أناشيد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 6:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أناشيد

نشر فى : الأحد 11 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 11 مارس 2012 - 8:00 ص

كأن بنات الخليج، بحماس يجمع بين الموهبة والعزيمة، أردن إثبات حضورهن على شاشة السينما، بل تفوقهن فى هذا المجال، وبالضرورة، انتزعن جوائز مرموقة فى «المهرجان السينمائى الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية» الذى أقيم بالدوحة فى الأسبوع الأخير فى شهر فبراير، المخصص للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، حيث فاز «حمامة» من إخراج نجوم الغانم ــ هكذا اسمها ــ بجائزة أفضل تصوير، بينما حصلت زميلتها شروق شاهين، على جائزة أفضل فيلم تسجيلى، بعنوان «السيدة الوردية».

 

«حمامة»، يستغرق عرضه الساعة والربع الساعة، ويبدو كما لو أنه مجرد عدة دقائق، ولعل السر فى سحره الأخاذ يكمن فى بطلته، السيدة التسعينية التى تعالج المرضى بالأعشاب فيما يعرف بالطب الشعبى، فضلا عن مساعدة النساء فى الولادة، لذا فهى تمثل «الأم» عند عدة أجيال تفتحت عيونها على يديها، ولاحقا، ارتشفوا الشفاء من أدويتها التى قلما تخيب، وبرغم أن وجهها لا يظهر طوال الفيلم، بسبب ما تسدله على أنفها وفمها، فإن حضورها الخلاب لا يفتر أبدا، فهى هنا أقرب إلى الروح، رقيقة وراسخة، صوتها يتسلل إلى القلب والعقل، بسيطة وحكيمة، يتعامل الجميع معها بتبجيل تستحقه، فها هو أحد الرجال، ولد على يديها، وعالجته حين داهمه المرض، يقبل رأسها معتذرا عن طول غيابه، وها هى تتسامح معه، من دون كلمة تأنيب واحدة.. وهى أيضا ساخرة، فبعد أن يتم تكريمها فى مهرجان مهيب، تضع شهادة التقدير تحت كنبة.. ابنها يخرج الشهادة وينظر لها بإعجاب تقول له «مزقها أو اشطب اسمى وضع اسمك مكانه».. «حمامة» ــ وهذا اسمها ــ انشودة جميلة لامرأة لا تعرف إلا المساهمة فى صنع الحياة، تعمل بلا كلل، تربى الدواجن والأبقار تطهو الطعام الذى يكفى لأولادها وأحفادها، بل لكل من يريد أو يحتاج. إنها قبس من نور، ترصده الكاميرا بمحبة وتوقير، وبالتالى استحق الفيلم جائزة أفضل تصوير.

 

ثمة أواصر، قد تكون غير مرئية بين «حمامة» و«السيدة الوردية»، والمقصود بالسيدة الوردية هو «السيدة مريم»، وبينما يقدم «حمامة» انشودة لكائن بشرى يستحق الاحتفاء، فإن «السيدة الوردية»،، بدوره، يعزف انشودة عذبة، لا تخلو من مشاكسة، لكنيسة «السيدة مريم»، ذات المعمار البديع، التى تم بناؤها فى الدوحة.. المخرجة، نجوم الغانم، لا تتغنى بضخامة المبنى، وجمال تصميمه، وروحانية لوحة السيدة مريم فحسب، بل تحتفى بالمعنى الكامن وراء ذلك المبنى الحديث، فهو، عندها، يمثل دليل نضج إنسانى وحضارى. صحيح، ثمة متشدد، منزعج من هذا البناء يرفع شعار «لا كنائس فى شبه الجزيرة»، لكن المسار العام للفيلم وأصوات أخرى، بوجوه من أبناء الخليج، وأبناء جاليات من خارجها، تتناغم فى الاحتفاء بقبول الآخر، وحقه فى الحياة، وممارسة معتقداته الروحية، فى مكان معلن، بدلا من الحجرات والشقق المغلقة، كما تقول إحدى الوافدات بوجه مترع بالبهجة والامتنان والأمل.. إنه فيلم يرنو، بصدق، إلى المثل العليا، وينبئ، مع «حمامة»، أن المستقبل مشرق، ببنات الخليج الواعدات.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات