نحن وهُم - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحن وهُم

نشر فى : الأحد 3 مايو 2015 - 9:40 ص | آخر تحديث : الأحد 3 مايو 2015 - 9:40 ص

قبل أيام قليلة، نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية خبرا مهما للغاية، خلاصته، أن وكالة ناسا لعلوم الفضاء جمعت الأسبوع الماضى علماء يمثلون ٢٠ تخصصا فى علوم الفيزياء والكواكب، سوف يشكلون تجمعا اسمه «رابطة علوم الكواكب الخارجية»، بهدف البحث عن أكثر الكواكب الملائمة لعيش الكائنات الحية عليها.

وفى تفاصيل الخبر، فإن العلماء يعملون على اكتشاف المؤشرات الأولية على العيش خارج الأرض خلال الأعوام العشرة المقبلة، وأن ناسا أطلقت تليسكوبا عام ٢٠٠٩ اكتشف أكثر من ١٠٠٠ كوكب خارجى تدور حول نجوم بعيدة، لكن العلماء لا يعرفون هل تدور هذه الكواكب حول شموس خاصة بها أم لا؟.

وقبل يومين فقط، طالب عالم الفيزياء البريطانى ستيفن هوكينج بضرورة البحث عن مكان آخر للحياة بخلاف كوكب الأرض. لأن الحياة من وجهة نظره لن تستمر على الأرض أكثر من ألف عام.

هوكينج ألقى كلمة مهمة عن بُعد فى دار أوبرا سيدنى بأستراليا باستخدام تقنية «الحضور المجسم»، حيث كان موجودا بالفعل فى مكتبة بجامعة كامبريدج فى بريطانيا، وجرى تصويره فى مكتبه بكاميرتين لإحداث تأثير التجسيم، وتمت المعالجة الفنية والبث فى سيدنى.

وبعدها بيوم، كان الخبر الثالث عن التجربة الصينية لإعادة صياغة الجينوم البشرى، والتى أثارت الكثير من الجدل حول أخلاقيات الهندسة الوراثية، ورغم أنها تهدف إلى إزالة جينات مسببة للأمراض إلا أنها قد توظف لإضفاء صفات التفوق البشرى.

عندما قرأت هذه الأخبار الثلاثة معا، لم أستطع كمواطن عربى مسلم، أن أمنع نفسى من المقارنة بين حالنا وحالهم، عما يشغلنا ويشغلهم.

أعرف أن المقارنة صعبة وظالمة، لأن المسافة بيننا وبينهم تقاس بالسنوات الضوئية، لكن من المهم أن نذكر أنفسنا كل لحظة بما نحن فيه، فربما ندرك الدرك الأسفل الذى نعيش فيه، وربما وقتها قد نتوقف عن حياة العبث والجنون التى نعيشها.

لن أناقش أخلاق هؤلاء الناس فى الغرب وسلوكهم وأفكارهم ومعتقداتهم، أنا فقط مهموم بأعمالهم فى الدنيا، وكيف تمكنوا أن يحسنوا كثيرا جدا من مستوى معيشتهم ويقدموا اختراعات عظيمة أفادت الإنسانية جمعاء، فى حين نقوم نحن فقط باستهلاك هذه المنتجات الغربية وسب أصحابها باعتبارهم «كفرة ومنحلين»، ولم نسأل أنفسنا أو نواجهها بالحقيقة المرة وهى: لماذا لم نطبق تعاليم الإسلام العظيمة التى تحض على العمل والإنتاج ؟!.

تخيلوا، هم فى الغرب يعيشون حياة يمكن أن نقول عنها معقولة أو متقدمة، ورغم ذلك يبحثون عن بديل للحياة فى الكواكب الأخرى مستقبلا، ونحن حياتنا «تصعب على الكافر» ومشغولون فقط بتكفير بعضنا البعض.. السنى والشيعى يكفران بعضهما البعض، والسنى الداعشى يكفر بقية الفصائل السنية سواء كانت نصرة أو إخوانا أو سلفيين، والإخوانى يكره السلفى والعكس صحيح، وكل يعتقد أنه الأكثر قربا من الله .

الغرب ينتج السلاح الحديث ونحن نستورده ليس لقتال عدونا الرئيسى وهو إسرائيل، بل لقتال بعضنا بعضا، نأكل ونشرب مما ينتجه الغرب، تعليمنا متخلف، وصحتنا متردية، ولا ننتج إلا مواد خاما نصدرها بتراب الفلوس للغرب والصين ونعيد استيرادها بالمليارات فى صورة سلع مصنعة.

الغرب لم يتقدم فجأة، بل واجه فى العصور الوسطى نفس ما نواجهه الآن، كانت الكنيسة تتحكم فى كل شىء، من أول كيفية التنفس حتى عبادة الخالق، وعندما انتهى تحكم رجال وأباطرة الكنيسة والساسة وتجارتهم بالدين عرفوا التقدم، وهى مرحلة لابد أن نصل إليها إن آجلا أو عاجلا، أى منع التجارة بالدين، ومنع الوسطاء بين الإنسان وربه، وأن يكون كل شىء طبقا للقانون والدستور واحترام الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، وبطبيعة الحال ألا نتخاصم أو نتصادم مع الأصول الرئيسية للدين الإسلامى العظيم.

ما لم يحدث ذلك، فسوف نتفاجأ ذات يوم بأن الغرب صعد إلى الكواكب الأخرى، وتركنا نحن نغوص إلى سابع أرض.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي