قبائل سيناء ونصيحة ماو تسى تونج - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 12:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبائل سيناء ونصيحة ماو تسى تونج

نشر فى : الإثنين 11 مايو 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 11 مايو 2015 - 9:25 ص

«يجب على من يتبعون أسلوب حرب العصابات أن يسبحوا بين الناس كما يسبح السمك فى البحر».. هذه نصيحة استراتيجية للزعيم الصينى «ماو تسى تونج» يعرفها كل من له علاقة بحروب العصابات أو مكافحة التمرد المسلح، وبالتالى لكى تقمع تمردا مسلحا عليك بعزل المتمردين عن الناس، عندها سيخرج السمك من البحر، ليصبح مصيره الموت، ولو بالتحلل، أو بضعف القدرة على التأثير.

إعلان «الترابين» وعدد من قبائل سيناء عن تصديهم للإرهابيين، كل فى نطاقه الجغرافى الممتد على أرض شبه الجزيرة، وحرمانهم من الاحتماء به، مع تقديم المعلومات للجيش عن تحركاتهم هو حرمان للإرهابيين من السباحة بين الناس، وهو ما يحد من قدرتهم على الاختفاء والتمويه قبل وأثناء وبعد تنفيذ العمليات الإرهابية.. وهو ما سيجعل مصيرهم كمصير السمك الذى خرج من البحر.

بعد الضجة التى أثارها إعلان القبائل بشأن التصدى للإرهابيين، وانقسام الناس بين مؤيد ومعارض لهذا الإعلان، تحدثت إلى أحد شيوخ «الترابين» الكبار، فوجدت أنه مدرك تماما لأهمية حرمان الإرهابيين من السباحة بين الناس «ذهبنا لكل من له ولاية على عنصر من العناصر المنخرطة مع الإرهابيين وقلنا لهم: ارفعوا الغطاء عن هؤلاء الخارجين على الوطن والقبيلة؛ فمن الناس من سلم ابنه للسلطات، ومنهم من طرده من حماية القبيلة».

المفاجأة ــ بحسب الشيخ ــ أن العناصر التى طردت من القبائل «صارت عبئا على الجماعات الإرهابية؛ لأنها كانت تستغل وجودهم بين الناس فى جمع المعلومات عن تحركات القوات، وإشاعة الروح الكارهة للدولة، وتبرير جرائم الإرهابيين».

وعندما سألته عن موانع استغلال هؤلاء الشباب فى تنفيذ العمليات الإرهابية قال «لا توجد موانع، لكن الاعتماد الرئيسى فى التفجيرات والأعمال الانتحارية يكون على أولئك القادمين من الوادى والدلتا، أما أعمال التخطيط والتدريب فهى موكلة إلى العناصر الأجنبية التى جاءت إلى سيناء محملة بخبرات قتالية سابقة سواء فى العراق وسوريا وأفغانستان، والاستفادة من السيناوية يكون فى جمع المعلومات بالدرجة الأولى».

سألته عن سر الإعلان المفاجئ عن وقوف القبائل مع الدولة، فقال: «إن هذا العمل ليس وليد اليوم، ويتم التحضير له منذ وقت طويل، بين رجال وطنيين من القبائل والأجهزة الأمنية، وهؤلاء الرجال لا يظهرون فى الإعلام، وأتمنى أن يأتى اليوم الذى يتم الكشف فيه عن دورهم المشرف».
واجهت الشيخ بالشكوك المثارة بشأن التزام الشباب بقرارات شيوخ القبائل، فقال: «هناك بعض الغضب من تخاذل الشيوخ الرسميين فى الدفاع عن حقوق القبائل منذ تعرضت للظلم فى حكم مبارك، لكن القبائل بها رجال يحظون بتأثير معنوى كبير على الشباب وهؤلاء ليسوا شيوخا رسميين، ووقفوا خلف قرار محاربة الإرهاب».

الرجل شدد على أن «مخاوف البعض من حدوث اقتتال بين القبائل غير مبررة، فالأمر كله منسق مع أجهزة الدولة، وكل قبيلة تحترم نطاقات القبائل الأخرى، والجميع مصمم على دحر الإرهاب».

إهمال الدولة مع الفراغ الأمنى الكبير الذى تشهده المنطقة (ج) المتاخمة لخط الحدود الدولية، بموجب اتفاقية السلام مع إسرائيل، خلق طبقة من الأثرياء الجدد فى سيناء المعتمدين على تهريب البضائع والاتجار فى البشر والأعضاء البشرية والمخدرات والسلاح وأخيرا ممارسة الإرهاب، فبعض قادة «أنصار بيت المقدس» الإرهابى كانوا يعملون فى تجارة المخدرات وتهريب الأفارقة إلى إسرائيل، وبحسب الشيخ الذى تحدثت إليه «فإنه لم يكن من السهل على القبائل الكبيرة أن تسكت على عربدة هؤلاء المجرمين الذين يريدون فرض كلمتهم عليها، والوقوف فى وجه الدولة».

إن المجهود الرئيسى لهؤلاء المجرمين والإرهابيين، هو الحيلولة دون سيطرة الدولة على سيناء، لتظل منطقة رخوة فى خاصرة مصر، وهو وضع تريده قوى داخلية وخارجية.. فهل نتحرك للقضاء على كل هذه الموبقات التى ترتكب فى سيناء بالمصنع والمتجر والمدرسة والملعب، بجوار البندقية والمدفع؟

kaboubakr@shorouknews.com

التعليقات