المعرفة «المنقوصة».. فى بيان ما غاب وتذكيرا بالمسكوت عنه وأشياء أخرى - هشام عطية عبد المقصود - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:45 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المعرفة «المنقوصة».. فى بيان ما غاب وتذكيرا بالمسكوت عنه وأشياء أخرى

نشر فى : السبت 5 سبتمبر 2015 - 11:35 ص | آخر تحديث : السبت 5 سبتمبر 2015 - 11:35 ص

المعانى ملقاة فى الطريق.. قالها الجاحظ ربما تعبيرا عن أن وافر اللفظ والكلام متاح للسائرين والجالسين، قد يوظفه البعض فيما ينفع ويصلح، رأيا وتوجيها بل ونقدا موضوعيا، وقد يصنع منه البعض دوائر الكلام المكرر فالمتناقض ثم الفائض عن متن الصالح العام داخلا مساحة هوامش المكلمات التى قد تقوض دون أن تملك مشروعا للبناء وبما لاتحتملها مراحل جادة فى حياة المجتمعات، خاصة لو كان لهذا البعض الأخير تجارب وأدوار استمرت سنوات في ذات الشأن الذى يتناوله بالنقد.

ربما يكون مهما التأكيد على جدوى موضوعية عناصر مانطرحه فى حديثنا العام، وعدم بخس الناس حقوقهم، ولكل ذلك بالضرورة علاقة مهمة بما طرحته جريدة الشروق وتناولته فى موضوعاتها بشأن قطاع الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلى للجامعات الذى أشارك فى عضويته منذ شهور.

هل كان يجدر مثلا ومن قبيل حسن التبصر القول أن هناك لجنة قطاع جديدة تشكلت برئيس جديد وضمت أعضاء جدد لم تتجاوز – تحديدا لا استدعاء لأمثلة – شهورا لاتتجاوزها كل أصابع اليد الواحدة، وقد بذلت فى صمت ودأب جهدا لاتقول أنه الأفضل بل تسعى جادة، تستوعب ضرورة الإنجاز وحتميته وسرعته واعية باحتياج المجتمع، بذلت جهدا يصحح أوضاعا سادت وكان مشاركا فيها بعض ممن يروق لهم تناول أوضاع اللجنة وأدوارها الآن دون تحديد موضوعى للمسئوليات والفترات والشخصيات وبما يحمل توجها فى اتجاه لجنة القطاع الحالية الجديدة جميعها.

قبل سرد أعمال لجنة القطاع الجديدة يجدر القول - اضطرارا وردا على كلام غير محدد- أنه لم يكن للجنة فى عضويتها الجديدة دور فى الموافقة على إنشاء كليات إعلام جديدة بل هى جاءت على أوضاع قائمة صنعها آخرون، لكن اللجنة رأت وقررت أن المصلحة العامة والدور الجاد يقتضى إدارة الموقف وبناء مؤشرات تطوير نوعية، حيث تبنت فى بيانها الأول بشكل حاسم ضرورة ربط كل كلية إعلام قائمة أو جديدة برعاية وتنمية مشروع إعلامى إقليمى جديد يكون جزءا من خطة تنمية الأقاليم، فهل يعقل أن محافظات وأقاليم مصر التى يضم كل منها ملايين المواطنين لهم قضاياهم ومشكلاتهم وأحلامهم أن تظل بلا تعبيرات اعلامية واضحة عنها.

قررت اللجنة أن تبدأ الجامعات التى تتضمن كليات للإعلام فى القيام بدورها فى رعاية وتنمية مشروعات إعلامية متنوعة كمبادرات لتنمية المجتمع وتدريب الطلاب فى بيئة اعلامية حقيقية تتكامل مع منظومة التنمية والتطوير، وتشكل حافزا ودعما لبناء مؤسات اعلامية محدودة التكلفة تنمو فى رعاية الجامعات وتشكل أمثلة على دور الجامعات المجتمعى، وأنه لن يتم الموافقة على انشاء كليات اعلام إلا وفق هذه الشروط بتقديم مبادرة لمشروع إعلامى اقليمى، أو المشاركة فى تطوير وتنمية وتفعيل مشروعات اعلامية اقليمية وتحسين مخرجاتها، ووفق خطة عمل واضحة ودراسة للجدوى.

ومن قبيل التوضيح فقد بدأت اللجنة بالسعى لبناء مصفوفة قواعد منظمة واضحة ومحددة – لاتترك مجالا لرأى فردى أو توجه ذاتى – تحكم عملية الموافقة على اللوائح الخاصة بكليات وبرامج الإعلام الجديدة المقدمة الى اللجنة، من خلال وضع إطار مرجعى فى مجال دراسة وتقويم لوائح أقسام وكليات الإعلام، يتضمن عناصر ومؤشرات نوعية وكمية توجه عملية الدراسة والتقويم والنظر فى اللوائح المعروضة على لجنة القطاع، بحيث تشكل فى مجملها منظومة شاملة موحدة قابلة للتطبيق، ومستهدفة تحقيق مواصفات جودة التعليم والتدريب الإعلامى وفق مؤشرات قومية ودولية متطورة، مع التأكيد على أنه رغم السعى لبناء أسس وقواعد ضابطة فى هذا الصدد، فإن هناك ضرورة موازية ومهمة لفكرة التنوع والتفكير الإبداعى فى بناء اللوائح وعناصرها ومحتواها ارتباطا بخطة الجامعات الإستراتيجية ذاتها ودورها المجتمعى، وأيضا بحيث لاتكون لوائح كليات أقسام وكليات الإعلام نسخا متكررة قد يقوم بها أشخاص هم ذاتهم عبر مختلف الأقسام والكليات، وقد تم معالجة ذلك التكرار باشتراط بيان بأسماء لجنة ومستشارى وضع اللائحة ومؤهلات أعضائها والمرجعيات التى اعتمدت عليها فى بناء اللائحة.

كما يجرى الإعداد لمؤتمر لتطوير الدراسات العليا بأقسام وكليات الإعلام للتأكد من جدوى وأهمية واضافة الدراسات العليا لعملية البحث العلمى، ويتضمن ذلك بالضرورة تقويم أوضاع الدراسات العليا فى كليات وأقسام الإعلام المختلفة واستخلاص مؤشرات تتيح اتخاذ قرارت محددة بشأنها دعما لفكرة جودة مخرجات التعليم.

ولعل نقطة البدء المهمة التى رأت اللجنة العمل منها هى بناء قاعدة معلومات لدراسات وبحوث الإعلام فى مصر كقاعدة معلومات تفاعلية ترتبط بقواعد البيانات الدولية، تضع الدراسات الإعلامية فى مصر كطرف فاعل يمثل قيمة ومكانة اقليمية متميزة لدراسات الاعلام ويجعل للباحثين الإعلاميين دورا وحضورا فى عمليات البحث والتفكير الدولى، وتمنع الإزدواجية فى تسجيل الأفكار وتحسن عمليات البحث وتضيف الى رصيد الجودة الأكاديمية ومعايير ومؤشرات التميز الدولى للجامعات المصرية.

ولعل بعض محاور أفكار ورش العمل وندوات مؤتمر التعليم العالى الذى سيعمل كآلية ضخ أفكار طوال العام يعبر عن اللجنة فى توجهها الجديد، حيث يضم محاور وورش عمل وندوات ودراسات بشأن تنمية مهارات الابتكار والتطوير فى الأفكار والرؤى البحثية، وبناء مصفوفة معايير موحدة وقياسية قومية للإلتحاق بالدراسات العليا فى قطاع الإعلام، وتأسيس برامج لفحص المحتوى العلمى، وإنشاء مدونات أخلاق للدراسات العليا فى قطاع الإعلام، والسعى لتسويق البحث العلمى فى القطاع ليكون رافدا فى التنمية والتطوير.

تمنحنا بعض الإشارات فى جريدة الشروق حقا فى الرد على بعض مايخص أدوار لجنة القطاع وكان يستدعى بداهة السؤال والاستفسار والتثبت قبل ذلك الحديث غير التاريخى لانرى ضرورة لساحة لمناقشة الشأن العام أن تحتويها، ففيما يخص دور لجنة القطاع بشأن التعليم المفتوح فى مجال الإعلام، كانت اللجنة الحالية وفور تشكلها سباقة فى الدعوة لتقنين وتطوير هذه البرامج التى كان شارك البعض فى بناء شكلها ومحتواها وعدم تطورها عبر عقد ويزيد، لم يظهر منهم ولم يبادروا بتبنى مقترحات للتطوير فى هذا الشأن ولن نسأل لماذا، ليس النقاش هنا سوى من قبيل حسن تعريف الرأى العام ببعض من نوعية تلك الألفاظ التى هى على قارعة الطريق.

