حكومة الدكتور مرسى: معايير التقويم - مصطفى كامل السيد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكومة الدكتور مرسى: معايير التقويم

نشر فى : الإثنين 6 أغسطس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 6 أغسطس 2012 - 8:00 ص

هل تعكس الحكومة الأولى للدكتور محمد مرسى جديدا فى تقاليد تشكيل الحكومات فى مصر بالمقارنة بما كان عليه الحال فى ظل حكم حسنى مبارك، أم أنها استمرار لتقاليد موروثة من العهد السابق، دعك عزيزى القارئ من أن تشكيل الحكومة يتنافى مع الوعود السابقة للرئيس مرسى بأن يختار فريقا رئاسيا فيه ثلاثة نواب للرئيس منهم مسيحى وامرأة وقيادة شابة، وأن رئيس حكومته سيكون شخصية وطنية مستقلة، وأنها ستكون حكومة ائتلافية واسعة التمثيل.دعنا من هذا كله، حتى وإن كان ذلك يشكك فى مصداقية عهود رئيس الجمهورية، ولنكتف بمقارنة أسلوب التشكيل بما كان عليه الحال فى الماضى، ولنتساءل هل يتناسب تشكيل الحكومة مع الظرف التاريخى الذى تمر به مصر، وهل يملك الوزراء مقومات النجاح فى هذا الظرف الدقيق، وهل يسهم هذا التشكيل فى تعزيز الوفاق الوطنى الذى تحتاجه مصر ويحتاجه الرئيس؟

 

● ● ●

 

الظرف التاريخى

 

هل تذكر ياقارئى العزيز أن مصر عرفت فى يناير 2011 ما لم نزل نسميه ثورة. وهل سمعت عن دولة فى العالم تشكل حكومتها الثورية من شخصيات قضت جل عمرها فى خدمة النظام الذى أطاحت به الثورة؟ بل إن بعض أهم المسئولين فى الحكومة الجديدة هم من ناصبوا الثورة العداء وسخروا منها وقضوا سنوات عمر طويلة يخدمون الأجهزة القمعية التى تبذل كل ما فى وسعها لمنع قيامها. وأعنى فى هذا المقام وزير الداخلية الذى كان أحد كبار مسئولى الأمن العام وقت قيام الثورة، وكانت شهادته مع آخرين من الدلائل التى استندت إليها محكمة المستشار أحمد رفعت فى تبرئة كل من الرئيس السابق ووزير داخليته عن المسئولية المباشرة عن قتل المواطنين فى أيام الثورة الأولى. وهل سيكون متحمسا لإعادة هيكلة وزارته. نعم كما ستبين الفقرة التالية معظم هؤلاء الوزراء يملكون المعرفة والخبرة فى مجال عمل وزاراتهم، ولكن ليس من المؤكد أن هذه الخبرة والمعرفة فى ظل النظام القديم هى ما سيكون فعالا فى التصدى للتحديات الهائلة التى يواجهها الوطن. هناك حاجة مؤكدة بعد الثورة لفكر جديد وأساليب عمل جديدة. ولم يدع أحد أن تجربة العمل فى أجهزة البيروقراطية المصرية ومؤسسات القطاع العام بمشكلاته هى أفضل مدرسة لتعلم هذا الفكر الجديد.

 

● ● ●

 

مقومات نجاح الوزراء

 

إذا كانت الأغلبية الساحقة من الوزراء، إن لم يكونوا جميعا، من العاملين فى مجالات ترتبط بعمل وزاراتهم، سواء كانوا وزراء سابقين أو من كبار الموظفين فى هيئات تابعة للوزارات التى تولوها أو أساتذة جامعيين متخصصين فى مجالات عمل وزاراتهم. فهل يكفى ذلك لتوقع أن ينجحوا فى القيام بالمهام الجديدة الملقاة على عاتقهم؟. لا شك أن ذلك شرط ضرورى بكل تأكيد ولكنه ليس شرطا كافيا. هل هناك دلائل على أنهم كانوا ناجحين فى أداء مهامهم السابقة، وهل نعرف شيئا عن رؤية خاصة لهم لكيفية مواجهة مشكلات نقص الطاقة أو المياه أو تردى التعليم بمستوييه قبل الجامعى والجامعى أو غياب الأمن. إحدى سمات أسلوب صنع القرار لدى الرئيس محمد مرسى ليس فقط البطء الشديد، ولكن أيضا تجاهل تبصير الرأى العام بأسباب القرار، وهو فى هذا الصدد لم يخرج قيد أنملة عما عرف به الرئيس السابق.

 

● ● ●

 

تعزيز الوفاق الوطنى

 

وفضلا على كل ذلك يحمل التشكيل الحكومى الجديد بذور إثارة سخط قطاعات مهمة من الرأى العام عليه. ورضا الرأى العام ضرورى لعمل الحكومة، لأنه بهذا الرضاء يمكن أن تعول الحكومة على مساندة المواطنين لها وحماسهم لتنفيذ برامجها، ولكن هناك سقطات خطيرة فى هذا التشكيل. لا يضم التشكيل الحكومى سوى شخصية مسيحية واحدة هى وزيرة الدولة للبحث العلمى، وعلى الرغم من أهمية البحث العلمى إلا أن مكانته فى الحكومة هو وزارة دولة، وهى أقل مكانة من الوزارات العادية لأنها لا تملك جهازا كبيرا من الموظفين شأنها فى ذلك شأن هذه الوزارات الأخرى. وقد جرت تقاليد السادات ومبارك على تعيين شخصيتين مسيحيتين على الأقل أو ثلاث فى أى تشكيل حكومى. وكانوا يعينون فى مواقع هامة شملت وزارة المالية فى الحكومة الأخيرة لمبارك قبل الثورة. وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يكون أول ما يهتم به المسيحيون فى مصر والرأى العام الدولى هو تمثيل المسيحيين فى أول حكومة تتشكل فى ظل أول رئيس دولة ينتمى إلى حزب إسلامى، إلا أن هذه المسألة الواضحة جدا قد غابت عن ذهن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمستشارين العباقرة الذين يحيطون برئيس الجمهورية رسميا أو بصفة غير رسمية. وجاءت أحداث دهشور وتعامل رئيس الجمهورية معها بنفس طريقة حسنى مبارك، فهو متابع ومهتم ويطلب تطبيق القانون، نفس الخطاب المعاد والذى يؤكد أنه لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء يتصوران أن يكون عدد المسيحيين فى حكومته رسالة دالة على مدى اهتمامه بالملف الطائفى الذى تفجر فى مصر. قل نفس الأمر بالنسبة لتمثيل النساء الذى لا يتجاوز اثنتين، وتذكر عزيزى القارئ أننا نتحدث عن حكومة ثورة يفترض أن تضع تقاليد جديدة فى المجتمع. ثم هناك أخيرا هؤلاء الوزراء الذين لا يحظون بتوافق واسع فى الأوساط التى سيتعاملون معها، مثل وزير الإعلام والعدل ولكل منهما مواقفه الخلافية مع من سيتعامل معهم من رجال الإعلام أو رجال القضاء.

 

● ● ●

 

هناك جوانب أخرى فى هذا التشكيل تستحق التعليق عليها منها مكانة القوات المسلحة فيه وغيرها، ولكن ضيق المساحة لا يمكننى من ذلك. ولكن بدأت هذا المقال بادعاء أن التشكيل الحكومى الجديد هو إعادة إنتاج لأساليب النظام القديم، ومع ذلك لا بد من الإقرار أنه فى بعض النواحى فإن النظام القديم، وكنت من بين الثائرين عليه، كان فى بعض الحالات أكثر حصافة من هذا النظام الجديد.

مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
التعليقات