سقوط القدس والسقوط العربى العام - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سقوط القدس والسقوط العربى العام

نشر فى : الجمعة 8 ديسمبر 2017 - 9:20 م | آخر تحديث : الجمعة 8 ديسمبر 2017 - 9:20 م
نشر موقع جريدة المجد الأردنى مقالا للكاتب لبيب قمحاوى جاء فيه: لا جديد فيما يتعلق بقرار أمريكا نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس سوى إعلان القرار نفسه. فهذا القرار الذى يعكس انتقال قضية العرب الأولى من قضية معقدة ومؤثرة على علاقات أمريكا بدول العالم العربى وتحويلها إلى أمر عائلى بين الرئيس الأمريكى وصهره اليهودى دون أى اعتبار لثوابت السياسية الأمريكية فى هذا الموضوع الحساس وموقف أمريكا التاريخى بعدم الإقرار والاعتراف بجواز احتلال أراضى الغير بالقوة، والتزامها بذلك بقرارات الشرعية الدولية. هل من المعقول أن يصل الضعف والتهاون العربى إلى مرحلة من الذل والهوان بحيث يتوقف العالم عن إبداء أى احترام للحقوق الفلسطينية والعربية ويصبح الرئيس الأمريكى فى حل من إبداء أى اعتبار أو حتى مجاملة لتلك الحقوق أو للمصالح العربية والفلسطينية؟ 

إن ما تفعله الأنظمة العربية ليس منع حدوث الشىء، ولكن تطويق آثاره ومحاولة إبراء ذمتهم من مسئولية حدوثه، وإلا لماذا انتظرت الأنظمة العربية لحظة الحقيقة وساعة الصفر للاحتجاج. المطلوب ليس الاحتجاج على نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولكن منع حصول ذلك فى الأصل، وهذا كان يتطلب نشاطا مكثفا ومبكرا، الأمر الذى لم يحدث نظرا لغياب أى جدية عربية للتعامل مع هذا الأمر. 

أما الجديد فعلا فهو تفاقم حالة الانهيار العربى إلى الحد الذى مكَّن رئيس أمريكى لم يبلغ سن الرشد السياسى من العبث بثوابت السياسة الأمريكية بالنسبة لفلسطين والقدس وتحويلها إلى مشروع عائلى ينسجم مع قناعات أفراد عائلته. إن السقوط العربى قد بلغ حدا من الانهيار، أفقد العرب ما تبقى من احترام لهم عند الآخرين وجعل من مطالبهم التاريخية عملية استجداء فاشلة تخضع للمصالح الشخصية الصغيرة لهذا الحاكم العربى أو ذاك، مما أعطى الآخرين الضوء الأخضر لفعل ما يريدون بالعرب وللعرب ولفلسطين. 

إن نَقْل السفارة الأمريكية إلى القدس لا يعنى مساحة جغرافية أو عنوانا مقدسيا بقدر ما يعنى اعترافا أمريكيا بشرعية الاحتلال. وأمريكا بذلك تضرب عرض الحائط بجميع القرارات الدولية وتُخضع الشرعية الدولية والقانون الدولى لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلى. ومع ذلك يبقى العرب مصرين على اختيار نهج المفاوضات والسلام برعاية أمريكية منفردة! وإذا كان هذا هو واقع حال القيادة الفلسطينية والقيادات العربية فلماذا نتوقع من أمريكا ومن إسرائيل مراعاة الحقوق والمصالح العربية؟ على ماذا سيتفاوض الفلسطينيون الآن؟ وبعد هذا الاعتراف الأمريكى بشرعية الاحتلال فهل بقى لها دور كوسيط فى عملية السلام؟ وهل بقى هنالك أصلا من مسار سلمى؟؟ على السلطة الفلسطينية الآن أن تعيد حساباتها جيدا وتعلن موت مسار السلام وأن تقوم بالتالى بحل نفسها وإرغام الاحتلال على القيام بدوره علنا.

عميلة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليست عملية استبدال اليافطة على مبنى القنصلية الأمريكية فى القدس وتحويلها إلى يافطة باسم سفارة الولايات المتحدة الأمريكية. فالخطر الحقيقى هو فى مدلولات هذا القرار والذى يعنى عمليا اعتراف أمريكا بأن القدس هى عاصمة ما يسمى بدولة إسرائيل وأنها بذلك خارج إطار التصنيف كمنطقة محتلة، وبالتالى خارج إطار أى مفاوضات أو تسويات على افتراض أن هنالك تسوية سلمية. القرار الأمريكى يعنى ضمنًا الاعتراف بأن القدس مدينة يهودية ولليهود فقط مع بعض المناطق الأثرية مثل المسجد الاقصى وكنيسة القيامة وقبة الصخرة التى ستتحول من أماكن مقدسة للعبادة إلى أماكن سياحية تابعة لوزارة السياحة الإسرائيلية. 

فلسطين التاريخية بأكملها تحت الاحتلال، ولكن رمزية القدس تبقى العلامة الفارقة فى القضية الفلسطينية؛ إذ لا فرق بين أى مدينة فلسطينية والأخرى.لا فرق بين يافا وتل أبيب وحيفا ونابلس ورام الله والقدس، فجميعها مدن فلسطينية. ولكن الاعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلى للقدس هو اعتراف بتاريخ اليهود واليهودية المزيف فى فلسطين واعتراف بحق اليهود التاريخى والدينى فى حائط البراق باعتباره حائط المبكى كجزء من الهيكل المزعوم، وفى القدس باعتبارها مدينة يهودية ولليهود أينما كانوا.

المطلوب هو الفعل وليس ردة الفعل، فى حين أن جل ما نشاهده الآن هى ردة فعل ضعيفة ومستسلمة وراكعة لدول العالمين العربى والإسلامى. الصراخ والعويل لن يُجدى، وَكَيْلُ الاتهامات لأمريكا لن يجدى أيضا؛ لأنها لا تكترث لقوة الصراخ العربى المعلن والخنوع والخضوع غير المعلن.

المجد - الأردن

 

التعليقات