الكل مشغول هذه الأيام بالمؤامرة. كل شخص أو طرف يخشى مؤامرة ما. المجلس العسكرى والحكومة والأجهزة الأمنية تحذر من مؤامرة لإسقاط وهدم الدولة تبدأ فى 25 يناير الجارى. وشباب الثورة يؤكد وجود مؤامرة تقودها أجهزة الحكومة لإجهاض الثورة. وبعض القوى السياسية خاصة «الفلولية» تحذرنا من ثورة تقودها أمريكا وإسرائيل وأطراف إقليمية لإشاعة الفوضى فى مصر. وقوى أخرى فى الطرف المقابل متيقنة من وجود مؤامرة يقودها بقايا نظام حسنى مبارك لضرب «كرسى فى الكلوب» ضد الثوار والمجلس العسكرى معا.
وبما أن الجميع منهمك فى فوبيا المؤامرات فسوف أحاول أن اخترع مؤامرة جديدة يبدو لى أنها تستهدف الإعلاميين وبعض الشخصيات العامة.
هل لاحظ أحدكم أنه خلال أسبوع واحد تقريبا شهدنا مجموعة من الوقائع التى تخص إعلاميين تبدو فى ظاهرها متنافرة لكنها مرتبطة ارتباطا وثيقا؟
الواقعة الأبرز هى ما قيل إنه إحدى وثائق ويكيليكس التى تتحدث عن علاقات «صداقة ودعم وتمويل» بين السفارة الأمريكية وبعض النشطاء والإعلاميين المصريين.
شخصيا ــ وبما أننى أصنف نفسى قوميا ــ فيفترض ان يكون رأيى معروفا ضد السياسة الاستعمارية لأمريكا ورعايتها الدائمة لإسرائيل وأعشق وصف الراحل العظيم محمود درويش لها: «أمريكا هى الطاعون.. والطاعون أمريكا»، لكن هل كل من يدخل سفارتها لحضور ندوة أو مؤتمر أو حفلة ويتناول العشاء يصير جاسوسا لها أو ممولا منها؟!
أحمد الله أننى تلقيت دعوة مشابهة فى 4 يوليو الماضى ولم أذهب لارتباط مسبق وإلا صرت عميلا أو جاسوسا. المطلوب أن يتم التحقيق الفورى والعاجل والنزيه فيما ورد فى هذه الوثيقة كى ندين المتورطين ونبرئ ساحة الشرفاء.
قبل هذه الواقعة رأينا حربا قذرة تحاول تلويث سمعة بعض الصحفيين والإعلاميين، وواضح جدا المصدر الرئيسى لهذه الحملة، إذا دققنا النظر فى المصادر الفرعية.
لكن الأخطر أن هناك وسائل إعلامية صارت تلعب دور رأس الحربة فى مخطط أوسع لإهالة التراب على كل ما هو محترم فى هذا البلد سواء كان شخصا أو هيئة أو جماعة.
هذا الأمر خطير لأن الوسائل الإعلامية التى مارسته تتخفى خلف «سواتر من المهنية والاستقلالية الشكلية»، لكنها غارقة فى المستنقع حتى أذنيها.
خطورة هذه الوسائل أيضا أن ما تبثه وتدسه من «سم فى العسل» لا يكون فى أعمدة أو زوايا الرأى والمقالات بل فى تقارير إخبارية وأحيانا عناوين رئيسية ومانشيتات.. هذا التدليس يدفع البسطاء وأحيانا المتعلمين إلى تصديقه باعتباره معلومات مؤكدة.
لا أحكم على أحد ولا أستطيع أن أدين أحدا إلا بمعلومة مؤكدة، وأتمنى أن يذهب كل شخص يتعرض للتشويه إلى القضاء لتبرئة نفسه وإدانة قادة حملات التشويه.
لكن علينا أن نتنبه إلى وجود ما يشبه مخططا محكما يستهدف تشويه الجميع وإقناع المواطنين أنه لا يوجد كبير أو محترم أو شريف فى المجال الإعلامى. أعلم أن هناك فاسدين كثيرين «وشياطين يتخفون فى أزياء ملائكة» لكن عندما نجد هجمة شرسة ومنظمة ضد غالبية الصحفيين والإعلاميين فى وقت واحد ويكون غالبية هؤلاء الإعلاميين ــ بالمصادفة ــ من الذين كان لهم دور بارز فى الثورة فعلينا أن نقلق.
السؤال البرىء: هل ما تعرض له بعض الإعلاميين والنشطاء فى الأيام الماضية مرتبط بالحملة المنظمة لإقناع الجميع بطرق مختلفة أن يوم 25 يناير المقبل هو يوم احتفالى فقط وعلى المحتفلين العودة بعده إلى بيوتهم؟!