع المدينة المزدحمة، ببزة ممزقة، ووجه يسيل منه الدم.. هكذا «المرأة الأخرى» كوميديا خفيفة، تنتصر للجنس الناعم، أخلاقى الرسالة والهدف، يحتاج إليه الجمهور.. فيما يبدو.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات