ما حدث فى نيوزلندا مردود طبيعى، بل مرآة ناصعة لعالم يسوده إرهاب الكبار، وضعف الصغار، وهشاشة التنظيم الدولى. نعم فنحن وسكان العالم جميعا نعيش حقبة غريبة فى دنيا السياسة والدبلوماسية، حقبة عالية الجودة فى الإرهاب والهمجية وممثلها الأعظم ترامب رئيس أكبر دولة وأكبر قوة، إذ لا يزال هذا الكائن يهيئ العالم لحرب عالمية كبرى، فمنذ توليه رئاسته وأصابعه تعبث بساحة العالم كله، فالخليج يشتعل نارا، وكذلك الاعتراف العدوانى باختطاف القدس وجعلها عاصمة لإسرائيل، ثم كارثته العالية بادعاء ضم الجولان لإسرائيل.
ــ1ــ
قولنا اليوم لا نقصد به ترامب ولا أمريكا من قريب أو بعيد، إنما تتجه الأنظار إلى نيوزلندا وقد اقتحم الإرهاب الغربى مسجدا بل مسجدين وأجهز على الركع السجود فقتل غالبية من فى المسجد وجرح البقية منهم. ولولا إنسانية حية تتمتع بها حكومة نيوزلندا أو رئيستها لانكشفت عورة الغرب وعورة العولمة وعورة الشيطنة الأمريكية التى تقود العالم إلى الخراب.
ــ2ــ
أظن البعض يتساءل عن علاقة ترامب بأحداث نيوزلندا!! والعلاقة بينها مباشرة وواضحة. فإذا كانت أكبر دولة تمارس البلطجة دوليا.. نعم بلطجة تقطع جزءا من وطن (فلسطين) وتضمه للكيان المجاور.. هكذا دون أدنى حق. فماذا يمنع المتورين من ممارسة العدوان ضد المسلمين بل فى مساجدهم وقت انشغالهم بالصلاة؟!
ــ3ــ
لكن حكمة الله ولطفه، ذلك اللطف الذى يضع فى كل نفق مظلم ضوءا يمكن السائرين من إحسان الخروج من تلك الظلمة. فقد جاء هذا الضوء فرأينا حكومة أوروبية هى حكومة نيوزلندا تعترف بالحق وتبادر بالاعتذار وتستعد للتعويض. بل رأينا شعبا من شعوب أوروبا هو شعب نيوزلندا! يسارع لإحقاق الحق ويتقدم سريعا للمواساة وتخفيف الآلام. ومهما كانت المجاملة الرمزية فى رفع أذان الجمعة عبر جميع وسائل الإعلام فإن ذلك مؤشر خير يجب التعامل معه بدبلوماسية غير هوجاء خالية من العصبية. فإن تلك المشاعر تشكل 50% من دعوة الإسلام.
ــ4ــ
فماذا رأينا من الحكومات الإسلامية والشعوب المسلمة؟!!! لا نريد من هذه الحكومات ولا من أبواق إعلامها دعوة للحرب ولا حشد للجيوش، فتلك وسائل لا يعقدها الإسلام فى مثل حالتنا هذه، فضلا عن أن جميعهم غير قادرين على ذلك فلا الإسلام يرد هذه العشوائية بمثلها، ولا يرد عليها بجيوش وسلاح.. إنما يهيب الإسلام بأتباعه حسن دراسة الموقف واستخدام كل الطرق السلمية المعتمدة سواء فى قانون تلك الدولة أو ما يمكن بالاعتماد عليه من القانون الدولى. وليس ذلك فحسب.
ــ5ــ
فقد أعلنت نيوزلندا رغبتها فى نزع السلاح من الحياة المدنية وتلك خطوة تحتاج منا التدعيم والتعميم، فلعل ما حدث يكون سببا فى تهذيب أخلاق تلك النفقات المتربحة من العنف والدماء. وكما رأينا هذه الجموع التى أحاطت بالمسجد.. فهل سعينا لبيان رسالة الإسلام بيانا خاليا من جهالات التراث الذى أقصى القرآن كما حرف الأحاديث النبوية تحريفا مشوها.. ألا ليتنا نفعل؟