عن يهود مصر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 6:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن يهود مصر

نشر فى : الخميس 11 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 11 أبريل 2013 - 8:00 ص

هذا الفيلم المهم يتسم بالشجاعة والتهور، فهو يفتح، بجرأة ونزاهة، ملفا شائكا، جرى تجاهله لعقود طويلة، ربما خوفا، أو حرجا، أو جهلا، لذا، يستحق «عن يهود مصر»، الترحيب به، خاصة أن مخرجه الشاب، أمير رمسيس، الدءوب، بذل جهدا هائلا، فى تجميع مادته، استغرقت عدة سنوات، وخاض معركة حاسمة، سريعة، انتصر فيها، من أجل عرضه.. لكن، فيما يبدو، أن رمسيس، المندفع، تمكن من تجميع مادة، شديدة الغزارة والتنوع والثراء، لم يستطع السيطرة عليها، ولم يطاوعه قلبه أو يستبعد المهم منها فى سبيل الأكثر أهمية، فكانت النتيجة أن حمولة الفيلم جاءت أكبر من طاقته، وبالتالى بدت متابعته، لساعة ونصف الساعة، مرهقة وممتعة فى آن.


اعتمد الفيلم فى سرده على راوٍ، مقابلات، مادة أرشيفية، صور فوتوغرافية، مانشتات جرائد، تصوير أماكن، وشذرات من أغان، ولقطات من أفلام روائية.. والمخرج فى هذا يتنقل بين مصر وفرنسا، وينقب فى قلب التاريخ ويعود إلى الواقع، ولا يفوته حين يرصد الأفكار أن يكترث بالعواطف، ويتفهمها، ويترك حرية التعبير عنها، للمصريين اليهود، الذين غادروا البلاد، لأسباب خارجة عن إرادتهم، ورفضوا الانغماس فى الحركة الصهيونية، أو الذهاب إلى إسرائيل، وبقيت ذكرى الأيام الخوالى، فى مصر، معتملة فى وجدانهم.. وهنا، يظهر الفارق العميق بين الحياة القاسية التى عانى منها معظم اليهود فى العالم، والحياة الكريمة التى عاشوها على أرض النيل، ووصلوا فيها إلى أعلى المراتب، وأصبحوا جزءا من بنية المجتمع، فى السياسة والاقتصاد والفن.. لذا، فكما تقول إحداهن: سنواتت البهجة كانت فى مصر.

 

«عن يهود مصر»، يتحدث عدد من كبار المثقفين المصريين: د. محمد أبوالغار، أحمد حمروش، عصام فوزى، رفعت السعيد، فضلا عن نوله درويش، ابنة المصرى اليهودى الشريف، يوسف درويش، المحامى المناضل، الذى عاش حياته مدافعا عن حقوق العمال، بلا أجر، شأنه فى هذا شأن زميله المصرى، اليهودى، الوطنى، اليسارى، شحاتة هارون.. الجانب المصرى، بما فى ذلك ما يتعلق بدرويش وهارون، يتعرض لمفارق الطرق، أو «محطات الألم»، حين بدأت العمليات الوحشية للصهيونية، ضد الفلسطينيين، عام 1935، ثم اندلاع حرب 1948، ثم مشاركة إسرائيل فى الاعتداء الثلاثى 1956، بالإضافة للعمليات الإرهابية التى قامت بها إسرائيل ضد مصر، وأبرزها «فضيحة نافون» الشهيرة 1954، وفى كل محطة من هذه المحطات، تتفجر موجة كراهية وترحيل لليهود المصريين.

 

فى المقابل، يلتقى المخرج مصريين يهودا، متحاشيا تماما من ذهب إلى إسرائيل، ويقدم شهادات من عاشوا فى فرنسا: ألبرت أرييه، روبرت جرنسمان، جولى جويش، إيرابيل دونتون، وغيرهم.. والفيلم فى هذا يرزح بعشرات الوجوه، العديد منها، يستحق عملا كاملا، مستقلا، مثل الرجل المثير للجدل والإعجاب، هنرى كوريل، المحب لمصر، المتعاون بقوة فى حركات التحرر،، الذى أبلغ تفاصيل خطة الاعتداء الثلاثى لثروت عكاشة، وأهدى فيلته فى القاهرة، للحكومة الجزائرية، لتصبح مقرا لسفارتها.. وربما جاءت الإشارات إلى دور المصريين اليهود فى مجال الفن، ممتعة وشحيحة فى آن، تحتاج لمزيد من الإضاءة، كذلك الحال بالنسبة للعديد من العناصر والوجوه، فالواضح أن أمير رمسيس، الحائر تجاه المادة الوفيرة التى حصدها، قرر، متهورا وضعها كلها، فى شريط واحد، مما جعل الفيلم الثرى، يبدو مترنحا،، حمولته أكبر من طاقته.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات