ما بعد الحرب الباردة.. أسئلة العرب «القديمة»٠ - أيمن الصياد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 9:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما بعد الحرب الباردة.. أسئلة العرب «القديمة»٠

نشر فى : الأحد 2 نوفمبر 2014 - 7:00 ص | آخر تحديث : الأحد 2 نوفمبر 2014 - 5:16 م

إلى شاطئ الخليج الذى كان الخلاف القديم حول اسمه ربما إرهاصا مبكرا لعواصف مستقبل تحاول خرائطه أن تستقر على مسمياتها. كان إبحارى قبل أيام من «عمان» الراقدة بين عشرين جبلا، إلى «أبوظبى» المضيئة بين الخليج والصحراء. لم تكن فى العاصمتين غير طاولات حوار تبحث فيما نحن فيه.. وما نحن إليه. تختلف العناوين أحيانا، ولكن الأسئلة تظل تقريبا واحدة.

© Petar Pismestrovic

بعد يوم طويل من النقاش الثرى فى عَمَّان / الأردن بين نخبةٍ عربيةٍ محترمة حول طاولة «المجلس الاستشارى» لتقرير الأمم المتحدة عن «الإنسان» العربى (AHDR)، كان على أن ألحق بجلسات الملتقى الاستراتيجى الأول (أبو ظبى)، على الناحية الأخرى من «صحراء العرب»، والتى تَعرف بقدر اتساعها تاريخا طويلا خطه على رمالها تراثُ أهلها وأطماع عابريها. وكان قد أغرانى بقبول الدعوة الكريمة بالمشاركة «متحدثا» فى جلساته، بل وحرضنى عليها عنوان الملتقى ونوعية المشاركين؛ حيث نخبة أخرى «وأصوات أخرى»؛ عابرة للمحيط والخليج. كان بينهم رؤساء حكومات ومسئولون تنفيذيون كبار حاليون وسابقون؛ من أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين وإيران وتركيا... إلخ. فضلا عن باحثين وصحفيين بارزين أذكر منهم دافيد إجناثيوس David Ignatius (المحرر المشارك فى الواشنطن بوست) الذى أدار جلسة الحوار الخاصة بمصر.

على مدى تسع جلسات كاملة، وتحت عناوين منها: «أثر استراتيجيات القوى العالمية الكبرى ورؤاها الأمنية، وكذا الأثر الجيوسياسى للمشاريع الإقليمية على الخليج والشرق الأوسط» دارت حوارات الملتقى الدسمة جدا «والساخنة جدا». على أرضية حددتها ورقة النقاش الرئيسية التى طرحتها مديرة الملتقى، ورئيس مركز الإمارات للسياسات «د. ابتسام الكتبى» فى نقاط يمكن إجمالها فيما يلى:

• أن النماذج النظرية لفهم وتوصيف النظام الدولى ما بعد الحرب الباردة (القطبية الأحادية / التعددية / الفوضى وانعدام التوازن) لم تقو على تفسير كل المتغيرات فى حركة النظام الدولى الجديد مما يستلزم قراءة جديدة لهذا النظام.

• تغيرُ طبيعة العوامل المُحَرِّكة للصراعات والنزاعات فى النظام الدَّولى، والتى لم تَعُد اقتصادية فحسب، وإنّما حضاريّة ودينية وطائفية.

• ظهور متغير الأقليات، الذى بات يُهدد دولا كثيرة بظهورِ حركات انفصالية، أو مطالبات بالاستقلال.

• تصاعد دور الفاعلين من غير الدول، وتشابك دورهم مع مصالح وأهداف قوى إقليمية ودولية.

• انفجار الجغرافيا السياسية الناتجة عن تفكك الإمبراطورية العثمانية والهندسة الاستعمارية الأوروبية (سايكس ـ بيكو).

• دخول بعضِ القوى الإقليمية «غير العربية» مثل إيران وتركيا، لاعبا داخليا فاعلا فى المنطقة ومؤثرا فى أزماتها وتوازناتها.

• تَداخل الثّورات العربية معَ التحوّلات الدولية والمشاريع الجيوسياسية.

• دخول المنطقة فى حرب طائفية، لا يمكن التكهن بالمدى الذى ستصل إليه.

• ازدياد فاعلية التطرف الدينى فى المعادلات الحاضرة.

• إن حالة الاستنزاف المتبادل بين المشاريع والقوى الإقليمية لن تؤسس لقيام نظام إقليمى مستقر، بل قد تغير خريطته؛ بما يجعل أى نظام إقليمى قادم يحمل بذور انهياره داخله.

• إلى جانب دول المنطقة التى تعيش حالة من عدم الاستقرار، هناك دول أصبحت أراضيها ميدانا لحروب بالوكالة بين المشاريعِ الجيوسياسية الإقليمية والدولية.

• لا يمكن التنبؤ بنتائج الحملة الدولية على «داعش». كما أنه ليسَ مُمكنا النّجاحُ بالقضاءِ على مثل هذا التنظيم دون محاربةِ البيئةِ المحفِّزة التى أنتَجت هذه الظاهرة.

• لا يصِح لبعضِ الدولِ الزعم برغبتها بمحاربة الإرهاب فى الوقت الذى تحفز سلوكاتها على بقائه وتصاعده.

• علينا أن نفكر فى مخاطر «ما بعد الداعشية»؛ فانهيار تنظيم «داعش»، سيقود إلى تشتيت «خريطة بشرية قتالية» هويتها الأمنيّة غير مضبوطة؛ الأمر الذى ستنتج عنه مخاطر أمنيّة إقليمية ودوليّة.

•••

إقليميا، طرح الملتقى ثلاثة أسئلة رئيسة:

1- والحال هكذا، فإلى أى مدى يحتمل النظام الإقليمى فكرة القطب الإقليمى الواحد، أو حتى مفهوم القوة العظمى الإقليمية، خاصة بعد ما بدا من صراعِ المشاريع الجيوسياسية فى المنطقة، وانحسار قوة بعضها وإعادة ترتيب أولويات بعضِها الآخر؟

2- إلى أى مدى يمكن وضع قواعد جديدة، يتفق عليها الجميع لوقف تصادم الرؤى الأمنية للقوى الإقليمية والدولية، والبحث عن نقاط الالتقاء التى تعزز التعاون، وتساهم فى بناء نظامين إقليمى تَقل فيهما الصراعات والحروب؟

3- ثم إلى أى مدى يمكن بناء بيئة من التسامح والتعايش؛ وفق قاعدة المنافع المتبادلة، وحق كل إنسان بالاختلاف؟