مراكز أبحاثنا التى لا تعمل - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 12:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مراكز أبحاثنا التى لا تعمل

نشر فى : الخميس 8 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 8 مارس 2012 - 8:00 ص

«كلنا فوجئنا بنتائج الانتخابات البرلمانية» عبارة سمعناها من الجميع تقريبا. مثل هذه العبارة يندر أن تسمعها فى أى بلد يمارس الديمقراطية ولديه مؤسسات جادة تقيس وتستطلع اراء الناس بشأن المستقبل.

 

 قبل أى انتخابات فى أى دولة غربية تكاد تعرف تقريبا عدد المقاعد التى سيحصل عليها كل حزب، ولا تزيد نسبة الخطأ فى التوقع على 5٪.

 

فى مصر فقط كنا نسمع تحليلات من الجميع مفادها أن التيار الدينى لن يحصل مجتمعا على أكثر من 25٪ أو 35٪ كحد أقصى، ثم فوجئنا أنه حصل على 75٪ فى مجلس الشعب وأكثر من 85٪ فى مجلس الشورى.

 

ماذا يعنى ذلك؟!. يعنى أنه لا يوجد لدينا مؤسسات ومعاهد تقيس الرأى العام بصورة دقيقة. نظريا لدينا مؤسسات كثيرة تقول انها تفعل ذلك أو أن وظيفتها هى فعل ذلك، والحقيقة المجردة هى أنها لا تفعل، لأن كلها أو غالبيتها كانت قبل الثورة «تمثل» انها تؤدى وظيفتها. هذه المؤسسات كانت منشغلة بإجراء بحوث واستطلاعات وهمية ومضروبة هدفها تكريس صورة خاطئة بان الغالبية مع الحكم، بل قرأنا باحثين كنا نظنهم موضوعيين «تنظيرا» للجريمة التى أشرف عليها أحمد عز والمسماة بانتخابات أكتوبر 2010.

 

لم تنشغل هذه المؤسسات بأى قضية جادة، وإذا فعلت فانها ارتكبت جرائم تزوير وتزييف إرادة الناس وأخبرتنا بنتائج ثبت لاحقا أن الواقع يكذبها.

 

ثم هناك سؤال أظنه خطيرا وهو: هل تورطت بعض هذه المؤسسات فى إجراء أبحاث حقيقية لمؤسسات أمريكية وأوروبية ولم تخبرنا بنتائجها؟!.وهل تورط بعض كبار باحثيها فى العمل لدى المراكز الأجنبية وقدم «عصارة خبرته» وبخل علينا بما أنجزه؟!.

 

وإذا كان ذلك قد حدث، فأين كانت الأجهزة التى قالت انها تعرف «دبة النملة»؟!.

 

بعض التقارير تقول ان امريكا كانت على علم بحقيقة توجهات شعبنا بشأن قضايا كثيرة منها النتائج المتوقعة للانتخابات، والسبب ببساطة ان لديها مراكز أبحاثها متغلغلة عندنا وتعمل بجدية. والسؤال من هم الذين عملوا مع هذه المراكز ولماذا لم ينشروا نتائج أبحاثهم فى مصر؟!.

 

 يكفى بكاء على اللبن المسكوب.. وما أكثره؟! والسؤال ماذا علينا الان ان نفعل؟!.

 

يفترض أن الحكم القمعى قد سقط أو هو فى طريقه لذلك، ويفترض أنه لا رقيب على هذه المؤسسات سوى ضميرها الذى يحتم عليها أداء واجبها الوطنى.

 

الآن لم يعد هناك حجة أمام هذه المؤسسات كى تعمل بجدية وتعيد تنظيم نفسها وتدريب كوادرها على العمل المهنى الجاد، الذى يتيح للمواطن وصانع القرار معرفة التوجهات الحقيقية للرأى العام.

 

كلنا أمل أن يتمكن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية فى الأهرام ومديره الكفء ضياء رشوان من إعادة الاعتبار للدراسات والبحوث والاستطلاعات الجادة.

 

يوم الأربعاء 29 فبراير الماضى حضرت جانبا من مناقشات المركز حول «المسح الذى أجراه بشأن توجهات قادة الرأى العام إزاء الفساد وبعض قضايا المستقبل».

 

الاستطلاع كان جادا وكنت أحد المبحوثين لكن نريد أيضا أن نعرف آراء الناس العاديين فى المستقبل، وكيف يفكرون.

 

نريد استطلاعا علميا جادا حول اتجاهات الرأى بشأن الرئيس المقبل وعن المحليات.

 

أعرف أن مركز الأهرام أجرى استطلاعات فى مرحلة ما بعد الثورة، لكن نريد المزيد عن كل القضايا الشائكة التى تشغلنا حتى يكون نقاشنا مفيدا وعلميا.

 

الأهم من كل ذلك نتمنى أن يكون لدينا أكثر من مركز ومعهد جاد تعمل فى هذا المجال. عندما يكون لدينا بحوث ودراسات واستطلاعات لن يكون لدينا مفاجآت فى العمل السياسى أو حتى فى كل المجتمع.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي