التوظيف الأمريكى البريطانى للطائرة المنكوية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التوظيف الأمريكى البريطانى للطائرة المنكوية

نشر فى : السبت 7 نوفمبر 2015 - 9:15 ص | آخر تحديث : السبت 7 نوفمبر 2015 - 9:15 ص

هناك احتمال ولو كان بنسبة واحد فى المائة أن يكون سبب تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء، يوم السبت الماضى، هو نتيجة عطل فنى. تخيلوا لو أن جهات التحقيق أعلنت بعد شهر أو شهرين، أن سبب الكارثة هو عطل فنى وليس عملية إرهابية.. ما الذى سيحدث وقتها؟.

للأسف الشديد سيكون تأثيره ضئيلا للغاية، لأن هناك إلحاحا أمريكيا بريطانيا على محاولة ترويج وترسيخ أن السبب هو عملية إرهابية نفذتها داعش.

عمليا فإن التسريبات الإعلامية الغربية ثم التصريحات البريطانية والأمريكية الرسمية طوال يومى الأربعاء والخميس الماضيين، أدت إلى إلحاق خسائر باهظة بالاقتصاد المصرى عموما والسياحة خصوصا، ثم بدأنا ندرك أن البلدين يلاعبان روسيا، ولكن عبر الملعب المصرى.

قبل أن يتبين السبب الفعلى لتحطم الطائرة وجدنا بريطانيا تعلِق رحلاتها إلى شرم الشيخ، بل وتعلن أنها ستستخدم كل إمكاناتها المدنية والعسكرية لإجلاء رعاياها من سيناء بأسرع وقت .

عندما يقرأ أى مواطن بسيط هذه الكلمات سيتبادر إلى ذهنه فورا أن سيناء سقطت فى قبضة داعش، وانفصلت عن مصر، وان السائحين يواجهون خطر الخطف أو القتل، رغم أن السائحين الروس يواصلون التدفق، وهم الذين كان يفترض أن يصابوا بالرعب. وجدنا أيضا تسريبات، وتقديرات استخبارية أمريكية متتالية، وأخيرا تصريحات إذاعية لباراك أوباما، تلح على أن عملا إرهابيا تسبب فى المأساة.

لكن هل بريطانيا وأمريكا تفتريان على مصر؟ وهل نحن جازمون بأن تحطم الطائرة كان لعطل فنى؟.

لا أحد يعلم يقينا حتى الآن ما الذى حدث بالضبط. وفعلا كل الاحتمالات واردة.. لكن هناك مجموعة من الملاحظات الجوهرية، أهمها أن روسيا الطرف الأصيل فى المأساة، التى تتطلع أولا بأول على البيانات والمعلومات الحقيقية، تؤكد ليل نهار على ضرورة التروى والهدوء حتى يتم إعلان رسمى بحقيقة ما حدث. وكان لافتا للنظر التهكم الروسى الرسمى على الادعاءات الغربية عبر سؤال استنكارى مفاده: كيف يفتى مسئولون سياسيون فى أمر هو بطبيعته من اختصاص خبراء فنيين؟!!.

شخصيا مثل أى مصرى سوىٍّ عاقل يحب بلده أتمنى ألا يكون السبب هو عملية إرهابية؛ لأنه لو ثبت ذلك ــ لا قدر الله ــ فسوف يدفع اقتصادنا بل وسمعتنا الدولية ثمنا باهظا لهذا الأمر.

لكن وإلى أن نعرف الحقيقة فما هى المصلحة لبعض البلدان الأوروبية فى المسارعة إلى ترسيخ نظرية العملية الإرهابية؟.

إذا كانت معلوماتهم صحيحة، فلماذا لم تسارع روسيا إلى إعلانها، وإذا كانت مجرد شكوك، فما الداعى إلى هذه العجلة فى سحب كل السائحين من شرم الشيخ وتعليق رحلات الطيران إلى شرم الشيخ؟.

وإذا كان هناك إعلان داخلى سرى فى السفارة الأمريكية ينبه على موظفى السفارة عدم التوجه إلى سيناء إلا لأمر جدى، فلمصلحة من يتم تسريب هذا التعميم الداخلى؟!!.

وسؤال آخر: هل من اللياقة بين الدول أن تفعل بريطانيا كل ذلك أثناء زيارة الرئيس السيسى إلى لندن بمثل هذه الجلافة؟.

هل كان هناك خطر داهم يعرض حياة مواطنيها للخطر فعلا فى سيناء؟ ألم يكن هناك حلول وسط تضمن سلامة السائحين تماما، وفى نفس الوقت لا توجه ضربة قاتلة إلى السياحة المصرية التى تعانى مصاعب جمة، بل وللاستقرار الأمنى نفسه، وتعطى الإرهابيين فى مصر جرعة أوكسجين، بعد أن تعرضوا لضربات مؤلمة فى الفترة الأخيرة؟!!.

كان يمكن أن تحصل البلدان الأوروبية على ضمانات حقيقية من الحكومة المصرية مثل تشديد الإجراءات الأمنية، وبريطانيا حصلت عليها فعلا قبل شهور، أو حتى عدم الطنطنة بالموضوع؛ لأنه أدى عمليا إلى إحداث حالة من الهلع بين الجميع، وأدى إلى خسارة فادحة للسياحة المصرية.

الموضوع صعب ومعقد ومرتبك، وقد تكون الطائرة سقطت بقنبلة، لكن استغلال البعض للحادث كان شديد اللؤم، وربما التآمر!!.

ويبدو ان البعض بدأ يجبرنا على دفع ثمن لتقاربنا مع روسيا. أظن أن المفاجآت لن تتوقف فى هذا الملف، ومنها الدور الإسرائيلى.

العملية ــ للأسف ــ ضربت مئات العصافير بحدث واحد.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي