«ليالى الحلمية».. الخافتة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«ليالى الحلمية».. الخافتة

نشر فى : الإثنين 4 يوليه 2016 - 8:50 م | آخر تحديث : الإثنين 4 يوليه 2016 - 8:50 م
نازك السلحدار، سليلة الحسب والنسب، الطموح، الفاتنة، ملكة الجمال والغواية، طوال خمسة أجزاء.. تغير بها الحال. فقدت، بمرور الزمن، فورة عنفوان الشباب ونضارته. دب الوهن فى كيانها. حفرت التجاعيد، بمخالبها القاسية، خطوطا حول الرقبة. عقلها، لم يعد قادرا على التذكر والتفكير والتخطيط والتآمر. حتى النطق، أصبح متلعثما، مشتتا.. مع هذا، لا تزال متشبثة بأهداب الحياة، تستعيد إرادتها، حيويتها، بين الحين والحين، لكن قوانين الزمن، أقوى من محاولاتها.. إنها بأداء موفق من صفية العمرى، مثيرة للشفقة.

حالة نازك السلحدار، انتقلت كالعدوى، للمسلسل، تأليفا وإخراجا وتمثيلا، ذلك أنه يأتى شبحا، عليلا، سقيما، يلمع للحظات، يذكرنا بما كانت عليه «ليالى الحلمية»، لكن سرعان ما يتخبط متعثرا، بشخصيات باهتة، لم ترث قوة حضور جيل الآباء، أيام سليم البدرى «يحيى الفخرانى». سليمان الغانم «صلاح السعدنى». زينهم السماحى «سيد عبدالكريم».. وآخرين.

أعترف، كنت من المتحمسين لاستكمال المسلسل الذى يعيش فى وجدان كل من شاهده، خاصة أن للشخصيات الجديدة، جذورا راسخة وضعها أسامة أنور عكاسة، مع إسماعيل عبدالحافظ، وتمنيت أن يتمكن المخرج مجدى أبوعميرة، مع الكاتبين أيمن بهجت قمر، عمرو محمود ياسين، من السير على منوال الآباء: الربط المنطقى بين العام والخاص، رصد أثر التغيرات والأحداث التاريخية على الأبطال، ثراء المشاعر، صدق الانفعالات، تطور العلاقات، الاهتمام بالأداء التمثيلى، حيوية الحركة، فى الأماكن المفتوحة والمغلقة.
زهرة سليمان غانم «إلهام شاهى»، تبدأ بها الحلقات بعد أن أصبحت شخصية مرموقة، من قيادات الحزب الحاكم، واسعة النفوذ، ناجحة على المستوى الاقتصادى، شغوفة بمستقبلها فى ظل النظام القائم، تدخل فى صراعات تحسمها سريعا لمصلحتها، بالتالى، يفتقر المسلسل إلى الحرارة. يبدو فاترا إن لم يكن باردا، علاقة «زهرة» المتوترة مع آخر أزواجها، الصحفى الضعيف، كريم، بأداء «جمال عبدالناصر» تفتقر للندية، تحسمها المرأة الحديدية، المرة تلو المرة.. ربما تكتسب الحلقات التى يظهر فيها المذيع المتشدق بالحرية والوطنية، صفوت سلطان، «محمد رياض»، شيئا من الحيوية، بفضل شخصيته المرسومة بمهارة، حيث يمتزج فيها النزعة الوصولية مع شىء من الصلابة، فضلا عن الأداء المتفهم لمحمد رياض.

حشد صناع العمل بعدد كبير من النماذج البشرية، قطاع منها جديد، الآخر ممن عرفناهم سابقا لكن المسلسل لم يوفق فى منحهم دبيب الحياة، فظلت النماذج البشرية مجرد أنماط عامة، يعوزها التفرد والخصوصية.. لواء الشرطة، علاء السبع «أحمد عبدالوارث»، يجلس إلى مكتبه الفاخر، بملابسه الرسمية، يتكلم فى التليفون كى يحرج صفوت سلطان الذى أذاع «سى دى» مزيفا عن التعذيب فى أقسام الشرطة. إنه مجرد وظيفة بلا حضور إنسانى.. مجذوب الحارة، متولى «محمد فريد»، يظهر، بلا ضرورة، بين فترة وأخرى، ليصرخ بكلام فارغ، كى يعلق أحد السكان بقوله إنه أصيب بصدمة عقب فقد أبنائه فى حادث غرق العبارة المصرية القادمة من السعودية عام ١٩٩٨.. هكذا، عنوان فقط.

أما أصحاب التاريخ السابق، ممن ورثوا عداوات عائلتى سليمان غانم وسليم البدرى، فإن حضورهم على درحة كبيرة من التسطح.. ربما، من التعسف، مقارنة أداء المجتهد «إسماعيل محمود» ــ زهران سليمان غانم ــ بالغول، «صلاح السعدنى»، فى دور سليمان غانم.. كذلك الحال بالنسبة لهشام سليم، الذى أسرف فى التعبير عن فقدان حماس عادل سليم البدرى، وتردده، خالطا بين السلبية وفتور الأداء. إنه لم يرث شيئا من سليم البدرى، ومن الظلم مقارنته بطاقة يحيى الفخرانى.

التعجل، السمة الأبرز فى العمل.. أحد الأساتذة قال «لا يوجد شىء اسمه السيناريو، هناك فقط إعادة كتابة المسلسل».. أظن أن كاتبى السيناريو كان يليق بهما تنفيذ هذه الوصية.. أما الإخراج، فالواضح أن مجدى أبوعميرة، ترك الحبل على الغارب للممثلين، وإلا لما اتجه بعضهم إلى نوع من الكوميديا، ذات الطابع الكاريكاتورى، الأقرب للفارس، دليل على هذا «محمد متولى» فى دور «بسة»، وتابعه، «الخمس» بأداء «عهدى صادق»، بالإضافة لأحفاد سليمان غانم، باستخفافهم، وعدم توقف أحدهم عن الضحك.. فى جملة واحدة: خسرنا الجزء السادس من «ليالى الحلمية»، بينما تضاعفت قيمة الأجزاء الخمسة التى سأشاهدها من جديد.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات