الفتوة فى السينما المصرية - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 7:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفتوة فى السينما المصرية

نشر فى : السبت 8 سبتمبر 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : السبت 8 سبتمبر 2012 - 8:45 ص

عنوان العمود هو عنوان الكتاب المشرق، الممتع، الذى كتبته الصحافية الجادة، ناهد صلاح، بأسلوب حريرى ناعم ورقيق، ورؤية واضحة، عميقة وشاملة، تجمع بين دقة البحث، ورهافة الحس النقدى، فضلا على الوعى بالواقع المصرى، وبالتالى جاء عملها إضافة لها شأنها، فى الربط بين الحاضر والتاريخ، وبين الأفلام ومصادرها الأدبية، فهى، فيما يعادل ثلث الكتاب، أى ما يزيد على الخمسين صفحة، تبحث، خلال عشرات الكتب، عن ظاهرة الفتوة، وعلاقتها بالبلطجية الذين انتشروا فى أيامنا.

 

وتصل إلى نتائج على قدر كبير من الأهمية، منها أن كلا من الفتوات والبلطجية، ينتشر وجودهما حين تصاب الدولة بالضعف، كما حدث فى النصف الثانى من عصر المماليك، خاصة فى الثمانين عاما الأخيرة من حكم السلاطين، حيث انهيار السلطة وما يتبعها من تكوين عصابات «المنصر» الكبيرة، التى وصل عدد أفراد العصابة الواحدة، حسب بن آيس، إلى ثلثمائة ورأبعمائة لص، بلطجى.. من هنا، كان من المنطقى أن يظهر الفتوة، كضرورة، للدفاع عن هذه الحارة أو تلك، فالفتوة، فى بعد من أبعاده، نوع من أنواع السلطة الشعبية، تأتى بشكل طبيعى نتيجة احتياجات الناس.. لكن ــ كما تنبه الكاتبة ــ من الممكن لهذه السلطة، مثل كل سلطة، أن تهيمن وتتسلط فتفسد وتصبح مستغلة ووحشية وتقف ضد الناس، وتتحول إلى البلطجة.

 

ناهد صلاح، فى بقية الكتاب، تتابع مسيرة الفتوات على الشاشة، ابتداء من «فتوات الحسينية» لنيازى مصطفى 1954، الذى فتح باب نجيب محفوظ للفتوات، فأصبحوا، من الضيوف الدائمين فى رواياته وقصصه القصيرة، وانتقلوا منها إلى عالم الأطياف.. وتشير الكاتبة إلى أفلام تتعرض للفتوات، بعيدا عن أعمال نجيب محفوظ، مثل «سعد اليتيم» لأشرف فهمى 1985، الذى شارك فى كتابته يسرى الجندى وعبدالحى أديب، وتتبين أن الفتوين هنا، يختزل، على نحو ما، الصراع بين الفتوين العالميين: العم سام والدب الروسى.. وكان يليق بالكاتبة أن تلقى نظرة على «الهلفوت» لسمير سيف 1985، ذلك أنه يتضمن فكرة جديرة بالرصد. الفتوة عسران، بأداء صلاح قابيل، فى أحد المشاهد المهمة، يطلب من عرفة ــ عادل إمام ــ مساعدته على خلع جلبابه.

 

يكتشف عرفة أن ضلوع عسران مكسورة، وأنه يعانى وهنا شديدا، فيقول بطريقته التى تجمع بين البلاهة والصدق ولا تخلو من حكمة «عالم أونطة فى أونطة».. أى أن خوف الناس يضيف أوهاما إلى قوة وقدرة فتوة لا حول له أو طول، وسنشهد، فيما بعد، هزيمته السهلة، على يد الضعيف عرفة.

 

فى متابعتها لحكايات «الحرافيش» التى تحولت إلى أفلام، تفرد صفحات مهمة، عن «المطارد» لسمير سيف 1985، و«شهد الملكة» لحسام الدين مصطفى 1985، و«الجوع» ــ وهو الفيلم الأهم ــ لعلى بدرخان 1986، وترصد بعين نقدية سليمة، أناقة نجمات فضلن الحفاظ على رونقهن الذى لا يتواءم مع بنات الحوارى، بشقائهن، وتستثنى فى هذا سعاد حسنى، فى «الجوع».. ولكن، لا تجد امتدادا لمثل هذه الملاحظة الصائبة، فالكاتبة، لا تقارن بين أداء فتوات نجيب محفوظ، أو تكشف لنا الفروق بين أساليب المخرجين، ولا تتوقف، متأملة المشاهد المحورية، فى هذا الفيلم أو ذاك.. لكن، كل هذا، لا يعنى التقليل من أهمية كتاب يتمتع بجمال أسلوبه، وعمق رؤيته.

 

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات