خرج علينا السيد وزير القوى العاملة والهجرة مبشرا بأن مصنع وبريات سمنود هو الذى سيقود مشروع نهضة مصر، مؤكدا أن مصر تملك من الثروات ما يجعلها أغنى دولة فى العالم. وهذا بالضبط نموذج مثالى يعكس سياسة النظام الحاكم فى الاعتماد على المبالغات لمداعبة أحلام الجماهير والتلويح لها بالمستقبل المزدهر الذى ينتظرها، فى ظل حكم الإخوان، وهى سياسة لا تختلف عن سياسة مئات المليارات التى كانت ستصل مصر بمجرد فوز الدكتور محمد مرسى بمنصب الرئيس، وهو الأمر الذى حدث وأصبح رئيسا بينما اختفت مئات المليارات وانتهى الحديث عنها بمجرد تحقق الهدف الذى طرحت من أجله.
وما قاله السيد وزير القوى العاملة، يكشف عن سياسة المبالغات التى يعتمد عليها النظام الحاكم حاليا، وهى سياسة ما كان يجب ان تجد لها أى مساحة فى ظل نظام من المفترض أنه ثورى، ومن الواجب عليه أن يصارح الشعب بحقائق الأمور، لا بقصص خرافية تصلح لتسلية الأطفال قبل ذهابهم للنوم، فكيف سيقنعنا السيد وزير القوى العاملة والهجرة بثراء الدولة المصرية واعتبارها الأغنى فى العالم، وهى لا تفعل أى شىء سوى الاستدانة من القريب والغريب، ناهيك عن قصة مفاوضات صندوق النقد الدولى، واللحظة الحاسمة لإنجاز الحكومة الاهم والاكبر والاغلى بالحصول على قرض الـ ٤،٨ مليار دولار باعتباره المنقذ لأغنى دول العالم، أو انتظار براميل النفط من العراق أو ليبيا، أو قمح روسيا وكازاخستان وفرنسا.
ما يقوله الوزير يعكس الأزمة الحقيقية لحكومة الدكتور هشام قنديل وفلسفة تشكيلها وتعديلاتها المتعددة، وهى أنها بلا فلسفة أو مهام واضحة متفق عليها، فلا خطابات تكليف محددة من رئاسة الجمهورية، فقط مجرد عبارات إنشائية لا تختلف كثيرا عن موضوعات تعبير المرحلة الابتدائية، ولأن الامر كذلك، فمن الطبيعى أن يصبح مصنع وبريات سمنود هو قائد النهضة، وأن مصر هى بالفعل أغنى دول العالم، دون أن تقدم هذه الحكومة خطة واضحة لما تنوى القيام به وفقا لأولويات المرحلة أو لما يطلبه الشعب أو تتطلبه حقيقة الوضع الاقتصادى والامنى، وبالطبع لا يتحملون كل المسئولية، لان الجزء الاكبر يتحمله الرئيس شخصيا الذى اختارهم وكلفهم بالعمل التنفيذى دون أن يعلن أى خطة واضحة، بعد ان قدم خطة المائة يوم ثم تراجع عن كل شىء، تراجع ليس فقط عن العمل، بل تراجع عن إخبارنا بما ينوى حتى ان يفعله، وبالتالى تتكسر كل خطط النهضة وأحلام الثراء، على أفعال المعارضة وممارسات الثورة المضادة ومخططات الإعلام غير المسئول، أما اقوال مثل هذا الوزير وتصرفاته فهى النهضة بحق وبداية طريق الاحلام.