حظ سعيد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 4:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حظ سعيد

نشر فى : الأربعاء 4 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 4 أبريل 2012 - 8:00 ص

التحدى الذى تواجهه السينما المصرية يتطلب منها استجابة إبداعية قوية، وفيما يبدو أن «حظ سعيد» قرر قبول التحدى، فاختار موضوعا جادا، يرتبط بالحاضر، وانتقى شخصيات من فئات تعيش فى عناء الواقع، وقدم وجوها شابة، تخطو خطواتها الأولى فى عالم الأطياف، فيما عدا أحمد عيد، المحبوب والمحترم، الذى يتمتع بوجه على قدر كبير من الصفاء، تتسم عيناه بتلك الحيرة التى تتجلى فى عيون أبناء الطبقة الوسطى، وانتقل من فيلم لآخر، معبرا، على نحو ما، عن أشواق شباب مقموع، يرنو لحياة إنسانية أكثر عدلا.. أحمد عيد، اكتسب تقديرا، عاما ورفيعا، مساء كشفه الشجاع، على الهواء مباشرة لاثنين من المذيعين، كان لهما دور فخرى، ضد ثوار يناير.

 

سعيد، بأداء أحمد عيد، مثل أولادنا الذين حرموا من الانخراط فى عمل منتظم، دائم، لذا، فإنه يبيع بضاعة على فرشة مؤقتة فى الشارع.. سريعا، يداهمه رجل الشرطة، ضياء المرغنى، طالبا منه الأتاوة، وحين يرفض، يسوقه إلى القسم، ينهال عليه ضربا، باللكمات والصفعات والشلاليت، مع صوت حسنى مبارك متحدثا، فى أحد خطاباته، عن كرامة مصر التى هى من كرامة المواطن، وبعد ليلة فى التخشيبة، يُلقى بالشاب سعيد أمام بوابة القسم.. مدخل، لا بأس به للفيلم، لكن هذه المشاهد، جوهريا، تتكرر ثلاث أو أربع مرات، فى أقل من ثلث الساعة: القبض على البطل، من المخبر ذاته، ثم علقة، على مرأى من الضابط الذى يكاد يشارك، ثم قذف «سعيد» إلى الخارج. عندئذ، ندرك مدى ضعف خيال السيناريو الذى لم تسعفه قريحته إلا بهذا الموقف المتكرر، بالإضافة للإخراج الكسول الذى سيسرى فى تفاصيل وشرايين الفيلم.. «سعيد»، يرتبط عاطفيا بسماح، الفتاة الشعبية التى تؤدى دورها، بحيوية واضحة، مى كساب، لكن ظروفهما الصعبة تجعل من زواجهما مشروعا مؤجلا، فصاحبنا، تنازل عن حقه فى شقة والدته لأخيه المتزوج. أما شقيقته، وهى ممثلة لا أعرف اسمها، تحتاج لتدريبات جادة، طويلة، فى الأداء التمثيلى، ذلك أنها تعانى من خفوت الانفعالات، والواضح أنها، مع المخرج، حاولا أن تظهر جميلة، أنيقة، حتى وهى محمولة فوق الأكتاف، وتهتف بسقوط النظام، فى ميدان التحرير. ولا يفوت الفيلم أن يقدم طرفا من المشاهد الوثائقية للمجاميع الهائلة، إبان الثورة، وطبعا، الفارق شديد الاتساع بين صدق وحيوية التسجيلى من ناحية، والروائى من ناحية أخرى. أما حين يمزج الفيلم بين الاثنين، فإن التنافر، أو الانفصال بينهما يتبدى بوضوح.

 

سعيد، يبحث عن شقيقته، وفى ذات الوقت، ينضم إلى فلول «آسفين يا ريس» بميدان مصطفى محمود، ليس حبا فى حسنى مبارك، ولكن من أجل حفنة نقود، يوزعها أصحاب وجوه فاسدة، شاهدناها فى البداية، وعندما يصل لميدان التحرير، يكتشف أنه ليس فى مجرد مظاهرة، ولكن فى مقدمة هجوم الجمال والخيول. يلتقى بشقيقته المصابة «بواوه» فى رأسها، موضوع حولها «ميكروكروم» على أنه دم. شعرها الناعم لا يزال محتفظا بحريرته.

 

«حظ سعيد» يقع فى براثن السينما القديمة، عدة مرات، لعل أسوأها حين يهرب البطل من مطارديه، يحتمى بشقة تجمع ما بين الكباريه والبيت السرى، تمتلئ بنساء منحرفات، يتبخترن أمام الكاميرا، ويضحكن الضحكات الخليعة التى سمعناها، فى أفلام عفا عليها الزمن.. مهما كانت حسن النوايا، فإن الفيلم مكتوب كمسودة أولى، تحتاج لإعادة كتابة، عدة مرات، ويحتاج لمخرج آخر، غير ذلك الطموح، الذى يعوزه أسلوب يختلف عما سار عليه من قبل، فى «عجمستا».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات