نوبل والمرأة المصرية - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نوبل والمرأة المصرية

نشر فى : الإثنين 10 أكتوبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 10 أكتوبر 2011 - 9:00 ص

فى مثل هذا الوقت من العام الماضى كانت الصحف المصرية ووسائل الإعلام القومية تعج بأخبار وتقارير عن قرب حصول سوزان مبارك على جائزة نوبل للسلام، وعن ترشيح عديد من الهيئات الدولية والجمعيات النسائية «لسيدة مصر الأولى» لهذه الجائزة الدولية المرموقة، تقديرا لجهودها من أجل المرأة والطفولة فى مصر.

 

ولم يكن هناك بالطبع أساس لهذه الأنباء الكاذبة، ولكن جماعة المستفيدات من النساء اللائى أحطن بسوزان مبارك، أوهمنها أن حملات الترويج والدعاية الدولية وشهادات التقدير التى كانت تبذل جهودا مضنية لجمعها والحصول عليها من الجامعات والمؤسسات الدولية، كفيلة بأن تؤهلها للحصول على نوبل للسلام!

 

وتمر الأيام.. وتسقط الهالة الزائفة التى قيدت حركة المرأة المصرية وجعلتها رهنا بما تقرره أو تريده «السيدة الأولى».. وبمن يقع عليه اختيارها فى بعض المناصب التى تشغلها المرأة.. متجاهلة لجيل كامل من الفتيات والشابات اللائى يشكلن مستقبل المرأة والمجتمع.

 

ولذلك لم يكن غريبا أن تتفتح ثورة 25 يناير على طائفة من الفتيات المناضلات اللائى لعبن أدوارا مختلفة فى حركتى 6 أبريل وكفاية، ثم فى مساندة الثورة حين قامت والمشاركة فيها جنبا إلى جنب مع الشباب. وقد تعرض بعضهن للملاحقة والسجن. ولم ينتقص ذلك من شجاعتهن وإصرارهن على المضى فى الكفاح والتضحية.

 

نذكر ذلك بمناسبة حصول نساء أفريقيات وسيدة عربية على جائزة نوبل للسلام، مكافأة على نضالهن السلمى من أجل ضمان حقوق النساء وأمنهن.. من بينهم المناضلة اليمنية توكل كرمان (32 سنة) ورئيسة ليبيريا التى تخوض معركة انتخابات رئاسية للمرة الثانية إلين جونسون، ثم الناشطة الليبيرية ليما جوبى التى رفعت شعارها «لا وقت للحب» حتى تنتهى الحرب الأهلية فى بلادها.

 

لقد رأى البعض فى فوز السيدة اليمنية تجاهلا لنضال المرأة فى مصر وتونس. ولكن الواقع أن نضال المرأة اليمنية كما تعكسه حياة توكل كرمان بأنشطتها المتعددة، كزوجة وأم ورئيسة لمنظمة «صحفيات بلا قيود»، فى خضم أحداث العنف والثورة ضد النظام المستبد لعلى عبدالله صالح، وما عرف عنها من جرأة فى قول الحق ومناهضة انتهاكات حقوق الإنسان والفساد والمالى والإدارى، ومطالباتها الملحة بالإصلاحات السياسية والتجديد الدينى ــ قد جعل منها أيقونة لثورة نسائية فى محيط من الجهل والفقر والتخلف الذى يضرب بجذوره فى اليمن. وقد يكون اختيارها لجائزة نوبل إيذانا بقرب سقوط النظام الفاسد لعلى عبدالله صالح.

 

فى أفريقيا وفى عالمنا العربى يصعب على المرأة أن تخوض معارك الحرية والاستقلال وتشارك فى المظاهرات وتتعرض للقمع البوليسى الذى يتعرض له الشباب. ولكننا يجب أن نعترف بأن تطورا جوهريا حدث بالنسبة للمرأة فى مصر والعالم العربى ودورها فى المجتمع، فلم تعد مطالبها تقتصر على المساواة بالرجل وهى بعيدة عن خوض معارك الحياة، بل أصبحت تمثل جزءا من البنية السياسية والاجتماعية، وتطالب بحقوقها فى التمثيل البرلمانى ونصيبها فى إدارة الحياة الحديثة.

 

ونظرة إلى ما يجرى فى سوريا والبحرين واليمن التى تشهد رياح خريف عربى عاصف، سوف نلاحظ الأعداد الهائلة للنساء والفتيات اللاتى يشاركن فى التظاهرات اليومية ضد زبانية الفساد وأنصار النظام القديم. وقد تعرض بعضهن للاعتقال والسجن والتشريد والموت!

 

تبقى ملاحظة أخيرة ونحن على أبواب انتخابات حاسمة فى مصر لتقرير مصير الثورة والانتقال إلى حكم ديمقراطى.. فلا نكاد نلاحظ للمرأة دورا بارزا فى تحديد الخيارات المطلوبة بين الفردى والقائمة، ولا فى حسم الخلاف حول التحالفات والتربيطات والشعارات.. ولا تبرز أسماء لشخصيات نسائية قيادية مرموقة تواجه تحديات المرحلة.

 

البعض يتحدث عن ضرورة تمثيل الأقباط، وهذا حق لا سبيل إلى إنكاره.. ولكن أحدا لا يهتم بوضع المرأة على القوائم الانتخابية، ولا المرأة نفسها تطالب بذلك! وهو ما قد يسفر عن برلمان ذكورى مشوه، لا يمثل النصف الحقيقى للمجتمع، وليس العمال والفلاحين بالضرورة!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات