يناير قد يأتى فى يونيو - وائل قنديل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 5:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يناير قد يأتى فى يونيو

نشر فى : الإثنين 9 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 أبريل 2012 - 8:00 ص

يبدو أحيانا أن المجلس العسكرى لا يطيق الحياة بدون مليونيات، لذا فهو يتفنن فى صناعة أسباب الغضب وتنمية الاحتقان فى الصدور، كى لا يتوقف نزول الجماهير إلى الميادين.

 

وخذ عندك قانون العزل السياسى كمثال، فمنذ اللحظة الأولى لخلع الرئيس النائم كان المطلب الرئيسى للجميع هو إحياء قانون الغدر لقطع الطريق على الفلول وإلزام كائنات الثورة المضادة جحورها، لكن «العسكرى» تفوق على المخلوع فى العناد، وصم أذنيه عن مطلب المتظاهرين، فتكررت المليونيات وارتفعت الهتافات على مدار شهور طويلة، دون أن يتخذ قرارا شجاعا ومنطقيا بإصدار تشريع يؤمن الثورة من خصومها.

 

وتطلب الأمر عاما كاملا من المسيرات والمظاهرات والدماء والجرائم حتى أذعن «العسكرىيس» وأصدر قانون العزل السياسى بعد نضال طويل من القوى الثورية، ولكن بعد أن كان قد منح الفرصة كاملة لبقايا نظام مبارك لتغيير جلودهم، وإعادة إنتاج أنفسهم فى عبوة جديدة، لها الطعم والتأثير القديم.

 

وهكذا دخل الفلول والذيول سباق الانتخابات البرلمانية من الباب الواسع، ولولا بقية من ضمير سليم وفطرة سوية لدى المصريين لما تلقى ممثلو امتداد نظام مبارك درسا بليغا، حين قرر الشعب المصرى أن يطبق قانونه الطبيعى الخاص لعزل من كانوا سببا رئيسيا فى اندلاع ثورة أطاحت بكبيرهم الذى علمهم الفساد والاستبداد.

 

وإذا كان النضال قد امتد شهورا لمنع بقايا النظام من التسلل إلى البرلمان، حتى صدر القانون، فإنه يبدو مثيرا للعجب ألا يطال العزل أولئك الذين كانوا أدوات مبارك فى القمع والفشل والفساد وقرروا الترشح للمنافسة على مقعد الرئيس، فى ظل حفاوة وتيسيرات سخية من قبل المجلس العسكرى.

 

ومن هنا تأتى أهمية المشروع الخاص بتعديل قانون الانتخابات الرئاسية الذى تقدم به أمس النائب عصام سلطان رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوسط لمنع ترشح رموز النظام السابق للرئاسة، حفاظا على ثورة 25 يناير ووفاء لأرواح شهدائها.

 

والمؤكد أن هذه الخطوة الجديرة بالاحترام قد تأخرت كثيرا جدا، كونها تأتى بعد أن استقر الفلول داخل خطوط ملعب الانتخابات الرئاسية بالفعل، لكنها تصلح كمشروع تتوحد عليه القوى الثورية ــ الحقيقية ــ وتمارس على أساسها نضالا فى الشوارع والميادين والجامعات ضد حماة نظام مبارك المقاتلين من أجل إعادة إنتاجه بكل السبل، وأحسبها مبادرة شجاعة لرأب ما تصدع فى الجبهة الثورية التى اعتراها التفتت والتفكك، حين نجح «العسكرى» فى زرع بذور الانقسام ونشر فيروس الانتهازية بين صفوف الأطراف الفاعلة فى مسيرة الثورة، فكانت فتنة أضعفت الجميع، ومنحت الفرصة لقوى الثورة المضادة كى تحتشد وتنظم صفوفها ويصبح لها أكثر من خمسة متسابقين فى مضمار الانتخابات الرئاسية.

 

ومع الأخذ فى الاعتبار أن كل الأوضاع السياسية الحالية قائمة على تربة رخوة، وتسبح فوق بحيرة من العك والترقيع والانحراف عن جادة الطريق، فإن هذا المشروع المقدم للبرلمان يصلح للبناء عليه وصولا إلى حركة ثورية منتظمة وعفية تمهيدا لسيول غضب كاسحة تتجمع سحبها فى سماء مصر الآن، بما يبشر بمعجزة فلكية أخرى تجعل يناير يأتى فى يونيو.

وائل قنديل كاتب صحفي