أمريگـا بسبيلها للأفول - ناعوم تشومسكي - بوابة الشروق
الثلاثاء 20 مايو 2025 4:20 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أمريگـا بسبيلها للأفول

نشر فى : الأربعاء 10 أغسطس 2011 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 10 أغسطس 2011 - 9:30 ص

 نشرت «truth-out.org» مقالا للكاتب الأمريكى المعروف نعوم تشومسكى بتاريخ 5 اغسطس مقالا قال فيه «كتب جياكومو تشيوتزا فى العدد الحالى من مجلة «العلوم السياسية» الدورية «من الشائع» أن الولايات المتحدة التى كانت قبل سنوات قليلة فحسب محل احترام العالم باعتبارها قوة عملاقة لا تضاهيها قوة وتحظى بجاذبية لا مثيل لها، تشهد الآن تراجعًا ينذر باحتمال اضمحلالها النهائى».

وهو موضوع يلقى تصديقا واسع النطاق. وله مبررها على الرغم من استقرار عدد من المحددات. وقد بدأ التراجع منذ وصلت الولايات المتحدة إلى ذروة قوتها بعد الحرب العالمية الثانية، ويرجع معظم التفوق الملحوظ فى التسعينيات بعد حرب الخليج، إلى عملية خداع للنفس.
لقد بلغ نفوذ سلطة الشركات على السياسة والمجتمع وأصبح الآن ماليا فى الغالب النقطة التى تقف فيها كل من المنظمات السياسية وهى لا تمثل الأحزاب التقليدية فى هذه المرحلة على أقصى يمين المواطنين فى القضايا الكبرى

●●●

وتمثل البطالة الهم المحلى الرئيسى للمواطنين. وفى ظل الظروف الحالية، لا يمكن التغلب على هذه الأزمة إلا عبر محفزات حكومية مهمة، تتجاوز المحفزات الأخيرة التى لم تكن مواكبة للتراجع فى الإنفاق على مستوى الدولة ولا فى إنفاق المحليات على الرغم من أن تلك المبادرة المحدودة وفرت ملايين الوظائف.

وقد قام برنامج اتجاهات السياسة الدولية، بإجراء استطلاع حول كيف يستطيع الرأى العام القضاء على العجز. وكتب ستيفن كول رئيس برنامج اتجاهات السياسة الدولية: «من الواضح أن كلا من الإدارة ومجلس النواب بقيادة الجمهوريين، لا يواكبان قيم وأولويات الرأى العام فيما يتعلق بالموازنة».

ويوضح الاستطلاع الانقسام العميق: «الخلاف الأكبر حول الإنفاق؛ يتمثل فى أن الجمهور يفضل تخفيضات حادة فى الإنفاق على الدفاع، بينما تقترح الإدارة ومجلس النواب زيادات معقولة. ويفضل المواطنون زيادة عما تريده الإدارة أو مجلس النواب فى الإنفاق على التدريب المهنى، والتعليم، والسيطرة على التلوث».

وتعتبر التسوية النهائية وهى بالأدق، الاستسلام للأقصى اليمين معاكسة تماما، ومن المؤكد تقريبا أنها ستؤدى إلى بطء النمو والإضرار بالجميع فى الأجل الطويل، فيما عدا الأغنياء والشركات، التى تتمتع بأرباح قياسية.

●●●

وعلى الرغم من أن اللطمات تزداد قوة، إلا أنها ليست ابتكارا حديثًا. فهى تعود إلى السبعينيات من القرن الماضى، عندما شهد الاقتصاد السياسى القومى تحولات كبرى، لينتهى ما كان يعرف باسم «العصر الذهبى» للرأسمالية.

وهناك عنصران رئيسيان هما التحول إلى الاستثمار المالى (تحول تفضيل المستثمرين من الإنتاج الصناعى إلى: مجالات: التمويل، والتأمين، والاستثمار العقارى) ونقل مراكز الإنتاج إلى الخارج.

وقد وجه الانتصار الأيديولوجى لمذاهب السوق الحرة، وهى انتقائية كعادتها دائما، المزيد من اللطمات، حيث تمت ترجمتها إلى تخفيف القواعد التنظيمية، وقواعد حوكمة الشركات التى تربط المكافآت الضخمة للمديرين بالأرباح قصيرة الأجل، وغيرها من أمثال هذه القرارات السياسية.

ونجم عن ذلك تركيز للثروات أدى إلى زيادة القوة السياسية، وتسريع دوران حلقة مفرغة، أسفرت عن ثروات استثنائية لشريحة نسبتها واحد فى المائة من السكان، يتشكلون أساسا من رؤساء الشركات الكبرى ومديرى صناديق التحوط، وأمثالهم، بينما بقيت الدخول الحقيقية للأغلبية فى حالة.

وعلى نحو مواز، ارتفعت تكلفة الانتخابات ارتفاعا حادا، ليوغل كل من الحزبين أكثر فى جيوب الشركات. وكما يوضح الاقتصادى السياسى توماس فيرجيسون فى صحيفة فايننشال تايمز، فإن ما تبقى من الديمقراطية السياسية يتعرض للتقويض مع تحول الحزبين إلى التسابق على المراكز القيادية فى الكونجرس.

وكتب فيرجيسون «استعار الحزبان السياسيان الكبيران خبرة شركات التجزئة الكبرى مثل وول مارت، وبيست باى أو تارجت». وأضاف: «يحدد أعضاء الكونجرس من الحزبين أسعارًا للمراكز الرئيسية فى عملية التشريع. فى ممارسة فريدة من نوعها بين المشرعين فى العالم». فالمشرعون الذين يجلبون أكبر التمويلات للحزب يحصلون على المناصب.

ومن ثم، فالمناقشات، وفقا لما يرى فيرجيسون «تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التكرار اللانهائى لحفنة من الشعارات، تم اختبارها بسبب جاذبيتها للتكتلات الاستثمارية الوطنية، وجماعات المصالح، التى تعتمد عليها القيادة لتدبير الموارد للحزب. ولتحل اللعنة على البلاد.

●●●

وقبل أزمة عام 2007 وتتحمل المسئولية عنها بدرجة كبيرة المؤسسات المالية الجديدة فى مرحلة ما بعد العصر الذهبى، كانت هذه المؤسسات قد حققت قوة اقتصادية هائلة، فزادت حصتها من أرباح الشركات إلى ثلاثة أضعافها. وبعد الأزمة، بدأ عدد من خبراء الاقتصاد التحقيق فى وظيفتها وفقا للمفاهيم الاقتصادية الخالصة. وتوصل روبر سولو الحائز على نوبل إلى أن التأثير العام لهذه المؤسسات ربما يكون سلبيًا: «فقد تضيف النجاحات قليلا إلى كفاءة الاقتصاد الحقيقى أو لا تضيف، لكن الكوارث تحول الثروة من دافعى الضرائب إلى الرأسماليين».

وترسى المؤسسات المالية الأساس لمواصلة العملية القاتلة، عبر تمزيق بقايا الديمقراطية السياسية طالما ضحاياها مستعدون للمعاناة فى صمت.

ناعوم تشومسكي  مفكر وناشط سياسي أمريكي
التعليقات