قراءة شريرة لعملية الاقتحام - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 7:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قراءة شريرة لعملية الاقتحام

نشر فى : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 10:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 10:10 م
القراءات والتفسيرات والتحليلات لحادث اقتحام قوات الأمن لمقر نقابة الصحفيين مساء الأحد الماضى كثيرة ومتعددة بعضها يتحدث عن محاولة الشرطة إذلال الصحفيين وكسر إرادتهم، وبعضها يتحدث عن الجزر المنعزلة فى الدولة التى يعمل كل منها بصورة مستقلة وأحيانا متعارضة، وقراءة ثالثة تعتقد أن انعدام الكفاءة وغياب الخيال هو تفسير ما حدث.

لكن هناك قراءة جديدة يعتقد أصحابها أنها شريرة إلى حد ما، وتتعلق أساسا بأن صاحب قرار الاقتحام كان يدرك تمام الإدراك ما هو مقدم عليه وخطورته وتداعياته، بل توقع كل ردود الفعل التى وقعت بالفعل، وبالتالى فإن ما حدث هو مجرد ستار كثيف من الدخان للتغطية على قضايا أهم.

فى نظر أصحاب هذه القراءة فإن هناك اتجاها موجودا داخل الحكومة وأجهزة الحكم وليس فقط داخل وزارة الداخلية، أراد الهروب إلى الأمام وافتعال معركة مع عموم الصحفيين لتكون عنوانا لمرحلة مقبلة يكون أولى ضحاياها ربما هو قانون الإعلام الموحد.

أصحاب هذا التيار لا يكنون المزيد من الود للإعلام عموما إلا إذا كان مؤيدا وداعما ومشجعا ومادحا، وبالتالى هم يعتقدون أن تدجين الإعلام بكل السبل معركة وجودية لأنه لا يمكن من دونها تدجين غالبية القوى الحية فى المجتمع. هذا التيار حينما قرر اقتحام النقابة، فقد أراد كسر هيبتها وفرض قواعد عمل جديدة فى المستقبل.

من المعروف أن سلم نقابة الصحفيين صار له معنى رمزيا منذ وقفات حركة كفاية وغيرها من حركات الرفض الاجتماعى والاحتجاجى طوال السنوات العشر الأخيرة من حكم حسنى مبارك.

هذا السلم وبعد فترة ركود أو شهر عسل طويل مع الحكومة عاد يمارس دوره من جديد وكانت الاحتجاجات اللافتة يوم الجمعة قبل الماضى ضد تسليم جزيرتى تيران وصنافير للسعودية. وعندما مر اليوم على خير وصل إلى بعض قوى المعارضة احساس ان المحاولة يمكن تكرارها وتكبيرها، لكن الحكومة من جهتها فهمت الرسالة بصورة أخرى وهى أنها قد تمهد لإعادة دمج الإخوان فى المظاهرات والفاعليات المعارضة عبر سلم النقابة، ولذلك كان التحرك السريع لقطع الطريق على أى احتجاجات، وهو ما يفسر لنا سر الحشد الأمنى غير المسبوق يوم ١٥ أبريل الماضى وحملة الاعتقالات واسعة النطاق قبل 25 ابريل، وحصار نقابة الصحفيين ومنع الدخول إليها.

إذا جهاز الأمن أراد أن يبعث برسالة للنقابة وللمحتجين بـ«تحييد سلم النقابة وإخراجه من اللعبة».

الهدف الجوهرى الثانى لافتعال هذه المعركة هو قطع الطريق على تمرير قانون الإعلام الموحد، الموجود فى درج الحكومة منذ الأيام الأخيرة لحكومة المهندس إبراهيم محلب.

هذا التيار المتشدد يرى أن القانون طموح أكثر من اللازم وينبغى «قصقصة الكثير من ريشه» وضبطه على مقاس الحكومة أو الأوضاع الصعبة التى تعيشها مصر حاليا، وحتى لا تستفيد منه القوى المتطرفة والإرهابية على حد تعبير بعض المصادر القريبة من الحكومة.

قبل أيام تحدث النقيب السابق الدكتور ضياء رشوان عن ان القانون سيتم إقراره قريبا، وبدأ فعلا مجلس الوزراء فى مناقشته تمهيدا لإرساله إلى مجلس النواب.

وسمعت بنفسى تأكيدات قاطعة من مسئولين كبار فى وزارة العدل والحكومة ومؤسسة الرئاسة بأن القانون سوف يتم تمريره بنفس الصياغة تقريبا، التى ارتضتها الجماعة الصحفية والإعلامية.

لكن ما حدث ليل الأحد الماضى هو بمثابة «كرسى فى الكلوب» أحد أهدافه إعادة وضع القانون فى ثلاجة مجلس الوزراء أو أى ثلاجة أخرى، أو فى الحد الأدنى تمريره ولكن بعد نزع كل المكاسب الديمقراطية من مواده وبنوده.

هذا التيار المتشدد لا يريد للإعلام أن يكون شريكا وناصحا ومنتقدا بصورة ايجابية، هو يريد إعلاما تابعا ملتحقا مادحا مدجنا، ولذلك جاءت المحاولة الغريبة لاقتحام مقر نقابة الصحفيين ليلة الأحد. كل ما اتمناه أن تكون هذه القراءة الشريرة خاطئة، وأن يكون ما حدث مجرد اجتهاد أحمق من موظف أو ضابط صغير.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي