كيف نتعامل مع المسألة التركية؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 13 أغسطس 2025 11:18 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

كيف نتعامل مع المسألة التركية؟

نشر فى : الأربعاء 10 يونيو 2015 - 9:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 10 يونيو 2015 - 9:55 ص

جميع المصريين تقريبا باستثناء أنصار الإخوان، شعروا بسعادة غامرة حينما أظهرت نتائج الانتخابات النيابية فى تركيا يوم الأحد الماضى، أن حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذى ينتمى إليه الرئيس رجب طيب أردوغان ــ قد تعرض لضربة موجعة بتراجع عدد مقاعده، والأهم احتياجه إلى التحالف مع أحزاب أخرى معارضة للاستمرار فى الحكم.

من حق هؤلاء أن يفرحوا لأن أردوغان فعل ما لم يفعله أى زعيم أو رئيس سابق فى التدخل فى الشئون المصرية انتصارا لطرف واحد هو جماعة الإخوان، بصورة لم يفعلها بعض قادة الإخوان المسلمين فى العديد من البلدان العربية والأجنبية.

لكن على الذين يشعرون بالفرح أو حتى الشماتة لتراجع حزب أردوغان أن يتريثوا قليلا، ويدركوا أن الحزب لا يزال يشغل المركز الأول فى الحياة السياسية التركية بفارق كبير عن منافسيه، وأنه قد يعود قويا مرة أخرى.

قد يصدم كلامى بعض المتحمسين، الذين يتعاملون مع الانتخابات التركية، وكأنها انتخابات محلية جرت فى القاهرة أو الإسكندرية أو أسيوط.

الفكرة الجوهرية التى أقصدها أن هزيمة أى حزب منافس أو فكر متطرف أو معادٍ أو إرهابى لا تتحقق بالفرح فى سقوط هذا الحزب انتخابيا، بل بوجود أحزاب سياسية مدنية قوية تقدم للناس بديلاً عنه، لكى يختاروه ليجلس فى البرلمان ويشكل الحكومة.

الأتراك عاقبوا حزب أردوغان لأسباب جوهرية كثيرة، منها عنجهية أردوغان واستبداده وتدخله فى القضاء وتهديده للحريات وتراجع النمو الاقتصادى، إضافة إلى نجاح حزب الأكراد فى دخول البرلمان بنسبة ١٢٪، وهى أصوات كانت تذهب فى معظمها إلى «العدالة والتنمية»، إضافة إلى أسباب فرعية، منها انحياز الرئيس التركى إلى الإخوان بصورة سافرة، خصوصا فى مصر، والخشية من تغيير الهوية التركية.

هذه الأسباب إذا تعدلت وتغيرت قد تعيد الصدارة مرة أخرى إلى حزب أردوغان وأوغلو وجول، وبالتالى فإن الفيصل فى هذا الأمر هو وجود أحزاب قوية أخرى تقنع بقية المواطنين بأن أفكارها وبرامجها هى التى قد تساعد الناس وتحل مشاكلهم.

بمعنى آخر فلو أن المعارضة التركية شكلت حكومة أقلية أو ائتلافية، فإن رضا الناس عنها متوقف على أدائها فى الحكم، وبالتالى، فالفيصل النهائى هو خدمة الناس، بأفضل طريقة ممكنة.
ما الهدف من كل هذا الكلام السابق؟!

إذا أخذنا الواقع التركى وعكسناه على أحوالنا سنصل إلى نتيجة مهمة، وهى أن طرد الإخوان المسلمين، وكل القوى السلفية المتطرفة من أروقة السلطة أو حتى المشهد السياسى كان جزءا صغيرا من حل المشكلة، لكنه لن يقضى عليها.

الذى يقضى على أى أفكار وتنظيمات متطرفة وظلامية وغير مؤمنة بالوطن هو أفكار وتنظيمات تقدمية إنسانية مستنيرة، وتنحاز إلى الحريات وإلى هموم الفقراء، ومشروعات تنمية حقيقية للبشر وللاقتصاد، شرط أن تحملها أحزاب وقوى سياسية مدنية، وتنزل بها إلى الناس وتطرحها عليهم وتجعلهم يقتنعون بها، ويذهبون إلى الصناديق ويصوتون لها، ليمكن تطبيقها عمليا.

وبالتالى فالفكرة الجوهرية أن يكون لدينا أحزاب مدنية حقيقية ذات قواعد جماهيرية فعلية، وليست كرتونية.

أعرف ويعرف كثيرون غيرى أن الواقع مزرٍ، والأحزاب ضعيفة وهشة وبلا تأثير حقيقى خصوصا أثناء الانتخابات، لكن ــ وللمرة المليون ــ ليس أمامنا من خيار إلا نزول الأحزاب إلى المواطنين، لإقناعهم بالعمل السياسى الحقيقى تحت سقف القانون والدستور.

من حق البعض أن يفرح فى تعثر حزب أردوغان ــ الذى صدم الجميع بتعصبه للإخوان وانحيازه الفج إلى مشروعهم ــ لكن علينا أن نتذكر ضرورة أن يكون لدينا حزبان أو ثلاثة قوية على غرار التجربة التركية، حتى لا نتفاجأ بعودة الأحزاب الدينية المتطرفة من شباك الانتخابات بعد طردهم من بوابة الثورة الشعبية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي