كلمة قد تكون أخيرة عن الجبهة الوطنية - وائل قنديل - بوابة الشروق
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 2:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

كلمة قد تكون أخيرة عن الجبهة الوطنية

نشر فى : الخميس 2 أغسطس 2012 - 9:20 ص | آخر تحديث : الخميس 2 أغسطس 2012 - 9:20 ص

للعقلاء فقط وليس للسائمة، للأنام وليس للأنعام، لأصحاب الأفهام وليس لباعة الأوهام.. هذه حكاية الجبهة الوطنية:

 

قلنا بدلا من المرة عشرا أن هذه الجبهة تكونت بشكل عفوى، كترجمة لموقف اتخذه أعضاؤها، وليس لصياغة موقف لاحق على تكوينها، بمعنى أن أعضاء هذه الجبهة وكلهم لم يكونوا يوما محسوبين على الإخوان المسلمين، بادروا بإعلان وقوفهم ضد مرشح الثورة المضادة فى جولة الإعادة، دون أى تنسيق أو اتفاق مع المرشح الوحيد المنافس الدكتور محمد مرسى، ودون اتصال مع العاملين فى حملته، حتى انتهى التصويت فى جولة الإعادة وأعلنت أرقاما غير رسمية تقدم مرسى، ثم تم تسريب أنباء مضادة تفيد أن هناك اتجاها لإعلان فوز مرشح الفلول.

 

فى هذه اللحظة المشحونة بكل احتمالات الانفجار والصدام، تلقى المكونون لهذه الجبهة فيما بعد دعوة للنقاش والتشاور والبحث عن مخرج للمأزق الخطير الذى تمر به مصر، وهى اللحظة التى كانت فيها احتمالات إعلان سقوط محمد مرسى أكبر من احتمالات الإقرار بفوزه.

 

والثابت أن هذه المجموعة من الشخصيات لم تكن من هذا النوع الذى يعرف لغة الصفقات والمواءمات، وليس فى خزينة واحد منهم كئوس تفوق فى ألعاب قفز الحواجز أو التسلق أو التزلج، فكلهم منذ البداية لم يتلوث سجلهم بمبادرات من ذلك النوع الهابط الرخيص القائمة على مقولة هى قمة فى الإسفاف وهى الوقوف على مسافة واحدة من مرشح كاره ومعاد للثورة ويجسد المشروع المضاد لها، وآخر من تيار من الثورة وإن كان قد أخطأ أو ابتعد عن الميدان أو اتخذ من الخطوات ما أغضب الثوار.. ولم يضبط أحد منهم بالضلوع فى كلام ساقط من نوعية فتح مزاد على مطالب الثورة بين شفيق ومرسى.

 

وباقى القصة معروف، حيث جرى التداول والاتفاق فى مشروع من ست نقاط للشراكة الوطنية بين هؤلاء الأشخاص والدكتور محمد مرسى الذى كان حتى ذلك الوقت رئيس حزب الحرية والعدالة، وفى حالة فوزه برئاسة الجمهورية يلتزم به.

 

غير أن أهم وأوضح ما يحكم عمل الجبهة منذ أن تشكلت هو أنها قررت وأعلنت أن أعضاءها خارج دائرة الترشيحات لأية مناصب رسمية، لتبقى ضميرا أو جماعة ضغط لا يربطها بمؤسسة الرئاسة سوى ذلك الإعلان الشهير الذى التزم به بتاريخ ٢٢ يونيو الماضى، وكلما لمحت خروجا عن الاتفاق رفعت صوتها بالتنبيه والتذكير والمحاسبة.

 

غير أن بعضا من السائمة المنطلقة فى مراعى الكتابة لا تريد أن ترى إلا أن هذه الجبهة ليست سوى مجموعة من الباحثين عن مناصب أو مقاعد فى قطار الحكم الجديد، على الرغم من أن الجميع سمعوا وشاهدوا وعلى الهواء مباشرة بيان الجبهة عن «تصحيح المسار» الذى جدد فى ديباجته التأكيد على أنها أعلنت رفضها منذ البداية أن يكون أعضاؤها فى قوائم الترشيحات لأية مناصب، وأنها ليست جهة تأييد ودعم لشخص الدكتور محمد مرسى، بل هى التأمت وتشكلت لتحقيق هدف وحيد وهو قطع دابر الدولة العميقة والعمل على إحباط كل محاولات إحياء النظام القديم.

 

وظنى أن بقاء هذه الجبهة فى احتفاظها بتجردها وتعفف أعضائها عن المشاركة فى مناصب رسمية لتبقى ضميرا ساطعا، ودون ذلك فإنها تكون قد بدأت طريق التحلل والتهافت وتخلت عن جوهرها الأخلاقى والوطنى، ولا أظن أن أحدا من المشاركين فيها يريد لها السقوط فى غواية السلطة.

وائل قنديل كاتب صحفي