من وضع قوائم الثوار فى كف ملك الموت؟ - وائل قنديل - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 3:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من وضع قوائم الثوار فى كف ملك الموت؟

نشر فى : السبت 5 مايو 2012 - 8:10 ص | آخر تحديث : السبت 5 مايو 2012 - 8:10 ص

راجع قائمة الشهداء والمسحولين منذ أحداث ماسبيرو ومحمد محمود وأخيرا العباسية ستكتشف أن الموت يحصد شبابا جميلا نابغا، عرفهم الميدان كرموز للثورة وصاروا من أيقوناته، من مينا دانيال مرورا بطالب الطب علاء عبدالهادى والشيخ الشاب الجليل عماد الدين عفت وأخيرا فى مجزرة العباسية طالب الطب أبوالحسن إبراهيم وعاطف الجوهرى.

 

وللأخير قصة لوحده، ذلك أنه كان الابتسامة التى تألقت بعد غياب على وجه ذات الرداء الأحمر، التى سحلها وعجنها ونكل بها الجنود فى مجزرة مجلس الوزراء، حتى تحولت تحت البيادات إلى عجينة من اللحم الحى، وبقيت تتلقى العلاج شهورا حتى استردت عافيتها، وتصالحت على الحياة على يد عاطف الجوهرى، وسرى نبأ خطبتهما واستعدادهما للزواج مثل خيط من نور وأمل وقدرة على الصمود ومواصلة الحياة بين أصدقائهما ورفاقهما من الثوار.

 

غير أن طائر الموت كان يتربص بهما وبالثوار، فانقض على الفتى عاطف فى مجزرة العباسية ليتنزعه من خطيبته وأهله ورفاقه، على نحو بدا معه أن اصطياد رموز الثوار لا يتم بشكل عفوى أو بمحض الصدفة.. وكأن ملك الموت يحمل فى كفيه قوائم بطلائع الثورة وتعليمات بالتركيز عليهم دون غيرهم، أو قبل غيرهم، لا فرق.

 

إن تقليب صفحات دفتر استشهاد الثوار يكاد ينطق بأن هناك مخططا يجرى تنفيذه لقنص أرواح البارزين فى ميادين الثورة، وعندما تشاهد شابا يشع إصرارا وتحديا وتشبثا بالثورة واقفا على منصة الثوار فى ميدان التحرير فى مليونية ٢٠ أبريل، ثم بعد أيام معدودات تجده مقتولا غيلة وغدرا وممثلا بجثته فى مجزرة العباسية، فلابد أن تتوقف قليلا وتسأل لماذا هذا الشاب يجرى معه ما جرى، مع تسليمنا بأنه لكل أجل كتاب؟

 

ومن مشاهد العباسية إلى مشاهد السرور والحبور على وجوه السادة الممثلين ــ البرلمانيين وغير البرلمانيين ــ الذين ذهبوا لتقديم الاعتذار وطلب العفو والسماح فى السعودية، لابد أن تسأل: أيهما تشد إليه الرحال: أسر الشهداء والمصابين أم خادم الحرمين؟

 

أيهما أجدر بالمشقة وأكثر أخلاقية: كفكفة دمع المسحولة على خطيبها الذى قتلوه غدرا، والاعتذار لها على تقاعسنا حين تركناهم ينهشون جسدها وسمعتها.. أم الجلوس بين يدى أهل الملك والحكم فى السعودية مثل تلاميذ يطلبون السماح؟

 

إن الحرص على علاقات هادئة ومحترمة مع كل الدول العربية هو هدف نبيل، شريطة أن يكون الاحترام متبادلا والعلاقة ندية، ومؤسسة على قواعد وأعراف تحفظ الكرامة، وليس على طريقة الاعتذار المجانى.

 

ولقد كنا نتمنى أن يقول لنا أحد من السادة المعتذرين شيئا عن مصير الشاب أحمد الجيزاوى، وينبئنا بالقليل عن قضيته وموقفه فيها، ويجيب عن الأسئلة المفجرة للغضب: هل يتمتع بمحاكمة عادلة، أم أن الحكم ضده صدر من هنا فى القاهرة؟

 

ولو كان هؤلاء قد اهتموا بتوفير محاكمة عادلة للمحامى المصرى لقلنا إن لزيارتهم معنى، لكن يبدو أنهم نسوا اسم الجيزاوى فور حصولهم على تأشيرات دخول المملكة.

وائل قنديل كاتب صحفي