وللتوضيح او لمزيد منه قدمت اللجنة مقترحا بشأن ضرورة أن تكون برامج التعليم المفتوح بمثابة برامج مهنية تأهيلية وعدم معادلتها لشهادة بكالوريوس الإعلام التى تمنحها الجامعات المصرية، وعندما بادرت جامعة القاهرة بقصر الإلتحاق ببرنامج الإعلام على الحاصلين على الثانوية العامة رأت اللجنة أنها خطوة فى الطريق الذى تعنى به وأصدرت توصية واضحة فى جلستها رفعتها الى المجلس الأعلى للجامعات – وقد أخذ بها المجلس الأعلى للجامعات فى اجتماعه الأخير – بتطبيق قواعد القبول بما يحول دون قبول غير خريجى الثانوية العامة فى كل برامج الإعلام فى التعليم المفتوح فى الجامعات المصرية، ونقوم بدراسة كيفية تطوير هذه البرامج لتمنح بعدا تأهيليا ومهنيا داعما لفكرة التعليم المستمر والمتخصص وبما يحقق الهدف المجتمعى المرجو فى هذا الصدد.

أخيرا .. فقد جرت فى النهر مياة كثيرة .. وهى دوما علامة حياة وتجدد، وهو أيضا مسار منظومات التعليم فى الكون، أن تنمو وتلبى احتياجات التعليم والتدريب المتزايدة واتساع مساحة الطلب الاجتماعى على التعليم الإعلامى، تقديرا لحق الطالب فى دراسة التخصص الذى يروقه، وهو عصب ديمقراطية التعليم التى يتبنى البعض عنصرا منها وينسى أخرى، وقد نشأت أقسام الإعلام فى الجامعات الإقليمية طوال عقود ونمت وتطورت وقدمت تعليما وتدريبا صار جزءا مهما من تجربة التعليم الإعلامى فى مصر، وقد منحت شهاداتها الجامعية طوال عقود ولم تكن يوما امكانياتها تتقارب مع كلية إعلام القاهرة، ولايعنى ذلك سوى أنها عملت وتطورت ووسعت من قدراتها فى إطار مخططات النمو وطبيعة الظروف والمقدرات الجامعية المصرية.

ولايعنى ذلك لمن يريد حسن قراءة مانقول التغاضى عن مقومات ضرورية وتأسيسية عند انشاء كليات فى الجامعات الأقليمية، فهى من حقها أن تنشئ وحداتها التعليمية المختلفة التى تستوعب احتياجات التعليم فى الأقاليم والمحافظات، لكن بشرط أن تستوفى مقومات الإنشاء والتأهيل والتدريب اللازمة والضرورية والتى يتم التأكد من قدرتها على الوفاء باحتياجات الطلاب.

هذا ما أعتبر نفسى وأثق أن زملائى جميعهم كذلك مسئولين عنه كلجنة جديدة، ويقينا أننا لن نوافق على بدء الدراسة بكليات إعلام لم تستكمل معايير الإنشاء وعناصر ومقدرات العمل، كما نعمل أيضا على دعم تطوير تلك التجارب التى قامت وتمت من قبل ودعمها ورعايتها وليس هدمها وتقويضها .. ويحضر هنا اجابة عن سؤال غائب عنكم وهو اننا نهتم أيضا ونراجع حالة الدراسة والتعليم والتدريب بكليات الإعلام الخاصة سواء فى القاهرة والأقاليم أيضا تأكيدا على أن كل الطلاب يستحقون اهتماما ومتابعة، وعلينا ألا ننسى أبدا أن كلية الإعلام جامعة القاهرة ذاتها قد خاضت تجربتها كقسم للصحافة فى كلية الآداب ثم ككلية تعمل من خلال الدور الأخير فى كلية الإقتصاد وان الأمر احتاج عقودا حتى يكون لها مبنى مستقل ومنشآت تدريب، هذه امكانيات مجتمعنا وطاقته علينا عدم تجاهلها والقفز على معطياتها بأريحية المتغربين أو من ينظرون من بعيد فيفقدون بداهة التفاصيل، قدرنا فى هذا المجتمع أن نعمل ونطور تحت ظروف صعبة شأن كل بناء أصيل ونثق فى توفيق الله طالما توافرت طاقة العمل والدأب ونزاهة القصد ووضوح الرؤى .. وأخيرا تظل هناك العديد من المشروعات والجهود فى مجال بيان تحديات وفرص منظومة التعليم والتدريب الإعلامى فى مصر، ربما لاتتسع لها مساحة الرد لكن تتسع لها يقينا رحابة الجهد وعزم التطوير ومظلة الصالح العام.

هشام عطية عبد المقصود أستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة وعضو لجنة قطاع الإعلام بالمجلس الأعلى للجامعات
التعليقات