الإعلام الإيجابى.. لكى لا ننسى - سمير عمر - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 9:31 م القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإعلام الإيجابى.. لكى لا ننسى

نشر فى : الخميس 7 أبريل 2016 - 9:10 ص | آخر تحديث : الخميس 7 أبريل 2016 - 9:10 ص

من أشهر الأقوال التى ذكرت فى أصل كلمة الإنسان، هى أنها مأخوذة من النسيان، والنسيان لا يكون إلا بعد العلم فسمى الإنسان إنسانا لأنه ينسى ما علمه، وهو هنا نقيض البهيمة إذ سميت البهيمة بيهمة، لأنها أبهمت عن العلم والفهم فهى لا تفهم ولا تعلم على خلاف الإنسان.

ولأننا فى مصر كما قال أديبنا الأشهر نجيب محفوظ «آفة حارتنا النسيان» فقد ابتكر التدوين ليحفظ للإنسان ما قد ينساه فيعود إليه فيذكره، ويقول الحكيم المصرى القديم بتاح حتب: «إن صوت الناس يفنى ولكن صوت الكاتب يعيش أبد الدهر» وهذا لأن صوت الكاتب يدون ويحفظ ليكون شاهدا على الأحداث والوقائع.

أقول هذا لأن حالة السيولة المعلوماتية التى وفرتها ثورة الاتصالات واتساع رقعة وتأثير وسائل التواصل والتدوين، منحت البشرية فرصة ذهبية لحفظ الآراء والمواقف وتسجيل الوقائع والأحداث، لكنها أيضا منحت الراغبين فى التزييف وإظهار بعض المواقف والوقائع على غير حقيقتها فرصة مهمة عبر إغراق وسائل التدوين بملعومات غير صحيحة، لتضيع الحقيقة ويبقى الزيف فيسرح الإنسان المجبول على العلم والمعرفة والنسيان ويمرح البهائم المجبولون على عكس ذلك.

هل طالت المقدمة بعض الشىء؟ ربما لكنها مقدمة ضرورية جدا لما سأسرده عليكم حضرات القراء الأفاضل.

الموضوع وما فيه إن مجموعة من العاملين فى مجال الصحافة والإعلام ساءهم حال الصحافة والإعلام فى مصر، فقرروا أن يفكروا فى طريقة قد تصلح المعوج أو على الأقل تسعى لأن تحفر مجرى مهنيا وأخلاقيا جديدا للصحافة والإعلام، وأدركوا أن المهمة جدا صعبة، وإن العبء ثقيل فتواصلوا مع جهود متميزة فى هذا المجال، وقرروا أن يكونوا جملة مفيدة فى الجهود الرامية لإصلاح الحال وأسسوا حركة سموها حركة الإعلام الإيجابى معا من أجل إعلام أفضل «ولكى لا تسرح العقول فى تفسير المعنى قدموا تفسيرا مانعا لشعار حركتهم فقالوا: إن ما نقصده بالإعلام الإيجابى هو:

أولا: الإعلام الذى يلبى احتياجات المجتمع المختلفة بضمان تغطيات مهنية تبرز القيم الإيجابية ونقاط الضوء القادرة على إعطاء صورة متكاملة عما يدور داخل البلد بلا تحيز.

ثانيا: إعلام ضد الإرهاب والتمييز والعنصرية والطائفية

ثالثا: إعلام ضد التخوين والتشويه وانتهاك الخصوصية والابتزاز

رابعا: إعلام ضد الابتذال والإسفاف

خامسا: إعلام ضد سيطرة رؤوس الأموال وتحكم الإعلانات فى الخدمة الإعلامية

سادسا: إعلام يدافع عن القيم العليا وينحاز للناس والمجتمع والحق فى المعرفة

سابعا: إعلام يرى الأمور بعينين مفتوحتين دون تهوين أو تهويل ويبث طاقات إيجابية فى نفوس الجمهور المتلقى تمنحه قدرة على التفاؤل والعمل بإيجابية تجعله يرى حلا لكل مشكلة لا مشكلة فى أى حل.

وأضافوا ومعا نقصد بها
أولا: نحن القائمون على هذه المبادرة من العاملين فى مجال الصحافة والإعلام بأجنحته المختلفة من صحف وإذاعات وتليفزيونات ومواقع إلكترونية.

ثانيا: الزميلات والزملاء العاملون فى المجال الإعلامى الذين ندعوهم للالتزام بما سنلزم به أنفسنا من قيم وسلوكيات تتفق وقواعد المهنية.

ثالثا: الدولة ومؤسساتها التى نتابع أخبارها وننحاز لها إن أصابت ونلقى الضوء على سلبياتها إن أخطأت من منطلق وطنى وقومى.

رابعا: المجتمع الذى يستقبل الخدمة الصحفية والإعلامية فيتأثر بها ويتفاعل معها أو ضدها.

ليس فى الأمر أى التباس، ولكن هذا الجهد لم يلق قبولا من أطراف كنا نعلمها ونتوقع منها الهجوم على الحركة ومنهم المستفيدون من هذه الأجواء الذين انتفخت كروشهم بأموال الإعلام وهى بالمليارات، وهؤلاء يعرفون تماما أن تسييد القيم المهنية الصحيحة فى الفضاء الصحفى والإعلامى يعنى انهيار إمبراطورياتهم وربما ضياع ثرواتهم، ومنهم كذلك «المؤيدون على بياض والمعارضون على سواد» وهؤلاء وإن اختلفت منطلقاتهم إلا أن استمرار حالة السفه الإعلامى السائدة تمنح كل منهم أسباب وجوده «فالمؤيدون على بياض» سيرون فى الأمر انحرافا عن مبدأ التجييش والتعبئة التى لن تفيد إلا أعداء المهنة وأعداء الوطن، وأما «المعارضون على سواد» فيريدون استمرار تلك الحالة حتى تشكل رافدا متجددا للهجوم على الدولة والبلد التى تسمح بوجود واستمرار هذه الحالة واتساع نفوذ القائمين عليها.

أقول كنا نتوقع ذلك تماما كما كنا نتوقع، أن هناك من سيلتف حولنا ويشملنا بدعمه ورعايته ويمد لنا يد المساعدة ولأننا نعلم أن الطريق طويل وأن المهمة ليست سهلة نقول للجميع نحن نمد أيادينا لكل مخلص يريد إصلاح حال مهنة الصحافة والإعلام ونبنى مع كل جهد يريد حفر هذا المجرى الوطنى والمهنى الجديد، وسنقف بالمرصاد لكل من يريد استمرار هذا الوضع المتردى صحفيا وإعلاميا ووطنيا وأخلاقيا.

التعليقات