حينما يعتلى فرعون العرش، ويحيط به هاماناته، ويلتف حولهم جنودهم من المتربحين من النظام، والمنتفعين بسياساته، والقابضين على مواقع العمل الرسمى.. ترى كل هؤلاء قد أصابته عدوى الفرعونية بشكل من الأشكال ودرجة من الدرجات.

ترى تلك العدوى فى مجموعة الوزراء، ومن فى مرتبتهم الوظيفية كالمحافظين، ورؤساء البنوك والشركات، فلا يكتفى بما فى يده من سلطة، ولا ما يحصل عليه من مزايا، بل لابد له من أطقم كثيرة من السكرتارية والعلاقات العامة من الرجال والنساء والمديرين، وزد على ذلك طقما للحراسة فى كل مكان، وكذلك ترى له سيارة فارهة، وربما مصفحة ضد الرصاص، وكذلك مجموعة سيارات خاصة له ولبيته ولأطفاله، وسيارات أخرى لكبار موظفيه الذين ثبتهم أو جلبهم معه فى المصلحة. وترى معاملات مالية خاصة لهؤلاء الزبانية ممثلة فى اللجان والحوافز وبدلات السفر وترى صغيرهم وقد تجاوز السلم الوظيفى متخطيا من سبقه تخرجا وتوظيفا وفى الغالب يتخطى من هم أكثر منه عملا وإتقانا...أليست تلك فرعنة تفرض طاعة الفرعون وتحرض على الاقتراب والتقارب مع حملة المباخر؟

كذلك ترى تلك العدوى شديدة الوضوح فى السادة وكلاء الوزارات ومديرى العموم الأعضاء فى حزب فرعون والقائمين برعاية وحدات حزب فرعون فى الأحياء والمدن والقرى والمشرفين على تزوير الانتخابات والمسارعين لاتهام كل من ليس معهم.
من الفرعونية أيضا هذا الصنف من الرقاع الذين يطردهم زبانية الفرعون شر طردة من بين مرشحى الحزب فترى الخزى على وجوههم وألسنتهم ويتقدمون للانتخابات على مبادئ حزب الفرعون. لا يستطيعون البعد عن الفرعون، ولا الصوم عما تحت يديه من خيرات.

من الفرعونية أيضا أعضاء المحليات الذين يبدأون بمصالحهم ومنافعهم قبل أى شىء ثم إجابة طلبات من يدفع ومن يقدم الرشوة، ومن يعرض المشاركة دون مقابل يدفعه. ثم تمتد أيديهم إلى حقوق المواطنين وأملاكهم ومصالحهم.
فرعونية أخرى فى هؤلاء الذين يحصلون على أقوات الناس فيحتكرونها ويرفعون أسعارها.

وفرعونية أخرى فى قصر الاستيراد على فئة من الأتباع والمنتفعين يستوردون ما يشاءون ويبيعون بما يقررون دون خشية لله ولا خوف من رقيب.

فرعونية قاتلة تتولى إلهاء الناس عبر برامج إعلامية تافهة وساقطة وجذب المواطن نحو قضايا مصنوعة تلهب المشاعر وتهيج الوجدان، وتصيب الصبية بالسطحية والخضوع.

هكذا هى كارثة الفرعنة. إنها ليست حالة فساد فردية، بل هى عدوى سريعة الانتشار حيث تنشئ هيكلا ضخما من الأتباع ونظاما فاسدا من المشاركين.