ليلة رأس السنة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 6:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليلة رأس السنة

نشر فى : الإثنين 9 يناير 2012 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 يناير 2012 - 9:25 ص

فى مكان واحد، وخلال عدة ساعات، تتوالى مشاهد هذا الفيلم الثرى بعواطفه، المتنوع بشخصياته، الذى يخرج منه المتابع مبتهجا، يتراءى له الأمل فى عام جديد، تتحقق فيه أمنيات لم يدركها فى العام الماضى.. الفيلم، أنشودة للأشواق، منسوجة على نحو يجمع بين الرقة والرحمة والحنان، فضلا عن تفهم عميق للجوانب الطيبة التى رصدها من مختلف المشارب. يتلمس متاعبها، وعناءها، وأحلامها الضائعة، ولكن فى ذات الوقت، يثق فى قدراتها على تجاوز أزماتها، طالما.. لايزال فى العمر بقية، ولو نصف يوم فقط.

 

المخرج، جارى مارش، مع كاتبة السيناريو، كاترين فوجات، نجحا بتفوق فى الاختبار الصعب، المتمثل فى إبداع عمل جميل، منطقى ومتماسك، يلتزم بوحدات المكان والزمان والحدث. المكان: «تايمز سكوير» ــ أكبر ميادين نيويورك، وأوسعها شهرة. الزمان: عدة ساعات قبل انقضاء عام وقدوم عام جديد. الحدث: نزول كرة الزمن البلورية المضاءة إلى قلب الميدان، فى منتصف الليل، وهو التقليد المتبع، سنويا، منذ العام 1907.. فى الجزء الأول من الفيلم، يتابع قدوم جحافل المحتفلين، ومن بينهم يختار نماذجه البشرية، تعبر عن قطاعات من الناس برغم خصوصية كل منهم. وإذا كان الجميع فى طريقهم إلى الميدان طلبا لمتعة المشاهدة، فإن ثمة مسئولين عن الاحتفال، يعيشون لحظات قلق، بأعصاب ممزقة، خوفا من فشل يداهم المشرفة على إنزال كرة الزمن، ويكاد قلبها يتوقف حين تعلق الكرة فلا ترتفع ولا تهبط، ويكون لزاما عليها الاستعانة بإخصائى فى الكهرباء، عجوز عصبى، يخطرها أنها طردته منذ فترة، وإزاء رجائها، يقبل المهمة، وينجح فى مسعاه.. وهناك رئيسة الطهاة فى حفل أحد أكبر الفنادق، حيث سيغنى نجم الشباب «جنسن»، الذى لا تطيقه، وتصفعه على وجهه لسبب لا نعلمه. ونتابع، حيرة الأم وقلقها على ابنتها المراهقة التى تصر على قضاء الليل، مع مجموعتها، بعيدا عن عين والدتها. والأهم، وربما الأعمق تأثيرا، ذلك المريض المشرف على الوفاة ــ بأداء خلاب من روبرت دى نيرو ــ طريح الفراش فى مستشفى بالقرب من الميدان، يتمنى أن تكتحل عيونه برؤية الكرة البلورية قبل أن يودع الحياة. ومن بين أبطال الفيلم تنهض زوجتان، كل منهما تحاول وضع مولودها فى منتصف الليل، كى تربح جائزة مقدارها خمس وعشرون ألف دولار.

 

خطوط الفيلم قد تبدو مبعثرة، لا يجمعها سوى الإطار الخارجى للوحدات الثلاث، ولكن فى الربع الأخير من الليلة، نكتشف الأواصر الداخلية للنماذج البشرية، فندرك المعنى الإنسانى للفيلم. إحدى الحاملتين تزعم أنها وضعت مولودها بعد الأخرى، كى تتيح للأخرى، الأكثر احتياجا، الحصول على الجائزة. رئيسة الطهاة تكتشف أن المغنى اللامع، الذى لم يف بالزواج منها، هو الذى اشترط أن يسند لها المنصب كى يوافق على إحياء الحفل. وبينما تبدو الابنة وقد غدت أعمق ائتلافا مع والدتها، تجد الأخيرة الرجل الذى أخطرته، فى العام السابق، أنها ستوافق على الزواج منه إذا جاء خصيصا لها هذا العام.. أما عن العجوز الذى رحل عن الدنيا، روبرت دى نيرو، الذى أصر على مشاهدة الكرة الجميلة، فإنه أيضا، كان يبغى الاطمئنان على نجاح ابنته، المسئولة عن إنزال الكرة.. وحين يغادر الدنيا، يتعمد الفيلم أن ينتقل إلى عنبر المواليد الجدد فى حضانة المستشفى، وكأنه يؤكد أن الحياة ستستمر، وتغدو جميلة، بفضل الحب والأشواق.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات